مداهمات الجيش لعرسال.. أمنية أو سياسية؟

النازحين السوريين
أوضحت مصادر قانونية لجنوبية أن القانون لا يسمح بتوقيف أي شخص من دون وجود حالة الجرم المشهود أو مذكّرة توقيف بحقه، فعلى الرغم من توجيه بعض التهم لعدد من الموقوفين، إضافة إلى توقيف مطلوبين بموجب مذكرات توقيف، الا أنه تم توقيف عدد من اللاجئين من دون وجود إشارات قضائية، أو تهم بجرائم مرتكبة، أو مذكّرات توقيف صادرة بحقهم، مما يثير الجدل مجدداً حول الغاية من هذا النوع من التوقيفات.

تستمر المداهمات الدورية التي يقوم بها الجيش اللبناني في مخيمات اللاجئين السوريين وخصوصا في عرسال، بحيث أعلنت قيادة الجيش في بيان، عن توقيف 48 شخصاً، سبقه بيوم، بيان آخر أعلنت فيه القيادة عن توقيف قرابة ال400 شخصاً، وتم تسليمهم إلى المرجع المختصة وبوشر التحقيق معهم.

وكان من بين الموقوفين بعض المطلوبين بموجب مذكرات توقيف، وآخرين دون أوراق ثبوتية، إضافة إلى أشخاص ضُبط بحوزتهم أعتدة ومعدات عسكرية وإلكترونية، وآخرين بحوزتهم أوراق منتهية الصلاحية. وأشارت مصادر عن أنه “تم تسليم من بحوزتهم أوراق منتهية الصلاحية ومن لا يمتلكون أوراقا ثبوتية إلى الأمن العام لتسوية أوضاعهم”.

وتعليقاً على الموضوع، قال رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري، في حديث لجنوبية، أنه من المنظور الأمني، لا يعلم مدى أهمية هذه المداهمات التي يقوم بها الجيش، وما الدافع منها، في ظل نشاط الدوريات الخفيفة الطبيعية لتوقيف مطلوبين، واعتبر أنه لا يوجد أي ضرورة للحملات العسكرية الكبيرة.

اقرأ أيضاً: ما صحة اعتقال عدد كبير من النازحين السوريين في عرسال؟

وأضاف أنه كان يفضل الاعتماد فقط على الدوريات الخفيفة، التي تستهدف المطلوبين حصراً، دون التعرض لغيرهم، وذلك لأن الاعتقالات الأخيرة شملت توقيف حوالي ال400 شخص، بينهم عدد قليل جداً من المطلوبين، ومن ثم تم اطلاق سراح أغلب الباقين، الذين لم يكونوا مطلوبين أصلاً، مشيراً الى أنه لم يطّلع على آلية التحقيق الذي حصل، من قبل النازحين المطلق سراحهم.

وأكد أن هذه العملية الواسعة التي حصلت منذ يومين، حصل مثلها سابقاً لمرة واحدة منذ فترة وجيزة، وتم على إثرها توقيف عدداً من تجار المخدرات ومروجيها، وهذا أمر جيد، ولكن لا يجب أن نشمل مع هؤلاء كل محيطهم، فاذا كان هناك تاجر مخدرات في حيّ معين، لا يمكن توقيف الحيّ كله.

في هذا الإطار، أوضحت مصادر قانونية لجنوبية أن القانون لا يسمح بتوقيف أي شخص من دون وجود حالة الجرم المشهود أو مذكّرة توقيف بحقه، فعلى الرغم من توجيه بعض التهم لعدد من الموقوفين، إضافة إلى توقيف مطلوبين بموجب مذكرات توقيف، الا أنه تم توقيف عدد من اللاجئين من دون وجود إشارات قضائية، أو تهم بجرائم مرتكبة، أو مذكّرات توقيف صادرة بحقهم، مما يثير الجدل مجدداً حول الغاية من هذا النوع من التوقيفات.

هل الأسباب سياسية؟

يضع لبنان الرسمي ملف النازحين السوريين في سلّم أولوياته، فدائماً ما يتطرق الرئيس ميشال عون للموضوع ويعرضه على المجتمع الدولي بهدف الحث على تأمين عودة طوعية للنازحين البالغ عددهم أكثر من مليون شخص، مشدداً على أن معظم الأراضي السورية باتت آمنة، ولم يعد هناك من سبب للبقاء في لبنان، إلا أن التجاوب مع هذا المطلب لم يأت على الشكل المطلوب.

وفي خصوص المبادرة الروسية لتأمين عودة النازحين السوريين، الذي عمل عليها مستشار الرئيس المكلف سعد الحريري جورج شعبان، أكد عون في إطلالته في ذكرى انتخابه الثانية، أنها جُمّدت.

ومن المعروف أن لبنان لا يملك القدرة على الانسحاب من التزاماته الدولية تجاه النازحين وإرغامهم على العودة، خصوصاً أن القانون الدولي يحميهم. إضافة إلى أن لبنان يتلقى المساعدات الدولية، لجميع برامجه المحلية، بما فيها مساعدة الجيش اللبناني. وبالتالي قد يكون التضييق الأمني، كما حصل في عرسال، يأتي بهدف دفع النازح إلى الرحيل “طواعية”.

ولا تبدو الأوضاع مطمئنة للنازحين للعودة إلى سورية حالياً، وخصوصاً بعد تصريح وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي عن أن النظام السوري يعتدي على النازحين العائدين، إلا أن هذا الكلام قوبل بتأكيدات رسمية عن عدم التعرض لأي نازح عائد.
الحكومة السورية “المؤقتة” تستنكر
أدانت الحكومة السورية المؤقتة، في بيان، توقيفات الجيش لمئات النازحين السوريين في مخيم عرسال، وقالت إن هذه الممارسات منافية لكل الأعراف الإنسانية والدولية وقوانين حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين وتهدف إلى إجبار اللاجئين على العودة القسرية إلى سوريا.

اقرأ أيضاً: سما السورية.. تعاني بسبب اللجوء ولكن أين الوطن كي تعود؟!

وأضافت الحكومة، في بيانها، أن اللاجئين الذين يجبرون على العودة، ينتظر الكثير منهم مصير مجهول وهو ما حصل بالفعل مع الكثير ممن عادوا إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري سابقًا.
هل يتكرر سيناريو صيف 2017؟
في صيف عام 2017، أثار توقيف عشرات النازحين السوريين جدلا واسعا في لبنان، خصوصا بعدما أعلن الجيش عن وفاة 4 منهم، وانتشار صور تظهر عشرات النازحين ممددين على الأرض عراة الصدور وموثوقي الأيدي تحت الشمس، ويقف بينهم جنود الجيش.

وطالبت منظمات حقوقية حينها السلطات بإجراء تحقيق، على خلفية شكوك عن وفاتهم جراء تعرضهم للتعذيب.

وأكدت قيادة الجيش حينها أنها فتحت تحقيقاً بالأمر، مشددة على عدم السماح بأي تجاوز، على الرغم من اعلانها لاحقاً أن الوفاة حصلت لأسباب طبيعية، وليس تحت التعذيب

السابق
الغارات الإسرائيلية على سوريا تتواصل فما جدوى منظومة الأس 300؟
التالي
أفكار باسيلية لحل العقدة.. والمستقبل يجدد رفضه توزير سنة 8 آذار