الأزمة الحكومية تتتظر قرار إيران

لا يزال اللاعب الإيراني مصرا على التشبث بـ"أوراق إقليمية" لمجابهة العقوبات الأميركية المتصاعده ضده، ويبدو أن لبنان أصبح ورقة من تلك الأوراق، والتعطيل الحكومي هو سلاح التفاوض والمقايضة بين طهران وواشنطن.

بينما يحاول الرؤساء الثلاثة بمؤازرة الأحزاب والقوى السياسية، تأمين الأجواء الإيجابية للدفع بعملية تأليف الحكومة، يتفاجأ المسؤولون ببروز عوامل تطيح بتفاهمات يفترض أن تكون ركائز تؤسس لبناء حكومة وحدة وطنية، تواكب مستجدات المرحلة الراهنة.

ولا يستبعد مراقبون ربط عملية التعطيل الحكومي في لبنان بأحداث المنطقة وما يشوبها من تجاذبات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وما يحصل في العراق على وجه التحديد أنصع دليل على صوابية هذا الرأي.

فالحكومة العراقية كما اللبنانية عصية على التأليف وغير مستكملة بعد تجميد تعيين 8 وزراء لأسباب واهية وغير مقنعة، يحيلها العراقيون أنفسهم لتدخلات إيران ونفوذها داخل بلدهم من خلال العمل على زعزعة استقراره السياسي، بهدف جرّ الإدارة الأميركية نحو طاولة مفاوضات تشمل ملفات المنطقة كلها، الأمر الذي لم يستجب له الأميركيون حتى الآن.

اقرأ أيضاً: لبنان يستبعد الحرب.. ويتسلح بالمجتمع الدولي

حال الحكومة العراقية المعطَّل ينسحب على المشهد في لبنان، وقد أعلنت واشنطن على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو أن حزب الله هو من يعطل تأليف الحكومة اللبنانية، إلا أن الأخيرة لم تعمد إلى التدخل مباشرة لثنيه عن مسعاه في التعطيل، إفساحا في المجال لعقوباتها الضاغطة على البلد الأم “إيران”، فهي الأقدر على لجم حزب الله وإعادة توجيه سلوكه نحو التهدئة.

من جهة أخرى، فإن التسريبات بالنسبة لما حكي عن مبادرة من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون تقضي بالتنازل وتوزير أحد سنّة اللقاء التشاوري من حصته، هي ليست بجديدة، لم تؤكدها كما لم تنفها مصادر مقربة من بعبدا، وأصبحت تثير تساؤلات حول هواجس العهد القوي بقرب استنفاذ وقته الرئاسي وكذلك حول مدى استجابة حزب الله لها.

وفي هذا الإطار، اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب السابق مصطفى علوش أن الأحداث الاخيرة تصب كلها باتجاه استمرار التعطيل من قبل إيران وحليفها حزب الله في لبنان.

وقال علوش في اتصال مع “جنوبية إن “التصريح الذي أطلقه محمود قماطي ومفاده إن ما بعد الجاهلية ليس كما قبلها، ربما يكون مرتبطاً بتوجيه أو ربما بمزايدة من قبل وئام وهاب في إعادة مسألة الوزير الدرزي إلى نقطة الصفر”. أضاف ” كذلك فإن تصريح الوزير فيصل كرامي بتوجيه من محوره أو بغير توجيه، حول الحقيبة الوازنة التي يطالب بها سنة اللقاء التشاوري، بالإضافة إلى الصورة الهزلية التي عُرض من خلالها، تدل على الاستخفاف بالأمر”.

كل الطروحات والمبادرات برأي علوش تذهب باتجاه “انتفاء إمكانية تشكيل حكومة في هذه اللحظة بتوجيه أو على الأقل بحماية من حزب الله”.

وقال علوش “بات معلوما أن حزب الله لا يتحرك استراتيجيا من دون التنسيق مع إيران، كما أن الأمور حاليا عالقة وربما تنتظر حدثا كبيرا أو تسويات كبرى قبل التمكّن من إنتاج حكومة في البلد”.

على الصعيد الاقليمي يظهر المشهد أكثر وضوحا، وهو يدل على أن السيناريوهات مفتوحة على احتمالات درامية، خصوصا بعد تصعيد الإدارة الأميركية مواقفها السياسية والعسكرية تجاه إيران وحلفائها، من خلال دعمها إسرائيل وإعطائها الضوء الأخضر لبسط يدها في عملية “درع الشمال”، كذلك إرسال واشنطن لسفن بحرية أميركية تتقدمها حاملة الطائرات النووية “يو أس أس جون ستينيس” التي رست في منطقة الخليج العربي.

السابق
ملحم زين: وجعنا أبدي.. نحن شعب فاسد يستحق حكاما فاسدين
التالي
ادرعي: أتحدى «الجديد» ليتفقدوا المكان الصحيح وتعالوا نشوف اذا أمكنكم حزب الله بذلك