«واشنطن بوست»: شهر العسل بين إيران وشيعة العراق إلى زوال

يبدو ان الفكرة النمطية التي تحكم النظرة للشيعة العرب وهي “الولاء لإيران” بدأت تتقهقر، جاء ذلك في استطلاع للرأي أُجراه رئيس مؤسسة “المُستقلة للأبحاث” في بغداد، مُنقذ داغر كطلب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية. وخلص التقرير إلى أن “شهر العسل بين إيران وشيعة العراق في طريقه إلى الزوال”.

يلحظ التقرير ان شعبية إيران في العراق قد ارتفعت بشكل ملحوظ عام 2003، مع الغزو الأمريكي الذي اطاح بجكم صدام حسين، لأن الشيعة كانوا مهمّشين تحت حكمه، وعملت طهران على زيادة شعبيتها وبسط نفوذها، بسبب الانقسامات الطائفية التي عمّت في العراق لاحقا.

الاستطلاع الذي نُشر شمل نحو 3500 عراقياً على مدى السنوات الماضية، وأظهر أن نسبة الشيعة العراقيين الموالين لإيران، انخفضت من 88% في عام 2015 إلى 47% بحلول خريف 2018، في تلك الفترة ارتفعت نسبة المُعارضين لإيران من 6% إلى 51%، ما يُشير إلى أن غالبية الشيعة العراقيين لديهم موقف سلبي تجاه إيران، وفقاً لداغر، وهذا ما ينسف الصورة النمطيّة عن الشيعة التي تربطهم دوماً بطهران.

وقال داغر أن نسبة الشيعة الذين يعتقدون أن إيران شريك موثوق فيه للعراق، انخفضت من 76% إلى 43% في الفترة ذاتها، فيما ارتفعتْ أعداد من لا يثقون بإيران، فنسبة الذين يعتبرون إيران شريكاً غير موثوق به قفزت من 24% إلى 55%.

اقرأ أيضاً: العقوبات على إيران… فرص فك الارتباط السياسي والاقتصادي العراقي بإيران

أما الشيعة العراقيون الذين يعتقدون أن إيران تهدّد بسياساتها سيادة العراق، فان نسبتهم قد ارتفعت من 25% في 2016 إلى 58% في 2018.

وكما استاء السنّة العراقيون من ممارسات الجماعات المُتشدّدة المحسوبة على السنّة كتنظيم داعش الإرهابي وممارساته المتوحّشة في المناطق السنيّة التي احتلتها في العراق، بات بعض الشيعة يشعرون بالأمر ذاته تجاه إيران.

ولكن ما سبب التحوّل تجاه إيران؟

لفت داغر إلى أن شيعة العراق يُحمّلون إيران مسؤوليّة بؤسهم سياسيّا واقتصاديّا واجتماعيّا.

على الصعيد السياسي فإن إيران التي دعمت الحكومات العراقيّة منذ عام 2006، سيطرت عليها الأحزاب الإسلاميّة الشيعيّة بدعمٍ كاملٍ من طهران، وهذه الحكومات التي لم تنجح في تنفيذ مشاريع تنمية، حسب التقرير، اتُهمت أيضا بهدر أموال الدولة وبالفساد وعدم القيام بواجباتها، وهو ما أدّى إلى تفاقم الاحتجاجات في مناطق جنوب العراق ذي الكثافة الشيعية.

أما من الناحية الاقتصادية، فيقول التقرير أن إيران تقوم باستخدام العراق من أجل تخطي العقوبات الدولية المفروضة عليها، وتغرق الأسواق العراقية بمنتجات رخيصة منخفضة الجودة، وهو ما أثر بشكل سلبي على الاقتصاد، وحكم بالاعدام على المشاريع الزراعية والصناعية العراقية، فبحسب التقرير انه “تمّ إيقاف إنتاج أكبر مجمع للبتروكيماويات، وآلاف مزارع الطماطم في البصرة بسبب هذه المنافسة غير العادلة”.

اقرأ أيضاً: الذكرى الـ36 لحرب الخليج الأولى: هكذا حققت ايران انتصارها النهائي

وكذلك فإن الشيعة يُحمّلون إيران مسؤولية قطع المياه النظيفة عن مناطقهم في البصرة وجنوب العراق، موضحاً التقرير أن أزمة المياه التي تعاني منها المنطقة اثرت سلبا على الكهرباء كذلك، ما اضطرّ ايران إلى قطع خطوط الكهرباء التي تُجرّ من المعامل الحرارية الايرانية الى العراق بموجب اتفاقيات معقودة بين البلدين.

ويلفت التقرير الى ان الاحتجاجات الكبيرة التي عمت في البصرة وجنوب العراق، كان بسبب تحميل شيعةُ العراقِ لإيرانَ مسؤولية ما ألمّ بهم، وقد بادر عدد من المحتجين الى حرق قنصلية ايران في البصرة.

ولكن هل تكون خيبة الأمل العراقيّة الشيعيّة تجاه إيران عاملا مولّدا لسياسة وطنيّة غير طائفيّة؟ مع العلم ان هناك اتجاها وطنيا قويا يتشكل يمكن ان يساعد العراق على المضي قُدماً، مع التركيز على المصالحة الوطنية، وفقاً لتقرير واشنطن بوست.

 

السابق
انطلاق مهرجان لبنان الوطني للمسرح في دورته الاولى من 3 الى 9 شهر كانون الاول 2018
التالي
تسجيلات صوتية تركية تكشف جزءا من تفاصيل قتل خاشقجي