الحكم على «وسيط حزب الله» في «قضية الأرز».. كيف سهّلت ألمانيا عمل الشبكة؟

تبييض الاموال
اعتبر عضو البرلمان الأوروبي والقيادي في حزب الخضرالألماني سفين جيغولد "أنّ ألمانيا باتت مكاناً مثالياً لعمليات منظّمة لتبييض الأموال. وقد بات مسموحاً بأن يدفع أي شخص مبالغ مالية كبيرة نقداً، لشراء العقارات والبضائع الفاخرة، إذ لا توجد قيود قانونية على استخدام المال".

بعد أسبوعين من انشغال القضاء الفرنسي بالتحقيق في قضية الشبكة المتهمة بتبييض أموال المخدرات بين أوروبا ولبنان، التي تعرف بـ”قضية الأرز”، والتي اتُهم أعضاؤها الـ15 أنّهم على علاقة بـ”حزب الله”، خرج القضاء، يوم الأربعاء، بحكم على العميل الأساسي، الذي كان متهمًا بكونه وسيطًا لحزب الله، محمد نور الدين، يقضي بسجنه لمدة 7 سنوات بعد إدانته بتبييض أموال تهريب المخدرات.

وشمل القرار القضائي إدانة لبنانيَين آخرَين متهمَين بتبييض الأموال، فيما تراوحت الأحكام الأخرى بين البراءة أو السجن مع وقف التنفيذ، فضلاً عن حكم غيابي بالسجن على لبنانيّين، في القضية نفسها.

لم يأت الحكم النهائي على ذكر دور لحزب الله بالقضية، ولا عن علاقة نور الدين بالحزب، الذي بدوره نفى أن يكون للحزب أي ارتباط بها، إلى جانب نفيه لأي علم بمصدر الأموال التي نظم جبايتها. فمن هو محمد نور الدين وما علاقته بحزب الله؟

اقرأ أيضاً: هكذا اتُهم «حزب الله» بتبييض الأموال.. الطاحون والفرن كلمتا السرّ

محمد نور الدين (44 عامًا) هو رجل أعمال لبناني واسمه الكامل “محمد مصطفى نور الدين” من قرية ديركيفا قضاء صور، ويمتلك شركة “تريد بوينت انترناشيونال” المالية، التي ذُكرت في عقوبات صادرة عام 2016 عن وزارة الخزانة الأميركية، ويعمل في مجال العقارات والمجوهرات، وكان قد أوقف في فرنسا في العام نفسه بعد تحقيق دولي شمل 7 دول، بينها فرنسا، وبلجيكا، وألمانيا،وإيطاليا.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد فرضت عقوبات عليه لاتهامه بعلاقته مع “حزب الله”، وأنّه يعمل في تبييض الأموال لصالح الحزب، وكانت فرنسا قد أوقفته بسبب المذكرة الأميركية، وقررت تسليمه إلى للسلطات اللبنانية كونه لم يرتكب أي جنحة أو جناية على الأراضي الفرنسية،ألا أن التحقيق معه،بيّن مشاركته في أعمال الشبكة التي تم كشفها.

وعلى الرغم من عدم ذكر “حزب الله” في التقرير الأخير، الا أنه منذ البدء بالتحقيق في القضية وتحديد أعضاء الشبكة وعددهم، أكدت صحيفة “لونوفيل اوبسرفاتور” الفرنسية الأسبوعية تعاون الشبكة مع شبكات دولية للاتجار بالمخدرات وغسل الأموال، كان من أبرزها شبكة كولومبية للاتجار بالمخدرات الصلبة “الكوكايين والهيرويين”، والتي يعود ارتباطها مع “حزب الله” إلى العام 2012، حين كانت الشبكة تبحث عن شريك يتولى تسهيل عملياتها في أوروبا، بعد أن أصبحت محط أنظار السلطات الأوروبية.

وكانت الشبكة تتبع طرقاً مختلفة لغسل عشرات الملايين من اليوروهات، أبرزها شراء السيارات والساعات الفاخرة من أوروبا وإعادة بيعها في لبنان ودول أخرى. ووفق الصحيفة، يتولى اللبناني محمد عمّار الملقب بأليكس قيادة الشبكة التي تعمل لصالح “حزب الله” مع لبنانيين آخرين قيد الاعتقال من بينهم محمد نورالدين. وأشارت إلى تقارير تؤكد تحقيق “حزب الله” المدعوم من إيران مع عدد من عصابات أميركا الجنوبية، نحو 500 مليون دولار سنوياً، من خلال تهريب المخدرات.

