ما هما العاصفتان اللتان ستهبّان تباعا على لبنان و«حزب الله»؟

احمد عياش

فيما لا يزال لبنان غارقا في متاهة تأليف الحكومة الجديدة تتزايد المؤشرات الى ان الامور تتجه الى مزيد من التصعيد على مستويين داخلي وخارجي، وفق معطيات متابعون للملف اللبناني.وقد تحدث هؤلاء عن ظهور مؤشرات الى ان الجمود الذي يحكم مسار الملفات الداخلية بوجهيّها المحلي والاقليمي لن يستمر طويلا.وتحدث هؤلاء عن تطورات تبدأ في الاسابيع القليلة المقبلة تنهي الجمود بصورة دراماتيكية.فما هي هذه التطورات يا ترى؟
في جعبة هذه المصادر التي تحدثت اليها “النهار” ان لبنان أصبح تحت ثقل أزمة، ليست سياسية فحسب ناجمة عن العرقلة التي مارسها “حزب الله” لتأليف الحكومة الجديدة، بل أزمة إقتصادية تتعاظم آثارها يوما بعد يوم ما يهدد البلاد بخروجها عن السيطرة. ومن التوقعات السلبية لتفاقم هذه الازمة، وقوع إضطرابات تحمل طابع الثورة على الانهيار الاقتصادي الذي طاول مختلف قطاعات الانتاج مضافا اليها الشلل العميق في القطاع العقاري الذي يمثل قاطرة النهوض في لبنان أسوة بما هو حال دول عدة نامية ومتقدمة على السواء. ولم تستبعد المصادر خروج إحتجاجات ميدانية تتسبب بفوضى تضطر الى اللجوء الى حلول إستثنائية بينها إعلان حالة طوارئ من الجيش وتشكيل حكومة مؤقتة تتولى ضبط الاوضاع ريثما يتم الوصول الى حلول سياسية بعيدة المدى.وتخلص المصادر نفسها الى القول ان هذه التوقعات ،إذا ما تحققت ستعني عاصفة بكل ما في الكلمة من معنى.

اقرأ أيضاً: لبنان ليس مستقلاً لكني لن أرثي لبنان

في موازاة الكلام عن عاصفة يحرّكها الاقتصاد الداخلي المأزوم، يجري كلام عن عاصفة ذات طبيعية إستراتيجية تتصل بملف “حزب الله” ربطا بالمواجهة الاميركية-الايرانية التي تتجمع غيومها الداكنة في سماء المنطقة. وفي المعلومات على هذا الصعيد ،المستقاة من مصادر ديبلومايبة ، ان الوقت قد حان لطرح ملف سلاح “حزب الله” المؤجل منذ التوصل الى إتفاق الطائف عام 1989 .وإذا كان الظروف التي مرت منذ نحو 29 عاما، إقتضت تأجيل بت ملف هذا السلاح عن طريق نزعه إسوة بسلاح سائر المليشيات التي عرفها لبنان منذ العام 1975، فإن هناك اليوم ظروف جديدة غير مسبوقة لا تشمل لبنان فحسب، بل تشمل سائر أقطار المنطفة المضطربة في النمشرق العربي ومغربه.ووقفا للمصادر الديبلوماسية نفسها ،فإن الترجمة اللبنانية للقرار الاميركي بخروج إيران من المنطقة، هو تطبيق القرار الرقم 1701 ،الذي هو إحدث القرارات الدولية التي تعود الى نهاية الاربعينيات من القرن الماضي. وكل هذه القرارات تصب في إطار إحتكار الدولة للسلاح لا يشاركها في ذلك اي طرف آخر.
من يتابع التطورات في العراق يجد نموذجا يحتذى في التوقعات المتصلة بلبنان.ففي نبأ لوكالة الانباء الروسية (آر تي) على موقعها الالكتروني، وحمل عنوان “منظمة بدر” ترد على واشنطن: لا توجد فصائل مسلحة خارج الحكومة” جاء فيه: “ردت منظمة “بدر” السياسية العسكرية بزعامة هادي العامري والتابعة لـ”الحشد الشعبي”(“حزب الله” في العراق)، على تصريح الخارجية الأمريكية بخصوص شرط واشنطن لاستثناء العراق من تطبيق العقوبات على إيران. وقال رئيس كتلة “بدر” في مجلس النواب حسن الكعبي أن “شرط واشنطن بإنهاء الفصائل المسلحة مقابل الاستثناء من عقوبات إيران أمر لا مبرر له حيث أن جميع المقاتلين ضمن الحشد الشعبي الذي شرع له قانون في البرلمان”.ورد الكعبي بهذا البيان على تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناويرت التي جددت مطالبة الولايات المتحدة للعراق بإزالة الحشد الشعبي كشرط لاستثناء البلاد من تطبيق العقوبات الأميركية ضد إيران.وتطرح واشنطن على طهران 12 مطلبا تشترط تلبيتها مقابل تطبيع العلاقات الثنائية وإلغاء العقوبات، ومن بين هذه الشروط وقف دعم قوات “الحشد الشعبي” التي تعتبرها السلطات الأميركية موالية لإيران.
لا جدال ان الموقف الاميركي هو نفسه في لبنان ،مثل هو في العراق وغيره حيث النفوذ الايراني مهيمن. ولا يستبعد المراقبون ان تكون التعقيدات السياسية التي يشهد لبنان حاليا بمثابة عملية تدشيم النفوذ الايراني ترقبا للعاصفة الاميركية المتصاعدة في المنطقة.ووقف هؤلاء عند الانفتاح المستمر في طهران على سلطنة عمان التي تعرضت لإنتقادات إيرانية شديدة اللهجة بعد إستقبال السلطنة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.وكأن القرار الايراني على أعلى المستويات هو تجاوز أزمة إستقبال مسقط لنتياهو تحسبا لما سيطرأ على أحوال إيران بسبب العقوبات الاميركية ما يفرض الحاجة مجددا الى النافذة العمانية لتكون صلة وصل ما بين الجمهورية الاسلامية والولايات المتحدة الاميركية. وفي هذا السياق بعث الرئيس حسن روحاني الى السلطان قابوس بن سعيد ببرقية تهنئة بمناسبة اليوم الوطني واصفا السلطنة بإنها “بلد صديق وشقيق للجمهورية الاسلامية الايرانية”.
أما صحيفة “الوفاق” الايرانية الدولية ، فوصفت السلطنة بإنها بوابة إيران الرئيسية ل”الانفتاح على الاسواق العالمية…وأن عمان أهلا لمد جسور الثقة معها من أجل إقامة علاقات متطورة ومستدامة…”
بين عاصفة ذات طابع إقتصادي داخلي، وعاصفة إقليمية سيكون لبنان في قلبها بسبب سلاح “حزب الله”، لا مجال لدفن الرؤوس في رمال التفاصيل الثانوية على أهميتها. غير ان هذه المعطيات لا تلغي السؤال الاهم ألا وهو: كيف سيرد “حزب الله” في حال تم تجاوزه في الملف الحكومي؟ وتاليا، كيف سيرد الحزب على قرار نزع سلاحه الذي طال عمره أكثر مما يتحمله لبنان والمنطقة؟ الجواب سيأتي حكما مصحوبا بإحوال عاصفة؟

السابق
بالفيديو: أمل حجازي تطلق أنشودة جديدة في عيد المولد النبوي
التالي
جابري انصاري يلتقي عدداً من الشخصيات المعارضة السورية