معضاد رحال: 80% من التعاونيات الزراعية في الجنوب وهميّة!

لا يمكن فصل أزمة القطاع الزراعي عن أزمة القطاعات الإنتاجية الأخرى إنها أزمة بنيوية تتعلق بالسياسات العامة التي تمارسها السلطات في جميع الميادين. هذا ما حاول أن يوضحه الدكتور في الجامعة اللبنانية معضاد رحال في حديثه لـ"شؤون جنوبية".

يقول رحال: القطاع الزراعي هو جزء من القطاعات الإنتاجية الأخرى، وهي مرتبطة ببعضها البعض. لكن لهذا القطاع خصوصية مميزة بعد التطورات التي لحقت به أما من جهة إهمال السلطة له، وأما بسبب الاعتداءات الإسرائيلية وبعد التطورات التي تجري في سورية.

ويضيف: عندما نقول أنها أزمة بنيوية، أننا نشير إلى نسبة الناتج المحلي من الزراعة مقارنة مع عدد السكان الذين يعتمدون عليها مباشرة أو غير مباشرة. إنها تساهم بنحو 4% من الناتج المحلي في حين يستفيد نحو 45% من السكان من الزراعة وهذا يعني أن مدخول الفرد الذي يستفيد من القطاع الزراعي لا يتعدى 1350 دولار سنوياً.

اقرأ أيضاً: إبراهيم الحريري: المزارع يرزح تحت الديون والمطلوب سياسة وطنية مستدامة

مساعدات طائفية ومذهبية

في حين نرى أن بعض الدراسات التي تركز على القطاعات الريعية تحاول الإيحاء بأن مدخول الفرد اللبناني نحو 11 ألف دولار أميركي سنوياً. ويضيف: إن الأرقام التي أطرحها تؤشر إلى تدني في مستوى معيشة العاملين في القطاع الزراعي وأضيف هنا إلى ان نحو 92 بالمئة من العاملين في هذا القطاع هامشيين بمعنى أنهم لا يستفيدون من قانون العمل، ولا من قوانين الضمان الاجتماعي في حين أن 8% فقط يستفيدون وهم ممن يعملون في الصناعات الغذائية.

شؤون جنوبية 169

وعن المساعدات التي يتلقاها المزارع يوضح رحال: هناك مؤسسات أهلية تقدم قروضاً صغيرة للمزارعين لا تتعدى مبلغ 5 آلاف دولار أميركي، كما هناك مؤسسات تهتم بعمل النساء في الريف وتفرض النساء مبالغ بسيطة، على أن تسدد القرض بتقسيط مريح ولكن إذا حسبنا الفوائد المتراكمة نصل إلى نتيجة أن فوائد القروض أعلى من فوائد المصارف. بالإضافة إلى أن هذه المؤسسات تنحو نحو المذهبية والطائفية، وبالتالي تعترض هذه المؤسسات أبناء وبنات الطائفة والمذهب فحسب.

ويحاول د. رحال: تسليط الضوء على جانب آخر من القطاع الزراعي، هو التعاونيات الزراعية، فيوضح قائلاً: في الجنوب 376 تعاونية زراعية أعتقد أن 70 – 80% منها تعاونيات وهمية، ويعلق وزير الزراعة بأن هذه التعاونيات غير موثوقة في تفسيره لعدم مساعدتها على الرغم من علمه أن معظم التعاونيات الوهمية مدعومة سياسياً، وبالتالي تذهب المساعدات إلى البلديات وهنا الوضع أسوأ فإن البلديات تقدمها للمزارعين المنتمين سياسياً للطرف نفسه الذي تنتمي إليه البلدية. وأعلم أن أكثر من 50 – 60% من التعاونيات تضم كل منا عشرة أعضاء فقط.

اقرأ أيضاً: إبراهيم يونس: الواقع الزراعي في الجنوب مأساوي جداً

عن دور البلديات

ونسأله عن المزروعات فيجيب: أرى أن العوامل التي تساعد على الإنتاج الزراعي مفقودة. ففي الأراضي التي يطلق عليها أراضي مروية فإن 90% من مستخدميها يشترون مياه الري. المياه موجودة لكن الوسائل اللازمة لاستخراجها مفقودة. كما أن المشاريع الخاصة تؤثر على المياه الجوفية وأعطي مثالاً واضحاً: هناك عين الخريبة قرب حلتا والماري، كان المزارعون يستفيدون من مياه العين، لكن أحد النافذين أنشأ مزرعة وحفر بئر مياه ارتوازي، فانقطعت المياه عن المزارعين، وغيره كثر ممن يحفرون أباراً ارتوازية غير مدروسة، كما هناك أصحاب المقاهي الذين يجرون المياه العيون وينشأون مسامك وبحيرات قرب المقاهي. كما أن معاصر الزيتون ترمي كل مخلفاتها في الأنهار هذا بالإضافة إلى شح المياه أصلاً.

ويشير د. رحال إلى دور البلديات فيقول: إننا في الريف نواجه مشكلة كبيرة تتعلق بدور البلديات، إنها لا تلعب دوراً تنموياً ولا تؤمن شروط نجاح أي مشروع زراعي، بالإضافة إلى غياب رأسمال كبير للتوظيف في مشاريع زراعية غير مضمونة النتائج، ومع كل ذلك نرى في الجنوب أن الناس متمسكون بأرضهم وهذا تعبير عن المواطنة الصحيحة كل ذلك بغياب أي دور فعلي للسلطة.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 169 خريف 2018)

السابق
إسمع يا دولة الرئيس (42): حينما يتحوّل «بائع الأحذية» قيدوماً لعلماء الشيعة!
التالي
بالصور.. السلاح الذي ظبطه الجيش وهو متجه إلى الجاهلية