سما السورية.. تعاني بسبب اللجوء ولكن أين الوطن كي تعود؟!

اللجوء السوري
منذ بدء الأحداث في سورية عام 2011 لجأ ملايين السوريين إلى خارج حدود بلادهم خوفاعلى أرواحهم، وفي قصة سابقة عرض "أبو زهير" لمأساة رحلته البحرية المأساوية التي كادت ان تودي بحياته وحياة عائلته قبل وصوله الى الساحل الايطالي، واليوم نعرض قصة "سما".

سما تبلغ أيضاً 38 عاماً لكنها امرأة مطلقة ولديها ابنان (13 عاماً و12 عاماً) وهي تحمل دبلوم تمريض وكانت تعمل ممرضة في حمص قبل الحوادث السورية. بعد عام 2012 تركت حمص إلى لبنان ولكنها لم تجد عملاً بالتمريض، عملت في مطاعم ومحلات بيع بالمفرق، تعرضت إلى تعنيف جسدي ونفسي أدى ذلك إلى طلاقها عام 2014، كذلك تعرضت للتحرش في جميع الأمكنة التي عملت فيها وكل ذلك مسجل في ملفها لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ووصلت إلى إيطاليا عبر الممرات الإنسانية عام 2018.

تقول سما: “اللجوء إلى إيطاليا كان الحل الوحيد أمامي، لبنان بلد صغير وأوضاعه الاقتصادية صعبة وشعبه يعاني الأمرين، وكان صعباً علي أن أبقى هناك بدون زوج وبدون أهل، رفضت تركيا منحي سمة دخول، شعرت أني أعيش في سجن، وإيطاليا كان الخيار الوحيد الموجود أمامي للخروج من السجن.

واليوم أعيش مع أختي المطلقة ولديها ولدان أيضاً في منزل واحد يحوي غرفتين مع حمام واحد ومطبخ وصوفا واحدة لستة أشخاص. أشعر بعدم الاستقلالية”.

اقرأ أيضاً: لاجئون سوريون يعانون في إيطاليا ولكن… «نعيش بكرامة»

تصمت لحظات وتضيف: العيش هنا بدون رجل صعب جداً، كي نتعاون على تأمين المصاريف. الآن الجمعية تساعدنا لمدة سنة ويمكن التجديد لنصف سنة أخرى، بعد ذلك مصيرنا مجهول. خصوصاً في غياب فرص عمل، وأنا محجبة، وأواجه مشكلة بشهادتي إذ أن المطلوب للعامل من يحمل إجازة جامعية.

وعن العلاقة مع الجمعية المشرفة عليها، توضح سما: أعتقد أن المندوبين لا خبرة لديهم، عند وصولنا لم يخبرونا عن مواقف الباصات وعن السوق العام. اضطررت للنزول إلى الشارع والتفاهم بالإشارة مع الناس، قضينا معظم الوقت في المنزل، المترجم لا يساعدنا لأنه لا يعرف الترجمة، وإذا أبدينا ملاحظة يجيبنا المترجم العربي: احمدي ربك بعدك عايشة!

لكن من جهة أخرى تصف سما الإجراءات في مؤسسات الدولية بالسهلة وتوضح: “إذا كنت تعرف لغة أجنبية، فالعلاقة مع الشرطة، البلدية، المحكمة تكون طبيعية، إنه شعب لطيف غير عنصري، الصعوبة باللغة فحسب”.

وتستطرد: لكن الوضع الصحي صعب جداً إذا مرض أحد أفراد العائلة فإن موعد الطبيب يكون بعد 10 أيام على الأقل، وإذا اتصلت بالجمعية الجواب حاضر أعطي طفلك حبة اسبرين. وإذا امتنعت عن إرساله إلى المدرسة تأتيت المندوبة وتوبخني في حين أن المدرسة ممتازة جداً يعاملون أطفالي بطريقة جيدة وأبنائي يشعرون باندماجهم مع رفاقهم”.

وعن هواجسها في المستقبل، تقول سما: “أفكر أنا كامرأة بعد 6 أشهر ماذا سيحصل، ستلغى المساعدة ويبقى المنزل لستة أشهر أخرى، فماذا أفعل؟ لا فرص عمل بطريقة قانونية وإذا وجدت عملاً بطريقة غير قانونية سأتعرض للاستغلال كما يحصل في الدول العربية.

وهناك هاجس آخر أن الدولة تأخذ الأولاد إذا لم أستطع تأمين حياتهم وهذا أكبر هاجس، أنا رحلت من لبنان من أجل أولادي، يجب أن أجد حلاً لذلك والآن أتابع شؤون المنزل، ومدرسة أبنائي أوصلهم إليها وأعيدهم إلى المنزل وذلك يأخذ مني نحو 16 ساعة يومياً، يكاد رأسي ينفجر من التفكير بالمستقبل.

وعن العلاقة مع اللاجئين السوريين الآخرين تقول سما: العلاقة مع اللاجئين السوريين صعب جداً كل عائلة وضعوها في مدينة وأقرب مدينة تبعد ساعة ولا أملك المال الكافي للقيام بزيارة ولو مرة شهرياً. ويمكن القول أن هناك حساسية بين لاجئ وصل عن طريق البحر وآخر من طريق الطائرة. لكني عاتبة على الجمعيات التي لا تتمتع بأي مهنية، وهي لا تقول للسلطات الإيطالية الحقيقة وتحاول الجمعيات أن تبدو بنظر السلطات أنها تقوم بواجباتها على أكمل وجه، هناك تأخير بعملها على جميع المستويات.. أنا شخصياً أعاني من حرب نفسية، المترجمة دائماً تطلب منا التوفير حتى بالأكل وتقول: الاتي أصعب، وأحدهم قال لي: نعم في إيطاليا لا توجد فرص عمل، لماذا أتيتم؟

وتحاول سما الإشارة إلى موضوع آخر وتقول: هناك فارق بين ما أخبرونا به في لبنان وما وجدناه وهنا، في لبنان قالوا أنهم مسؤولون عن كل شيء إلا طبابة الأسنان. هنا وجدنا حتى الرحلات المدروسة ممنوعة للأطفال لأنها ترفيهية من وجهة نظرهم، هنا لا يفرقون بين عائلة مع رجل وعائلة بدون رجل ولا يعرفون أن الوضع بالنسبة لنا مختلف.

أفكر دائماً بتأمين عمل كي أحافظ على أبنائي، أو أفكر بالذهاب إلى بلد آخر لكني لا أعرف ماذا يحصل معي بعد ذلك. يقولون لنا أمنوا عملاً، مثلاً وجدت قرب مدرسة أبنائي كشكاً مقفلاً طلبت منهم مساعدتي لفتحه تجاهلوا الموضوع والآن أطلب من رجال الأعمال السوريين مساعدات لفتح مشاريع صغيرة للاجئين، كذلك الجمعيات نفسها تستطيع أن تؤمن لنا هذه المساعدة وتتركنا بعد ذلك.

وعن عودتها إلى الوطن إذا استقرت الأحوال، تجيب سما بعصبية: عن أي وطن تتحدث، قبل الأحداث لم يكن وطناً بل مزرعة لأصحاب السلطة. عملت 12 عاماً لم أستطع تأمين شقة لي ولعائلتي، وبقيت ست سنوات أتنقل من منزل إلى آخر بالإيجار، عن أي وطن تتحدث كي أعود إليه؟

السابق
المدعي العام التمييزي يقبل الإخبار المقدم بوجه المدعو وئام وهاب شعبان
التالي
محمد يونس: التلوّث يمنع مصلحة للّيطاني من ممارسة دورها