دعوات إسرائيلية لضرب لبنان، وحزب الله يستعد.. فمن يطلق الرصاصة الأولى؟

اسرائيل
يعتقد الوزير الإسرائيلي السابق جدعون ساعرأن المعركة مع حزب الله قادمة حتماً، وتقترب أكثر فأكثر، وبالتالي فإن ضرب ترسانته بأسرع وقت، وقبل عودة قواته من سوريا وإعادة ترميم جبهته في لبنان، يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، وهو يحاول استغلال الانتقادات الواسعة لنتنياهو، بسبب إخفاقاته في المواجهة الأخيرة مع حماس.

في ظل الحصار الدولي على إيران، بعد العقوبات الأميركية عليها، والتوجه الأوروبي الميال إلى التراجع عن دعم التجارة المتبادلة معها، والاستعداد الروسي لمرحلة حسم النفوذ في سوريا، والعمل الجاري في سبيل لم الشمل الخليجي، لا ينقص إيران سوى حرب عسكرية بين إسرائيل وأذرعتها في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله.

منذ مطلع العام الحالي، تحاول إسرائيل إثارة موضوع تهديد أمنها من قبل الداخل اللبناني، عبر زعمها وجود مصانع أسلحة وصواريخ إيرانية تابعة لحزب الله على الأراضي اللبنانية، وكان آخرها تحديد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بكلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في27 أيلول 2018، أماكن وجود هذه المصانع، وقد تبين لاحقاً عدم صحة هذه المزاعم بعد أن نظم لبنان رسميا جولة لسفراء بعض الدول في الأماكن التي أشار اليها نتنياهو.

اقرأ أيضاً: الأمن الإسرائيلي وترسيخ سلطة حزب الله في لبنان

أما اليوم، فإن الداخل الإسرائيلي يعاني من اضطرابات عديدة، لا سيما بعد ضربات حماس الأخيرة من قطاع غزة، وعملية العلم، التي أدت إلى استقالة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان وانسحاب حزبه من الحكومة، واعتبارها هزيمة لإسرائيل.

كرة الثلج هذه أدت إلى ارتفاع الأصوات الإسرائيلية المطالبة بضرب لبنان، كخطوة استباقية ضد حزب الله، تهدف إلى شل قدرته على إطلاق صواريخ ثقيلة في اتجاه إسرائيل في الحرب القادمة. هذه الدعوات التصعيدية جاءت على لسان المنافس على رئاسة حزب «ليكود» الحاكم، الوزير السابق جدعون ساعر، بدعوته لنتنياهو بالمضي قدماً بهذا الطرح.

ويعتقد ساعر أن المعركة مع حزب الله قادمة حتماً، وتقترب أكثر فأكثر، وبالتالي فإن ضرب ترسانته بأسرع وقت، وقبل عودة قواته من سوريا وإعادة ترميم جبهته في لبنان، يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، وهو يحاول استغلال الانتقادات الواسعة لنتنياهو، بسبب إخفاقاته في المواجهة الأخيرة مع حماس.

ما هو التكتيك المقابل؟

على الرغم من دعوات ساعر المستمرة لإشعال الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة مع لبنان، إلا أن الأضرار المتوقعة لن تقتصر على لبنان وحسب ولكنها ستطال إسرائيل كذلك، وإذا كانت إسرائيل تستعد لخوض هذه المعركة بتكتيك يخرجها بأقل الخسائر، فإن إيران أيضاً تعد حزب الله لخوض المعركة بالشكل عينه، وخصوصاً أنها لا تتحمل خسائر إضافية تأتي على حساب قوتها الإقليمية، بعد استهداف اقتصادها بالحصار التجاري والعقوبات الأميركية عليها.

