محمد يونس: التلوّث يمنع مصلحة للّيطاني من ممارسة دورها

المهندس محمد يونس
تأمين الري شرط أساسي لنجاح القطاع الزراعي، وخصوصاً إذا كان وضع القطاع جيداً، لكنه يتحول إلى مشكلة تضاف إلى المشكلات التي يعاني منها القطاع الزراعي في الجنوب. لذلك التقت "شؤون جنوبية" رئيس مصلحة التجهيز الريفي في المصلحة الوطنية لنهر الليطاني المهندس محمد يونس لتسليط الضوء على الواقع الزراعي ومشكلاته:

قال يونس: كانت الحمضيات تؤمن دخلاً جيداً للمزارعين، وخصوصاً منطقة الساحل التي كانت تصدر الحمضيات لدول الخليج، وكان البرتقال اللبناني يشكل أفضل الأنواع عالمياً. في تلك الفترة بدأ المزارع بتطوير نفسه. ولجأ إلى استخدام البيوت المحمية (الخيم الزراعية) في نهاية السبعينيات، وصار المزارع ينتج البندورة، الخيار، الباذنجان خارج أيام الموسم وأمنت له مردوداً عالياً جداً، وكانت بداية مثمرة مما زاد من عدد الخيم الزراعية وسمح لعدد كبير من الناس البقاء في أرضهم، وأضاف: لكن بعد ذلك وخصوصاً مع بداية التسعينيات صارت الحمضيات متأخرة والشركات الزراعية لم تتطور مقارنة مع تطور الإنتاج الزراعي في مصر، المغرب، سورية وبكلفة أقل ما جعل الحمضيات اللبنانية خارج ميدان المنافسة، وأدى ذلك إلى إقفال العديد من المشاغل الجنوبية، وتحولت الحمضيات إلى مستوى أدنى ولم تعد قادرة على المنافسة وصار الإنتاج الزراعي يلبي حاجة السوق المحلي فقط، إنتاج عال بنوعية وسط ما يجعل القطاع غير مربح.

أضاف يونس: عندها بدأ يتطور قطاع الموز ولجأ المزارعون إلى نزع الحمضيات وزرع الموز مكانها، خصوصاً أن إنتاج الموز كان يصدر إلى الخارج، وتطور إنتاجه من خلال إنشاء بيوت شبك أي زراعة مشتلات عملاقة، وعلى الرغم ان الكلفة الإنشائية لها مرتفعة أي تصل إلى 4000 دولار للدونم الواحد، لكنه يؤمن إنتاجاً يزيد 2 طن/دونم عن الموز البلدي، وهو نوعية أقرب إلى النوعية الصومالية، والآن صارت المساحة المزروعة موزاً في الجنوب نحو 40 ألف دونم.

اقرأ أيضاً: معضاد رحال: 80% من التعاونيات الزراعية في الجنوب وهميّة!

اختلاف الري

وحول العلاقة بين الإنتاج بالري، أوضح يونس قائلاً: سابقاً كان الري يجري بطريقة التطويف، لكن الآن أصبح الوضع مختلفاً مع غلاء اليد العاملة، وقلة المصادر المائية وترشيد استخدام الأسمدة، إذ في أواخر التسعينيات صارت شبكات الري بالتنقيط والمرشات. كما جرى ترشيد المزارعين باستخدام برامج التسميد، أي استخدام السماد من خلال المياه. وهذا يوحي بأن هناك توجهاً لخفض كمية مياه الري وخفض الاعتماد على اليد العاملة أي خفض الكلفة، وأدى ذلك إلى تحسين ظاهر في الإنتاج 20%، أي جرى تحسين في النوعية والكمية. وأريد أن أشير إلى أن مصلحة الليطاني أعطت حافزاً للمزارعين بأن يجري حسم 30 ألف ل.ل. بالدونم لمن يستخدم سياسة التنقيط في الري.

