المبادرة الحوثية للسلام: مسار تفاوضي جدي أو مناورة إيرانية؟

الحديدة اليمن
ومن العوامل التي تدفع إلى التشكيك بجدية النوايا الحوثية أن استمرار الحرب في اليمن لا يكلف إيران إلا القليل، بينما يوفر لها الوسيلة لضرب الرياض وأبو ظبي مباشرة، وفرصة لنكران المسؤولية عن ذلك.

بعد معاناة الحوثيين في الفترة الماضية من نكسات سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة، أضعفت مجمل وضعهم، أعلن الحوثيون عن استعدادهم لوقف اطلاق النار ليعم السلام في اليمن، فهل هي مبادرة لوقف الحرب في اليمن؟ وأين طهران من ذلك؟

إعلان الحوثيين أقرب إلى ” جس النبض” من “التفاوض” ، في انتظار موقف السعودية من هذا الإعلان وهل ستوافق على مطلبهم، في الوقت الذي تلتزم فيه طهران “الصمت”من دون أن تعلن عن تجاوبها مع موقف الحوثيين، أو تقترح تسويات سياسية.

ومنذ أيام أكد تحالف دعم الشرعية في اليمن أن العمليات العسكرية ضد الميليشيات الحوثية تهدف إلى دفعها إلى التفاوض، مشيراً إلى تحقيق انتصارات نوعية خلال الأيام القليلة الفائتة.
وقال العقيد تركي المالكي، المتحدث باسم القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، إن العمليات العسكرية ” تهدف ليس فقط إلى ضرب قدرات الميليشيات الحوثية، بل للضغط عليها أيضاً للعودة إلى طاولة المفاوضات والجلوس لتحقيق العملية السياسية في ظل التعنت المستمر منها”.

وكشف المالكي أن: “عمليات تحرير الحديدة ومينائها الاستراتيجي تسير بوتيرة عالية، وأحزرت نتائج نوعية خلال الأيام الماضية، مشيراً إلى أن القوات اليمنية المشتركة وبمساندة من التحالف، تحاصر العناصر الحوثية من الجنوب الغربي والجنوب والشمال الشرقي للمحافظة”.

اقرأ أيضا: أميركا تتحرّك لوقف حرب اليمن والحوثيون لا يرحبون

وأضاف أنه “تم تحرير الكيلو ٨ والكيلو ١٠ حتى شرق مدينة الصالح، فيما تحاول الميليشيات استخدام المباني المرتفعة للقناصين ووضع الأسلحة المضادة للطائرات”.

إذن، وضع الحوثيون في اليمن ضعيف إلى حدٍ ما، ولكن على الرغم من ذلك فإن “ميلشيات الحوثي” التابعة لإيران سبق لها أن كانت في وضع سيئ ولم تستجب لدعوة المجتمع المدني للانخراط في العملية السياسية بشكلٍ جادّ، وآخر دليلٍ على ذلك عدم حضورها اجتماع (جنيف) الأخير، وبهذا فشلت المُفاوضات التي لم تبدأ أصلاً حول (اليمن) في (جنيف).

اكتفى المبعوث الدولي حينها بالقول: “لم نتمكّن من إقناعِ وفد (صنعاء) بالقدوم إلى هنا، لم ننجح بذلك بكلّ بساطة ولا يزال من المبكّر جداً القول متى ستُعقَد المُشاورات المقبلة”، بينما قال الحوثيون إنهم “لم ينجحوا في الحصول على ضماناتٍ في شأن عودتهم سالمين إلى (اليمن)”، فانبرى السفير الأميركي في (اليمن) للردّ على الحوثيين بقوله “إنّ الشروط التي وضعها الحوثيون تدعو إلى التساؤل عن جدّيتهم في اتّخاذِ خطوةٍ في طريق الحلّ السياسي”.

ومن العوامل التي تدفع الى التشكيك بجدية النوايا الحوثية أن استمرار الحرب في اليمن لا يكلف إيران إلا القليل، بينما يوفر لها الوسيلة لضرب الرياض وأبو ظبي مباشرة، وفرصة لنكران المسؤولية عن ذلك، إضافة إلى إجبار السعودية والإمارات على تحويل المال والقوى البشرية والموارد الأخرى لحماية أراضيهما من الهجمات الحوثية، وبهذا من المستبعد موافقة إيران على التسوية السياسية في اليمن قبل حصولها على مكاسب دبلوماسية كبيرة في الشام والعراق، أو في شأن الاتفاق النووي، أورفع العقوبات الدولية!!

وقد سبق للحوثيين وإيران أن تقدموا باقتراحات متماثلة تقريبا لحل الأزمة اليمنية، تدعو إلى إنهاء عمليات التحالف العربي من دون أن تتناول وقف الحشد وتسلح الحوثيين، أوتلزم إيران بوقف دعمها العسكري للحوثيين، وهي شروط ليس من المرجح أن تتنازل عنها الحكومة اليمنية (الشرعية) أو التحالف العربي.

لذلك، ليس مؤكداً أن يكون الحوثيون التابعون صادقين في إبداء الرغبة لوقف إطلاق النار كإجراء يمهد لوقف الحرب وإنهاء الصراع في اليمن، وتاليا فإن الحكومة اليمنية والتحالف العربي يميلان إلى اختبار مدى جدية النوايا

السابق
بعد «باسيل» هذا حل يناسب حزب الله ولا يزيد اضرار الحريري
التالي
العقوبات الأوروبية على طهران تنهي مرحلة التقارب الأوروبي الإيراني.