العقوبات الأوروبية على طهران تنهي مرحلة التقارب الأوروبي الإيراني.

اوروبا ايران
التبدل في الموقف الاوروبي تجاه العقوبات على إيران كان متوقعاً وليس مستغرباً، فالاتحاد الأوروبي يعلم جيداً أن إيران لا تلتزم بأي اتفاق إلا إذا كان ذلك يخدم سياستها، ولا يمكن لدول الاتحاد الأوروبي المرتبطة اقتصادياً وسياسياً بالولايات المتحدة أن تعزل نفسها عن القرارات الأميركية تجاه إيران.

لا بد أن “سياسة مواجهة الأزمة” أو “سياسة مواجهة المأزق” التي أسستها إيران لمواجهة العقوبات الاقتصادية الأميركية “الترامبية” قد لا تجديها نفعاً في الأيام المقبلة، بعدما توافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على إمكانية فرض عقوبات على إيران، في تغير مفاجئ لسياسة الاتحاد الأوروبي الرافضة لفرض عقوبات على إيران وإلغاء الاتفاق النووي معها.

وقد توافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم فى بروكسل أمس، على بدء العمل الفنى بشأن وضع قائمة بأفراد ايرانيين لفرض عقوبات عليهم، وتربط بعض المصادر خطوات الاتحاد الأوروبي بهجومين إرهابيين فاشلين في فرنسا والدنمارك ألقيت مسؤوليتهما على الاستخبارات الإيرانية، وذلك بالتزامن مع تزايد المطالب باتخاذ موقف متشدد من إيران.

وكانت فرنسا قد جمدت أصول شخصين إيرانيين يشتبه أنهما ضالعان في خطة لتفجير تجمع قرب باريس، بينما دعت الدنمارك إلى تنسيق أوروبي رداً على محاولة قتل فاشلة على أراضيها، وسبق أن استدعت الدنمارك، في أكتوبر الماضي، سفيرها لدى طهران بعد الكشف عن ضلوع الأخيرة بالتخطيط لهجمات إرهابية في البلاد، كماتتشاور كوبنهاغن مع شركائها في الاتحاد الأوروبي حول فرض عقوبات اقتصادية على طهران بعد أن اتهمت الاستخبارات الدنماركية إيران بالتخطيط لقتل ثلاثة معارضين إيرانيين على أراضيها.

اقرأ أيضا: العقوبات مدخل إيران لإعلان تفاهم «الضرورة» مع إسرائيل

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في حديث صحافي: “ما حدث في الدنمارك غير مقبول بتاتاً، وقد أكدنا ذلك جميعنا” مضيفة أن ” مجلس وزراء الاتحاد الاوروبي سيقوم ببعض العمل لاستكشاف الردود المحددة المناسبة في ضوء ما حدث على الأراضي الدنماركية”.

تأتي هذه القرارات بعد أن رفضت “اوروبا” السير مع التيار الأميركي في إلغاء الاتفاق النووي الايراني الأسوأ في التاريخ بحسب قول الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن سابقاً معارضته للعقوبات الأمريكية ضد إيران وضرورة حماية شركات بلاده.

خطوة وزراء خارجية الدول الأوروبية الجديدة هذه جاءت بعد أن انتقد 15 من نواب البرلمان الأوروبي “صمت” الاتحاد على مخططي الهجومين، وعلى انتهاك حقوق الإنسان في إيران ودعوا إلى اتخاذ خطوات لمحاسبة طهران والتي على ما يبدو لاقت رداً ايجابياً، إلا أن الاتحاد الأوروبي الذي لم يبدأ بتنفيذ مقرراته بعد بدأ يتعامل بحذر شديد مع إيران، وقد تشمل تلك الإجراءات على مستوى الاتحاد الأوروبي تبني العقوبات التي فرضتها فرنسا الشهر الماضي على إيرانيين يشتبه أنهما عميلان وغيرهم من وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية.

مصادر متابعة ترى أن “التبدل في الموقف الاوروبي تجاه العقوبات على إيران كان متوقعاً وليس مستغرباً، فالاتحاد الأوروبي يعلم جيداً أن إيران لا تلتزم بأي اتفاق إلا إذا كان ذلك يخدم سياستها، ولا يمكن لدول الاتحاد الأوروبي المرتبطة اقتصادياً وسياسياً بالولايات المتحدة أن تعزل نفسها عن القرارات الأميركية تجاه إيران، أيضاً فإن انقسامها يخدم واشنطن وسياسة الولايات المتحدة الاميركية بقيادة ترامب”.

اقرأ أيضا: ترامب يوقع قانونا جديداً ضد حزب الله يحرج الحكومة والحلفاء

وتشير هذه المصادر إلى أن ” الهاجس الأوروبي الذي كان يجبرها على رفض العقوبات الأميركية على إيران ليس اقتصادياً فقط إنما امنياً ايضاً، فإيران التي تعتبر نفسها دولة ثورية هي في الحقيقة دولة استخباراتية عسكرية، تمتلك نظاماً متخصصاً بالعمليات الأمنية الاستخباراتية ضمن إطار سياستها العامة لخدمة مصالحها ولو عبر أساليب إرهابية ودموية”.

وتتابع المصادر: “استمرار المجازفات الإيرانية والتي وصلت إلى حد التخطيط لعمليتين إرهابيتين في أوروبا على الرغم من رفض الأخيرة إلغاء الاتفاق النووي مع إيران لا بد أنه يخدم التوجهات الأميركية في إقناع أوروبا بضرورة فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على طهران، ويبدو أن هذا ما حصل فعلاً بعد الكشف عن ضلوع إيران بالعمليتين الإرهابيتين الفاشلتين”.

وتختم المصادر: “لا شك أن التبدلات السياسية تفرض بعض التغيرات بالمواقف، إلا أن التوجه الأوروبي لفرض عقوبات اقتصادية على إيران لا يعني توجهها لإلغاء الاتفاق النووي، وهذه العقوبات رسالة إلى طهران بأنها لا يمكن أن تعول على انقسام أوروبي أميركي فيما يخص الاتفاق النووي، ودعوة لاستجابة إيران لمطالب المجتمع الدولي تجنباً لأي عمل عسكري محتمل قد يؤدي إليه تعنتها”.

في ظل كل هذه التطورات التي لا تخدم المصالح الإيرانية سواء فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية الأميركية، أو بتبدل الموقف الأوروبي، يبدو أن طهران تتجه إلى تخبط سياسي واسع يفرض طرح السؤال عن مدى استمرارية هذا التعنت الايراني الذي من شأنه أن يودي بالمنطقة كلها إلى المجهول؟

السابق
المبادرة الحوثية للسلام: مسار تفاوضي جدي أو مناورة إيرانية؟
التالي
«الشرق الأوسط» كمطلب إسرائيلي-إيراني-تركي.