لكن يبدو أن وضع زراعة الموز بدأ بالتراجع، وأوضح يونس ذلك قائلاً: مع بداية الأحداث في سوريا بدأت الجدوى الاقتصادية للموز بالتراجع وبدأ الدخل من دونم موز بالتناقص من 3 مليون ل.ل. إلى 600 ألف ل.ل. الآن. بقي الموز يربح قليلاً ولكن لا يخسر. لذلك تحول بعض المزارعين إلى زراعة الأفوكادو التي تتطلب عناية كبيرة وتعطي هذه الزراعة إنتاجاً عالياً والأسعار جيدة. وخلال العقد الأخير تمت زارعة نحو 50 ألف غرسة، مما يشكل زراعة بديلة وخصوصاً إدخال أصناف حديثة وقد توجه إلى زراعة الأفوكادو عدد من المزارعين على الرغم من ارتفاع الكلفة الإنشائية أي نحو 8 آلاف دولار للدونم الواحد. وهي زراعة لا يلزمها كميات كبيرة من مياه الري. والآن هناك مناطق مثل الوزاني، برج الشمالي، تتحول إلى الأفوكادو وفي عدلون يجري استبدال الموز بالأفوكادو. وإني أعتقد أنه من الضروري التفكير بزراعات ذات إنتاجية عالية وتوفير باستخدام المياه.

شؤون جنوبية 169

دور مصلحة الليطاني

وعن دور مصلحة الليطاني، قال يونس: تلعب المصلحة الوطنية دوراً إرشادياً للمزارعين وهناك مركز لنا في لبعا (الجنوب) أجرينا تجارب على أصناف جديدة، زرعنا القشطة، وكانت مجدية، زرعنا رمان بأصناف جديدة ونوعيات جيدة وعممنا التجربة على المزارعين في شرق صيدا. لكن الطامة الكبرى التي تواجه مياه الليطاني هي التلوث، مياه الليطاني ملوثة بنسبة عالية، لكن هذا التلوث لم يؤثر بالأشجار المثمرة، نحن نسعى للري بالمياه المبتذلة بعد تكريرها. لدينا خزان طبيعي (القرعون)، تاريخياً كانت المياه تفيض ما يخفف تلوث المياه. الآن 130 مليون م3 في بحيرة القرعون من أصل 220 مليون م3 مما جعل نسبة التلوث إلى ارتفاع. الآن نهر القاسمية يعتمد على الروافد. إلا أن المرامل والطين في المياه تقفل شباك الري وذلك دفع بعض المزارعين إلى تركيب محطات الفلترة وحتى اللحظة لا شكوى من المزارعين من مياه الليطاني، ولكن لدينا مشكلة برك رأس العين، والآن نحاول تقديم دعم فني وإرشادي من خلال عقد اجتماعات مع المشتركين

والمزارعين حول شغل الليطاني وملاحظاتهم عليه، خصوصاً أن المزارع متروك للقدر، وبدون سياسات وطنية عامة، وغياب مبادرات مجدية للمزارعين مثل إقامة تعاونيات زراعية تهتم بالزراعة وصولاً للتسويق كحل مؤقت، لأن المزارع هو الأقل استفادة من خيرات هذا القطاع.

اقرأ أيضاً: إبراهيم الحريري: المزارع يرزح تحت الديون والمطلوب سياسة وطنية مستدامة

وحول مشكلة برك رأس العين، أوضح يونس: تم الاتفاق على استخدام مياه البرك يومين أسبوعياً في المنطقة الممتدة من صور إلى الناقورة، وهي كمية غير كافية. لدينا بئر الحنية لكن مياهه أصيبت بالتملح، ومياه بئر العلية ملوثة، لذلك يجب أن يكون المزارع متعاوناً معنا لأننا قادمون على جفاف.

وحول مشاريع الليطاني المقبلة قال: الأقنية الرئيسية للري على 800 م صارت جاهزة مع خزان مياه أيضاً ويجب أن نبدأ العمل ولكن يجب رفع التلوث في الحوض الأعلى من نهر الليطاني. كما أن أنفاق يحمر – الطيبة مع القساطل صارت جاهزة.

وأريد أن أختم بالقول أن هناك قانونيْ 63 و64 اللذين أعطيا صلاحية الحوكمة للمصلحة أي أن تكون مسؤولة بشكل كامل عن الليطاني وتستطيع التعاون بذلك مع الوزارات المعنية؛ والآن نبحث مع البنك الدولي إنشاء الهيكلية الجديدة لتؤدي المصلحة هذا الدور المسؤول.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 169 خريف 2018)

السابق
سما السورية.. تعاني بسبب اللجوء ولكن أين الوطن كي تعود؟!
التالي
الحرس الثوري: ينبغي تثبيت الانتصارات في لبنان واليمن والعراق وسوريا