تحقيق دولي غربي وشرق أوسطي: حزب الله يخترق القضاء الجيش والمصارف

حزب الله
لم يعد الحديث عن اختراق حزب الله الواسع لكل مرافق الدولة ومؤسساتها وللجيش والجسم القضائي والقطاع المصرفي مجرد اتهامات سياسية أو تحليلات، فقد بين تقرير استخباري يعرض نتائج تحقيقات دولية تمت بمشاركة عدة دول، ونشرته جريدة الرؤية الإماراتية مؤخرا، أن حجم هذا الاختراق أكبر بكثير من كل التكهنات والتحليلات، وأنه وصل إلى حدود لم يعد ممكنا معها الفصل بينه وبين الحكومة وبين مؤسسات الدولة والقطاع المصرفي والجيش الجسم القضائي ، وتاليا فإن التعامل الدولي مع لبنان بات ينطلق من مسلمة تؤكدها المعلومات الاستخبارية والتي تقول إن لبنان قد تحول بشكل لاجدال فيه إلى دولة حزب الله.

كشفت نتائج تحقيق دولي سري، شاركت فيه وكالات استخبارات غربية وشرق أوسطية، بمساعدة لبنانية، عظم تغلغل حزب الله اللبناني وسيطرته على مؤسسات الدولة اللبنانية، بما يتعارض مع جهود المجتمع الدولي لتقوية الدولة اللبنانية وتعزيز قرارها السيادي. وخلص التحقيق إلى أن تأثير حزب الله في مفاصل الدولة اللبنانية أكبر بكثير مما كان متوقعاً، وأنه سيكون صعباً على الدول الغربية التمييز، ولو بجزء من صغير، إن كانت الحكومة اللبنانية بمنأى عن اختراق الحزب.

وأظهر التحقيق للمرة الأولى نشاطاً مكثفاً داخل مؤسسات الدولة لـ «الوحدة 900» في حزب الله، التي تعرف أيضاً بـ «الوحدة الأمنية» ويقودها القيادي الرفيع في الحزب يوسف نادر والمعروف بالاسم الحركي «عزالدين».

وتمكنت الخلية الاستخبارية، التي تتولى التحقيق، من الكشف عن لائحة طويلة من عملاء الصف الأول تحركهم «الوحدة 900» يعملون في مناصب رفيعة المستوى، بينهم مديرو وزارات ومكاتب حكومية ومديرو مصارف وضباط من مختلف الرتب في الجيش والقوى الأمنية، إلى جانب قضاة ومسؤولين في السلك العدلي.

اقرأ أيضاً: الحكم على «وسيط حزب الله» في «قضية الأرز».. كيف سهّلت ألمانيا عمل الشبكة؟

ويشير التحقيق إلى أن عدداً كبيراً من المسؤولين الحكوميين الذي يلتقون قياديين في حزب الله علناً لأغراض مثل التنسيق السياسي والعلاقات السياسية العادية تبيّن أنهم يدارون من قبل ضباط في «الوحدة الأمنية»، وأنهم يزودون الحزب بمعلومات حساسة بطريقة غير قانونية ومن دون إذن أو تفويض، وبعض هذه المعلومات تستخدم في أعمال ابتزاز مالي وتهديدات وفساد قضائي.

وبحسب التقرير الاستخباراتي الذي اطلعت «الرؤية» عليه، تمكنت الخلية الاستخبارية من الكشف عن هوية شخصيتين محوريّتين في حزب الله تتوليان التواصل مع العملاء «رفيعي المستوى» داخل مؤسسات الحكومة، هما: سعيد يوسف بيرم، وحسن نزيه صالح، وأنه عبّر مراقبتهما وتتبع لقائهما جرى الكشف عن هويات عناصر وعملاء لـ «الوحدة 900».

ويكشف التقرير عن لقاءات سرية بين مسؤول أمني وضباط «الوحدة 900» أثار استغراب مسؤولين أمنيين غربيين اطلعوا على التحقيق وكانوا عقدوا اجتماعات حساسة عدة مع هذه الشخصية، تتعلق بالمساعدات العسكرية للبنان، دون أن يعلموا أن مضمون تلك الاجتماعات سيتسرب بالكامل إلى حزب الله.