هل تشكل ألمانيا مكاناً آمناً لحزب الله؟

تناقلت معلومات عن أن 4 من أفراد الشبكة التي تمت محاكمتها، يقطنون في ألمانيا، اثنان في شمال وستفاليا واثنان آخران في مدينة بريمن. واعتبر عضو البرلمان الأوروبي والقيادي في حزب الخضرالألماني سفين جيغولد “أنّ ألمانيا باتت مكاناً مثالياً لعمليات منظّمة لتبييض الأموال. وقد بات مسموحاً بأن يدفع أي شخص مبالغ مالية كبيرة نقداً، لشراء العقارات والبضائع الفاخرة، إذ لا توجد قيود قانونية على استخدام المال”.

اقرأ أيضاً: تقارير دولية: هكذا يجني حزب الله ثروة من المخدرات وتبييض الاموال

ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن صحف ألمانية محلّية، أنّ الناطق الرسمي لمدعي عام مدينة آخن قال إنّ ثمة 250 مليون يورو استخدمت نقداً، لشراء الأسلحة والسيارات الفاخرة، ولها صلة بالمحاكمة القائمة في باريس. وقد تمّ اعتراض شخصين يقومان بإرسال المال النقدي، بقيمة نصف مليون يورو للشبكة التابعة لحزب الله في مدينة آخن. لكن على الرغم من ذلك ينفي وزير الحزب الديمقراطي المسيحي في وستفاليا وجود أي دعوة لحظر حزب الله في مدينته.

وأضافت الصحيفة أنّ ألمانيا سمحت بإجراء 950 عملية تابعة لحزب الله، منها جمع التبرعات واستقطاب أعضاء جدد، حسب تقارير استخباراتية ألمانية.

ويذكر أن ألمانيا ما زالت تعتبر فقط الجناح العسكري للحزب إرهابياً دون جناحه السياسي، إضافة إلى بعض الدول في الإتحاد الأوروبي.

ما هي “قضية الأرز”؟

تفتح “قضية الأرز” ملفات تمويل “كارتيل ميديين” Medellin cartel وأنشطة الشبكة اللبنانية لإعادة تحويل الأموال إلى كولومبيا بعد توظيفها في شراء مجوهرات وسيارات فاخرة وساعات ثمينة.

والجدير ذكره أنّ “كارتيل ميديين” هي منظمة كولومبية متخصصة في تهريب الكوكايين بين أميركا الجنوبية والولايات المتحدة ويقع مقرها في مدينة ميديين.

وفي التفاصيل، يجري بيع المخدرات ثمّ غسل الأموال التي جُمعت في أوروبا، وبعد ذلك تُرسل إلى لبنان، ومنه الى تجّار كولومبيين.

واستنتج المحققون الذين دققوا في محادثات هاتفية أنّه عندما يقول المهربون “مرسيدس 250″، فهم يقصدون بلغتهم 250 ألف يورو، و”شاحنة” تعني مليون يورو، كذلك فـ”الفرن”، يعني هولندا، أمّا بلجيكا فهي “الطاحون” بلغتهم.

سيعتمد حزب الله الآن على التقرير الأخير الذي لم يخلص إلى تورطه بالشبكة، الا أن التقرير استند على الأدلة المتوفرة، وبتوجيه التهم إلى شخص المتهمين، كمحمد نور الدين وغيره من المدانين بتبييض الأموال، دون التطرق إلى أسماء أو تنظيمات خارج إطار الملف الأساسي، الذي يتناول تبييض أموال المخدرات، ويذكر أن التعامل مع هذا النوع من التنظيم لا يسهل كشفه بكامل خيوطه بسرعة، ولكن الملف لم يغلق بعد، فهل سيعاد ذكر دور الحزب في القضية في قادم الأيام؟

السابق
وهاب: «تقدمنا بشكوى ضد سعد الحريري… لنرى توازن القضاء»!
التالي
باسيل يستعين بالتجربة الصربية لقضم سلسلة الرتب والرواتب