سيناريو سحب التكليف من سعد الحريري بين الواقع والتهويل

يبدو أن أزمة تأليف الحكومة تخطت مرحلة وضع العصي في الدواليب من قبل حزب الله وحلفائه، لتصل إلى حدّ التفكير بقلب المعادلة القائمة، مع طرح إقصاء الرئيس الحريري وتكليف غيره بتشكيل الحكومة المقبلة.

أشارت تسريبات مقربة من معسكر 8 آذار بالأمس أن حزب الله وحلفاءه لديهم نية “الاستغناء عن رئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، وادّعت تلك التسريبات أن”حزب الله لا يُريد استقالة الحريري، ولكنّه لن يسمح له أن يبتزه بها”.

ومما جاء أيضا في تلك التسريبات أن ” الحريري يكون مُخطئاً في حال تفكيره “بابتزاز حزب الله عبر التهديد بالاعتذار، وفي حال اتخاذه هذا القرار، لن تكون آخر الدنيا، ولن يتمسك به أحد للبقاء، وسيكون هو الخاسر، والحريري لم يعد رأس حربة سعودية في البلد، والوضع الإقليمي غير مؤاتٍ له، وهو غير مؤثر بموضوع العقوبات، والأهمّ أنّه بحاجة إلى السلطة من أجل مصالحه”.

اقرأ أيضاً: الحريري لن يتنازل وتسوية باسيل الإنتهازية تنتهي بالفشل

تكشف هذه التسريبات بوضوح أن حزب الله وحلفاءه هم من يبتزون الحريري، فمشروع “إحراج الرئيس الحريري لإخراجه” من الحكومة، من خلال تعقيد عملية التأليف المكلف بها، تخضع لكثير من الاعتبارات السياسية المرتبطة بتطور الأوضاع الإقليمية، وهو ما دفع وزير الخارجية جبران باسيل إلى أن يطلب من نواب اللقاء التشاوري حل أمورهم مع الرئيس الحريري وإلحاحهم على المطالبة بلقائه، في مناورة لكسب الوقت والرهان على صبر الرئيس المكلف الذي قالها صراحة “فتشوا عن غيري”، كما أن التسريب حول إمكانية تكليف شخصية سنيّة أخرى بتأليف الحكومة، لا تعدو كونها حلقة ضمن مسلسل إضعافه والقضم من صلاحيات رئاسة الحكومة.

عضو كتلة المستقبل النائب السابق مصطفى علوش وفي اتصال مع “جنوبية” ردّ على طرح تلك التسريبات التي تدعو لتكليف شخصية بديلة عن الحريري، فوضعها في إطار الابتزاز الإعلامي ليس إلا، معتبرا أن من يتحدث بهذه اللهجة هو جاهل أو ليس لديه دراية بالأمور وقال “في هذه اللحظة تحديدا فإن الطريقة الوحيدة لإنهاء تكليف الرئيس الحريري دستوريا يكون من خلال اعتذاره، أما من الناحية البلطجية فلست أدري ما هي الأمور التي تؤدي إلى ذلك”.

في حين نفى المحلل والكاتب السياسي فيصل عبد الساتر علمه بهذا المشروع “القاضي باستغناء 8 آذار عن الرئيس المكلف في هذه المرحلة، وتحديدا من قبل حزب الله”، واعتبر أن هذه التسريبات “ربما أتت على خلفية استمرار عناد الرئيس الحريري في عدم إشراك النواب السّنة المستقلين في الحكومة، وبالتالي الاصطدام بعدم وجود مخارج للأزمة أدى إلى طرح هذه الفكرة في بعض الأروقة، من باب ممارسة الضغوط السياسية”.

فيصل عبد الساتر
فيصل عبد الساتر

والجدير بالذكر عندما حاول حزب الله عام 2011 تحديدا عزل الحريري، فإن النتيجة تجلت في عزل الرئيس نجيب ميقاتي بديل الحريري المدعوم من معسكر الممانعة بعد عامين، وذلك على الرغم من براعة وحنكة رجل السياسة الشمالي وشعبيته “السنّية”، إلا أنه ثبُت عدم تمكّنه من الخروج على إجماع “الطائفة السنية” التي ما زالت تلتحف بالعباءة الحريرية على الرغم من تراجع تيار المستقبل الطفيف في الانتخابات النيابية الأخيرة.

وأكد النائب علوش على صحة هذا الواقع ورأى أن “البدائل موجودة، ومن الممكن أن يأتوا بأي سني تابع لفرقة الممانعة، كرئيس للحكومة ولكن حتى عندما أتوا بشخصية مرموقة لدى السّنة وهو الرئيس نجيب ميقاتي وفي ظروف مختلفة تماما، لم يتمكن أن يحكم رغم كل ما فعلوه من أجله”.

اقرأ أيضاً: عن مأساة استقلالنا…

موقف عبد الساتر في هذا السياق، ينسجم مع تلك الاعتبارات، لجهة الحيثية الخاصة للرئيس المكلف سعد الحريري في هذه المرحلة بالنسبة لحزب الله، وقال في هذا الصدد “لا أعتقد أن هذا الأمر سوف يأخذ منحى حقيقيا، بدليل أن حزب الله أبدى تمسكه مرارا بالرئيس الحريري”، لكنه اعتبر من جهة أخرى أنه ” إذا كانت عملية التشكيل قد تمادت زمنيا، فإنه يتوجب على كل اللبنانيين إيجاد حل للأزمة، وليس الأمر مناطا بفريق 8 آذار منفردا، فالمطلوب من رئيس الجمهورية أن يكون له دور في هذا المضمار”، مضيفا ” على الرغم من أن كل اللبنانيين سيخسرون إلا أن الخاسرين في هذا الإطار هما رئيس الجمهورية والرئيس الحريري”.

لكن النائب علوش حذّر في النهاية من تدهور الأمور خصوصاً وأن “الظروف مختلفة حاليا، فلبنان موضع متابعة وتحت أعين العالم تحديدا في ظل العقوبات الاميركية”، وقال “أي خطوة تؤدي إلى الاستنتاج بأن حزب الله هو الحاكم الكامل للبلد ستضع لبنان بالتأكيد في عين العاصفة”.

السابق
اعتصام في بعلبك اعتراضاً على اعتزام بلدية حزب الله تشييد مبنى المحافظة في الجرود
التالي
الشباب والترقّي الاجتماعي.. نشاط في «النادي الثقافي الاجتماعي» في برجا