ويشير التقرير إلى رصد آثار لحزب الله داخل الجيش، ويتحدث تحديداً عن صلة بين «الوحدة 900» والمدير السابق لمكتب قائد الجيش العميد محمد الحسيني، وكذلك قائد الاستخبارات العسكرية السابق العميد كميل ضاهر. ويؤكد التقرير أن الحسيني كان بطل فضيحة أخفيت تفاصيلها عن أعين الشعب اللبناني ووسائل الإعلام. ووفق المصادر، اتهم رئيس الجمهورية ميشال عون وقائد الجيش العماد جوزيف عون العميد الحسيني في بداية العام 2018 بتلقي مئات آلاف الدولارات خلال سنوات مقابل تقديم معلومات وترقية عملاء داخل الجيش عيّنهم حزب الله وحركة أمل.

وأقيل الحسيني من منصبه من دون أي إجراءات عقابية لعدم إحراج حزب الله أو تعريض التحالف بين الرئيس عون والحزب للخطر.

من جهة أخرى، يلفت التقرير إلى أن الهم الأكبر للدول التي تمنح لبنان ملايين الدولارات من المساعدات هو مدى تغلغل حزب الله في المؤسسات المالية والمصرفية.

ونتيجة للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حزب الله، تسعى الحكومة اللبنانية لحماية النظام المصرفي والاقتصادي من الاختراق.

وأبلغت مصادر تعمل في القطاع المصرفي أن المصارف اللبنانية تتولى أنشطة حزب الله المالية بطريقة سرية بهدف عدم الإضرار بالاقتصاد، لكنهم يواجهون صعوبات لأن مسؤولين كباراً في الحكومة والمصارف يعملون لمصلحة الحزب.

ويشير التحقيق إلى أنه لم يجر اتخاذ أي إجراءات من قبل السلطات الحكومية بحق متعاملين كبار مع حزب الله، أحدهم مسؤول رفيع جداً في مصرف لبنان (البنك المركزي) بيّن التحقيق الدولي تورطه في تحويلات مالية لمصلحة الحزب، فضلاً عن أحد أعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وهو صهر مسؤول أمني رفيع في حزب الله وشغل سابقاً مقعداً في مجلس إدارة البنك الكندي الذي أقفل بعد كشف تورطه في غسل الأموال للحزب.

وكشف التحقيق، الذي اطلعت «الرؤية» على فحواه، محاولات «الوحدة 900» التأثير في القيادة السياسية. وتمكن المحققون من التأكيد أن مسؤولاً حكومياً رفيعاً شغل منصب محافظ ومنصباً في إدارة حماية المستهلك ومديراً عاماً لوزارة مهمة جداً، هو أحد مصادر «الوحدة 900».

وبحسب التحقيق، وفرت العلاقة مع هذا الشخص لحزب الله وصولاً إلى معلومات داخلية عن أنشطة رئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء آخرين.

وتسلّط هذه المعلومة الضوء على تأثير هذا الشخص المحتمل في مناقشات حكومية وعمله لتحقيق مصالح حزب الله في نطاق واسع من القطاعات التي عمل بها.

اقرأ أيضاً: ضابط اميركي لـ الراي: حزب الله الوحيد لا يملك بصمة الكترونية تتيح التجسس عليه

وتوصل التحقيق إلى أن «الوحدة 900» تملك مصادر في الحلقة الداخلية للرئيس عون ورئيس البرلمان نبيه بري المتحالفين مع الحزب، الأمر الذي يثير التساؤل حول الهدف من إبقائهما تحت المراقبة الدقيقة.

وعلّقت مصادر لبنانية، اطلعت على نتائج التحقيق، بأن حزب الله يعتبر أن المعلومات التي تمكّنه من إبقاء حلفائه تحت سيطرته بنفس أهمية المعلومات عن خصومه.

وتشير هذه المصادر إلى أن المعلومات الحساسة أو المحرجة التي تكتشفها «الوحدة 900» عن بعض السياسيين تستخدم لابتزازهم وإجبارهم على تنفيذ إملاءات الحزب. ولذلك زرعت الوحدة عملاء في أعلى المناصب القضائية والسلك العدلي والضابطة العدلية، بينهم مسؤول كبير في معهد القضاء العالي، نتحفظ عن ذكر اسمه، وقضاة آخرون لم يكشف التحقيق أصلاً عن أسمائهم، لخطورة التحقيقات التي تجري بحقهم.

وشبهت المصادر اللبنانية عمل «الوحدة 900» بالنظام الأمني السوري اللبناني في عهد الوصاية السورية عندما كان رستم غزالي أو غازي كنعان يحكمان لبنان بقبضة من حديد، وتضيف هذه المصادر أنه «بدل سوريا أصبح لبنان تحت الوصاية الإيرانية».

السابق
بالفيديو: احلام تتغزّل بنفسها وتعرض صورها
التالي
عن بضاعة إيران الكاسدة وسياساتها التي انتهت مدة صلاحيتها