وإذا عدنا بالذاكرة لما قبل حرب تموز 2006، نرى كيف تعاملت إيران مع الضغوط الخارجية عليها حينها، بحيث دفعت حماس للقيام بضربات على إسرائيل ، وبعدها بأشهر أعطت لإسرائيل ذريعة لشن حرب على لبنان بعد اجتياز عناصر من حزب الله للخط الأزرق وأسر جنديين إسرائيليين، ما كلّف لبنان 33 يوماً من الدمار الذي نتج عنه مئات الضحايا، لتسمى بعد ذلك وعلى لسان أمين عام الحزب حسن نصرالله بحرب “لو كنت أعلم”.

هذا التكتيك قد يشبه الوضع الحالي، وخصوصاً بعد ضربات حماس الأخيرة، إلا أن تفعيل “خدمة حزب الله” لم يقرر بعد عسكرياً، في حين أن تعطيل تأليف الحكومة اللبنانية عبر الحزب، يشكل ورقة إضافية على طاولة التفاوض، قد تؤجل المخطط العسكري، ولكن زيادة الضغوط، قد يدفع الحزب لسحب “كارت اللعب بالأمن” مجدداً.

من المستفيد من الطرفين؟

إذا عرضنا موازين القوى للصراع الإيراني الإسرائيلي في الوقت الحالي، نستطيع أن نقدر خسائر الطرفين المتوقعة:

أولاً، لن يخسر الداخل الإيراني لا على صعيد الأرواح ولا على صعيد البنى التحتية، وذلك لأن الجبهة المفتوحة لا تطال أراضيها، بل ستعاني إسرائيل ولو بنسبة أقل مما سيعانيه الداخل اللبناني جراء القصف، وذلك لتفوق نظام الأمان الاسرائيلي مقابل عدم وجود هذا النظام أصلاً في لبنان.

ثانياً، ستكون الخسائر الإيرانية متمثلة في ترسانة حزب الله ومناطق نفوذه، وفي عديد جنوده، الذي تقلص خلال الحرب السورية، في حين أن تضرر الترسانة الإسرائيلية لن يصعّب عملية إعادة هيكلتها أميركياً، بينما ستعاني إيران في محاولتها مد حزب الله بالسلاح والموارد ، بفعل تأثير العقوبات الأميركية عليها وعلى أذرعتها.

اقرأ أيضاً: تطورات ميدانية تدفع نحو الحرب بين اسرائيل وحزب الله

ثالثاً، ستكون القاعدة الشعبية لحزب الله التي عمل عليها منذ نشأته تحت خطر التراجع هذه المرة وليس الزيادة، وذلك لأن المطلب الأساسي لقاعدة الحزب حالياً هو الخدمات والعيش الكريم، لا “الانتصارات”، أما إسرائيلياً، فقد تكون الضربة بمثابة تعويم لنتنياهو بعد إخفاقاته السياسية الأخيرة.

وهكذا فإن كل طرف يدرس أولوياته و يتوقع الثمن الذي سيدفعه، وعموماً فإن السعي الدائم لطرح فرضية الحرب، كان سابقا مرتبطاً بقدرة الأطراف المشاركة فيها على تحديد حجمها وضبط ارتداداتها، واستخدامها لتقوية فريق أو زعيم على حساب آخر.

الوضع بات مختلفاً الآن حيث أن أي حرب قد تقع، في ظل التشابك الكبير في مصالح ونفوذ القوى الكبرى والقوى الإقليمية الفاعلة، ستتحول إلى مجزرة مفتوحة لا يمكن الإحاطة بها، ولا ضبطها ولا توقع نتائجها، ولكن وعلى الرغم من ذلك قد يكون هذا الخيار مرجحا من قبل إسرائيل وكذلك من قبل إيران، لأنهما ينظران إلى الخطر المحدق بهما ليس بوصفه مجرد تهديد عابر بل بوصفه خطرا وجوديا يستدعي ردا على المستوى نفسه مهما كانت درجة المخاطرة الكامنة فيه.

السابق
إبراهيم يونس: الواقع الزراعي في الجنوب مأساوي جداً
التالي
اعتصام في بعلبك اعتراضاً على اعتزام بلدية حزب الله تشييد مبنى المحافظة في الجرود