الذكرى الـ75 للاستقلال في جمهورية الفراغ الحكومي

رأى الوزير السابق سجعان قزي أن "الاستقلال اليوم هو مجرد ذكرى مضت وليست حالة قائمة بشعور المواطن بأنه حر ومستقل، فهذا الشعور غائب لديه نسبيا، فالاستقلال هو القرار الوطني الحر، وهو الآخر غائب، والاستقلال هو بسط الدولة نفوذها على جميع أراضيها وهي حالة غير قائمة في بلدنا".

يحتفل اللبنانيون اليوم بعيد الاستقلال في جمهورية الفراغ الحكومي، استقلال انتهت صلاحياته بعد 75 عاما بفقدان كل مقومات الدولة الراعية لهم ولشؤون حياتهم. اللبناني اليوم، هو سجين همومه ومآسيه التي لا تُعد ولا تُحصى وأسير فواتير الضرائب المتراكمة، في ظل تسلّط طبقة سياسية ترعى الفساد وتمعن في تقويض ما تبقى من  مؤسسات وسيادة وطنية.

الوزير السابق والكاتب والمحلل السياسي سجعان قزي توجه برسالة استقلال عبر “جنوبية” للبنان وشعبه، معتبرا أن الاحتفال بهذه المناسبة هو أبعد ما يكون عن معانيه الحقيقية في ظل غياب كل مقومات السيادة والاستقلال.

يشرح قزي أن “عيد الاستقلال حول العالم هو عيد للشعب، أما في لبنان فلا يستحق الشعب أن يحتفل به، لأنه عيد مخصص للذين لا ولاء لهم إلا للبنان فقط، هذا عيد للذين ناضلوا على امتداد مساحة الوطن لتحريره للحفاظ على سيادته واستقلاله، هذا عيد للشهداء وعائلاتهم والمناضلين والجرحى خلال الحرب اللبنانية ” وأضاف ”  الاستقلال ليس للذين لهم ولاءات ومرجعيات خارجية وهم نفسهم يعطّلون الدولة، ويمنعون تأليف الحكومة ويفقرون الناس ويضربون مقومات الاقتصاد”.

ورأى قزي أن “الاستقلال اليوم هو مجرد ذكرى مضت وليست حالة قائمة بشعور المواطن بأنه حر مستقل، فهذا الشعور غائب لأن الاستقلال هو القرار الوطني الحر، وهو بسط الدولة لنفوذها على جميع أراضيها وهي حالة غير قائمة في بلدنا”.

وفي توصيف لحالة الاستقلال التي يعيشها اللبنانيون، أشار قزي أن “الاحتفال بعيد الاستقلال اليوم يشكل حالة حنين إلى ماض مجيد يزيد إحباط الحاضر، لأننا حين نقارن بين لبنان القديم الذي انتزع لقب منارة الشرق، ولبنان الحالي المرمي في الحضيض، لا بد أن يشعر اللبنانيون بالحزن واليأس”.

وختم قزي قائلا “الشعوب الحيّة هي التي تحيا في المستقبل وليس في الماضي، ونأسف أن لبناننا يملك كل مقومات الدولة ليكون ناجحا إلا أنه لا يستعمل إلا المواد المتفجرة”.

إقرأ أيضا: بدء العرض العسكري في بيروت بمناسبة عيد الاستقلال

رحلة الاستقلال ومحطات تكريس الطائفية

رحلة الاستقلال مرت بمحطات مفصلية كرّست الطائفية ونظام المحاصصة، فمع إعلان استقلال لبنان في 22 تشرين التاني 1943 وإقرار الدستور اللبناني البرلماني على نسق الدستور الفرنسي، تمكنت الطائفية من خرق هذا الدستور مع ميثاق 1943 الذي اتفق عليه زعماء الطوائف، ومع اتفاق الطائف تجذرّت الطائفية وكُّرس نظام المحاصصة تحت شعار “العيش المشترك”!

وفي حين تقاسم الموارنة والسّنة السلطة والنفوذ في عهد بشارة الخوري وهُمش الشيعة لفقدانهم الإمكانيات التي تؤهلهم للقيام بدور سياسي، فإن المد العربي الناصري في الستينات، والمد الإسلامي الشيعي نهاية السبعينات مع انتصار الثورة الاسلامية في ايران، خلخل الميثاق القديم، خصوصا مع تطلع المسلمين إلى المشاريع الوحدوية الخارجية.

إقرأ أيضاً: بومبيو مهنئا بالاستقلال: لتعزيز قوة المؤسسات ​والسيادة اللبنانية

ومع مجيء الرئيس فؤاد شهاب، وترسيخه دولة المؤسسات والقانون وفق مبدأ العدالة الاجتماعية، نما الأمل بقيام لبنان جديد، ولكن مع انتهاء المرحلة الشهابية وتبوّؤ الرئيس سليمان فرنجية سدة الحكم، رجعت الأمور إلى سابق عهدها وعاد نظام المحاصصة الطائفية ليسود الحياة السياسية، وزادت أكثر مع تكريسها في اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان وأتى بأمراء تلك الحرب ليتزعموا البلد وينشئوا إماراتهم الجديدة داخل إدارات الدولة ومؤسساتها.

 

السابق
«سلطة» نقابة الصيادلة .. في خدمة نصور ورفاهيته!
التالي
«لوحة الانسحاب السوري» تُعيد التناغم القواتي والعوني.. وتُغضب دمشق!