عن بضاعة إيران الكاسدة وسياساتها التي انتهت مدة صلاحيتها

اميركا
في لبنان كما في سوريا والعراق واليمن، تحاول ايران لعب نفس الدور الذي لعبته منذ سنوات بمقايضة نفوذها في تلك البلدان وتحقيق مصالحها، مقابل بيع خدمات فيها للغرب والشرق كي يطول عمر نظامها الديني الذي اصبح يضيق به ذرعا الداخل والخارج على حدّ سواء.

في العراق يعرض الجنرال الايراني قاسم سليماني الذي يشرف على ملف العراق بنفسه وزارتي الدفاع والداخلية للبيع، ولكن الى الان لم يتقدّم  المبعوث الأميركي “بريت ماكغورك” كي يشتري أيّا من تلك الوزارتين، فقد انتهى عهد المقايضات، رغم الاغراءات الكثيرة والتلويح لواشنطن بالاستعداد لتوزير نائب من كتلة أياد علاوي وهو الزعيم التاريخي المعارض لنفوذ ايران، وكذلك  رغم التلويح بتوزير احد الوجوه الصديقة لأميركا للداخلية، ولكن الانتظار طال وبضاعة ايران لم تُشرَ بعد، والحكومة العراقية ما زالت عالقة غير مستكملة الحقائب بانتظار ما سوف يكون.

اقرأ أيضاً: إيران إلى أين؟

وفي لبنان يقوم حزب الله ربيب إيران وعصاها، بعرقلة تأليف الحكومة اللبنانية وهو بعد ان آيس من خلاف مسيحي – مسيحي، أو خلاف سنّي – مسيحي يستعصي، فيؤخّر تشكيل حكومة سعد الحريري، لم يجد مناصا من الدخول مباشرة على خطّ العرقلة، فأعلن بلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله انه لن يقبل الا بتوزير أحد من أتباعه من نواب السنّة في الحكومة المقبلة، وذلك في طرح هو تحدّ صريح لـ80 بالمئة من الطائفة الاسلامية السنية، القصد منه تكتيكيا تحجيم الرئيس الحريري، والمقصود منه استراتيجيا هو تجميد العمل السياسي والحكومي في لبنان بانتظار تدخّل غربي يبيعه الحزب للأميركيين وحتى للأوروبيين إن امكن، ولكن أيضا وكما في العراق، فان أحدا من الغربيين لم يتقدم كعادته، للحديث مع صاحب “السلاح المقاوم” من اجل شراء استقرار لبنان السياسي والنظر الى الثمن المقابل.

ولعلّ فشل مؤتمر آستانة حول مستقبل سوريا الذي عقد اول امس، يعكس حجم اللامبالاة الأميركية بما يخططه ويسعى اليه أقطاب المؤتمر روسيا وتركيا وايران من مصالح خاصة بعيدا عن ثوابت مؤتمر “جنيف” لحلّ الازمة السورية والذي لا تعترف أميركا بغيره كخارطة طريق وهو يقضي بهذه المرحلة كتابة دستور جديد لسوريا، وسحب القوات الاجنبية كلها من اراضيه بما فيها القوات الروسية والايرانية والعناصر التابعة لحزب الله، وذلك من اجل تنظيم انتخابات تشمل جميع الاراضي السورية واللاجئين في الخارج.

إذن، بضاعة ايران السياسية باتت كاسدة، وان عرضتها جملة مع شركائها الروس والاتراك، وهي اصبحت منتهية الصلاحية، فسياسة المقايضة عفا عليها الزمن، كما ان سياسة إرغام اميركا على القبول بالسيء الايراني من اجل التخلّص من الخصم الأسوأ لم تعد تجدي نفعا، وترامب اعلنها صراحة، يريد خنق إيران اقتصاديا لإخضاعها وإجبارها على تنفيذ الشروط الـ12، التي تقضي اضافة الى وقف تخصيب اليورانيوم ووقف البرنامج الصاروخي، تقضي ايضا بالزام ايران ان تكف يدها في المنطقة وتتراجع عن التدخل فيها، وان تنسحب القوات الايرانية من سوريا وتجبر حلفاءها على الانسحاب ايضا، وان توقف دعم مليشياتها وتسليحها في العراق ولبنان واليمن.

اقرأ أيضاً: هل تحقق العقوبات على إيران ما يريده ترامب؟

لن ينجح السمساران الروسي والتركي بعد الان في تسويق تسويات وهُدن مؤقتة، فالاستراتيجية الايرانية التي كانت تقضي بالهيمنة على البلدان الفاشلة المحيطة بها واستخدامها كرهينة لتنفيذ مطالبها او لحماية نظامها من العقوبات لم تعد فعالة، والمتوقع ان تبقى العقوبات الأميركية وان وتتمدّد، والملف النووي لن يعود للحياة قبل موافقة ايران على تعديله بشروط جديدة، ولن تُحلّ للازمة السورية قبل كتابة دستور جديد وتخرج على اثره قوات ايران وحلفائها، ولن يتم الربط بين الملف النووي مقابل مصالح اميركا في العراق حتى لو عيّن قاسم سليماني احد اعوانه في الحشد الشعبي وزيرا الداخلية وعيّن المالكي وزيرا للدفاع، ولن تتوقف اميركا عن محاصرة حزب الله بالعقوبات حتى لو أزاح الحزب سعد الحريري، وفرضه مكانه عبد الرحيم مراد مثلا، رئيسا للحكومة.

المصادر الاميركية تؤكد ان بوارجها في الخليج لن تطلق طلقة واحدة في المرحلة الصعبة والخطيرة المقبلة، التي ستشهد تشديد العقوبات على إيران وخنقها اقتصاديا لاخضاعها سياسيا، ولكن اذا بادرت الأخيرة بالحرب، أصالة أو وكالة فإن لكل حادث حديث.

السابق
تحقيق دولي غربي وشرق أوسطي: حزب الله يخترق القضاء الجيش والمصارف
التالي
الأيزيديون يلغون «المهر» لإفساح المجال أمام الحب والزواج!