«التجمع اللبناني»: حزب الله يريد كسر المعادلة اللبنانية التي كرسها اتفاق الطائف

ناقش التجمع اللبناني التطورات الأخيرة وأصدر البيان التالي:
أولاً: صار واضحاً أن لبنان يدخل في أزمة جديدة عند كل استحقاق داخلي أو خارجي. فأزمة تشكيل الحكومة ليست إلاّ انعكاساً لأزمات المنطقة وموازين القوى فيها. إن النظام الإيراني لا يخفي نزعته بوضع اليد على لبنان وقد عبّر عن هذا الأمر مرات عديدة، لكن المشكلة لدى المسؤولين اللبنانيين هي في تجاهل الأخطار الخارجية والتلهي بتنازع الحصص بينما يغرق البلد في أزمته الاقتصادية والمالية التي تزيدها التعقيدات السياسية خطورة.

اقرأ أيضاً: قيادي في «تيار المستقبل» عن «سنة حزب الله» أشخاص من هذا المستوى لن يطأوا بيت الوسط

صار واضحاً أن حزب الله يريد كسر المعادلة اللبنانية التي كرسها اتفاق الطائف القائمة على التوازن بين الطوائف اللبنانية. فهو يريد أن تكون طائفة الولي الفقيه، وليس الطائفة الشيعية، هي الطائفة المهيمنة على مقدرات البلد وهو في هذا السبيل يحارب دون هوادة كل صوت شيعي يعارض توجهاته السياسية والاجتماعية والدينية وقد شاهدنا ذلك بوضوح في الانتخابات النيابية الأخيرة في الجنوب والبقاع وفي الانتخابات البلدية قبلها، في تواطؤ واضح من قبل أجهزة الدولة معه. وهو يعاود رفع الشعار الذي كان في أساس الحرب الأهلية يوماً: ما لنا لنا وحدنا وما لكم لنا ولكم! وهو اليوم بعدما نجح في معركة رئاسة الجمهورية، وهي الموقع الماروني الأول، يريد أن يفرض شروطه في تشكيل الحكومة وفي تمثيل السنة فيها، وهي الموقع السني الأول!
ثانياً: كلما جرى الكلام عن ضرورة التصدي لهيمنة حزب الله على مقاليد البلد، خرجت الأصوات من هنا ومن هناك مطالبة بالتريث خوفاً على أمن البلد والانتقال به من هيمنة سياسية إلى هيمنة عسكرية مسلحة!
هذا الكلام يجوز استخدامه لدى عامة الناس في مواضيع اجتماعية معينة أما في موضوع عام بحجم الحفاظ على الوطن فإن المسؤولين مطالبون بحمايته من الأخطار المحدقة خارجية كانت أم داخلية، والخطر المحدق اليوم هو سلاح حزب الله الذي فقد شرعيته منذ جرى استخدامه ضد فريق في الداخل. وهذا السلاح غير الشرعي لا يمكن مواجهته إلاّ بسلاح الشرعية ومؤسساتها وفي طليعتها الجيش والقوى الأمنية ونحن في هذا المجال بحاجة إلى قرار سياسي واضح. لنتكلم بصراحة لأن البلد على كف عفريت: لو كان حزب الله يعلم بأن هناك قراراً سياسياً بأن يتصدى الجيش للدفاع عن الشرعية لما تغول على البلد ورفع سلاحه في وجه كافة المسؤولين وهدد وتوعد!
ثالثاً: يلوح حزب الله بفتح ملفات الفساد في كل مرة يملي فيها شروطه على شركائه في نظام المحاصصة الطائفية. وهذا يعني بوضوح أنه يقايض الفساد بسيادة البلد!
لقد علمتنا التجربة أن كل انتقاص في سيادة البلد يقابله من الجهة الأخرى صعود للفساد بكل أشكاله.. هذه القاعدة جرى تطبيقها بشكل واضح في لبنان. عند دخول السلاح الفلسطيني ومشاركة الدولة في سيادتها. وبعد دخول القوات السورية عُلقت بالكامل سيادة البلد فدخل الفساد مرحلة جديدة أُطلق عليها فيما بعد قوننة الفساد! حيث صار مغطى بقوة القانون الذي يصدر تبعاً لأوامر المحتل وشروط المحاصصة المفروضة منه، برضى المتحاصصين على البلد. وصار مجلس النواب يشرع القوانين المناسبة لتغطية عمليات المحاصصة غب الطلب، بعدما صارت هذه بديلاً عن سيادة الدولة وصار توزيع المغانم على زعماء الطوائف وحاشياتهم جزءاً من الحياة السياسية، هكذا جرت قوننة الفساد عملياً..
بعد فرض انسحاب الجيش السوري، وبعد تخلي القيادات الطائفية لقوى 14 أذار عن انتفاضة الاستقلال، صار البديل هو السلاح الايراني في يد حزب الله الذي فرض معادلة جديدة هي سيادة الفراغ كبديل عن سيادة الدولة..
رابعاً: تشهد المرحلة الجديدة تصاعداً خطيراً في درجة الفساد يصاحبها محاولة حثيثة لفرض سياسة كم الأفواه واستدعاء الناشطين وتهديد الباحثين والكتاب والصحافيين الذين يعترضون على أشكال الفساد السائدة بالملاحقة مما يهدد بتحويل لبنان إلى دولة بوليسية! في نفس الوقت الذي صارت فيه صفقات الفساد والمحاصصة علنية: من اتفاقيات النفط التي يجري تمريرها بالخفاء إلى اتفاقيات بواخر الكهرباء إلى الاستمرار بالاستيلاء على الأملاك البحرية والمشاعات العائدة للدولة وكذلك أملاك المغتربين إلى نهب الأموال العامة عن طريق الهندسات المالية لمصرف لبنان التي توزع مليارات الدولارات على المحظيين مما يهدد للاستقرار المالي بأفدح الأخطار. حيث أن الأمور المالية في هذه الفوضى السياسية العارمة قد وصلت إلى حافة الانهيار!
خامساً: يرى التجمع اللبناني أنه لا خروج من دائرة الأزمات المستمرة إلاّ باستعادة سيادة الدولة المهدورة ولا طريق لاستعادتها إلاّ بوصول نخب جديدة من المعارضين إلى خضم العمل السياسي يضعون هموم المواطن ومصالح الوطن نصب أعينهم ويقومون بمحاربة الفساد والفاسدين واسترجاع حقوق الناس المهدورة من قبل أطراف المحاصصة الطائفية التي تضع يدها الثقيلة على البلد. وفي هذا السبيل فإن التجمع اللبناني يرفع الصوت من جديد مطالباً القوى الرافضة للأمر الواقع المبادرة إلى تشكيل إطار جبهوي يتصدى لمهمة إنقاذ الوطن والمواطنين قبل فوات الأوان.

السابق
صور حكم عن الحياة وتجاربها
التالي
مصدر أمني: توقيف شاحنة ممتلئة بالذخائر متجهة الى الجاهلية