استقالة ليبرمان تعكس ميلا إسرائيليا إلى المزيد من التطرف

أشارالدكتور في العلاقات الدولية خالد العزي في حديث لجنوبية إلى أن "البيت الإسرائيلي يعاني من مشكلة فهو غير قادر على الدخول في عملية سلام ولا يمكنه إبرام أي اتفاقيات منفردا، لذلك هو يحاول إفشال الاتفاقيات المبرمة من خلال التصعيد الأمني والخطاب المتطرف".

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أزمة سياسية تهدد بانهيار حكومته، وقد وصل الأمر إلى حد إعلانه تولي وزارة الدفاع بنفسه إثر استقالة افيغدور ليبرمان، وبعد تعثر مشاوراته مع أحزاب الائتلاف وفشله في إقناعهم بالتراجع عن الذهاب إلى انتخابات مبكرة.

وعلى الرغم من مساعي نتنياهو وجهوده لإنقاذ ائتلافه الحكومي، بعد تراجع عدد مقاعد حزب الليكود الذي يرأسه إلى 26 مقعدا في الكنيست مع انسحاب 6 نواب، وذلك بسبب مواجهات غزة الأخيرة وما أسموه تقاعس نتنياهو وعدم موافقته على ضربات رادعة لحماس وقطاع غزة.

اقرأ أيضاً: العقوبات على إيران… فرص فك الارتباط السياسي والاقتصادي العراقي بإيران

ورأت مصادر أن تعقيدات الأمور الأمنية والسياسية تشي بتصعيد المشهد أكثر وتأزّمه داخل البيت الإسرائيلي الداخلي، قبل انعقاد جلسة الكنيست الإسرائيلي الأربعاء المقبل، لمناقشة حلّ الحكومة والتوجه لانتخابات مبكرة.

جملة من المصاعب الحكومية والاتهامات تواجه نتياهو، من استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان واتهامه لرئيس الحكومة بمهادنة حركة حماس والسماح لها باستهداف الأمن القومي الإسرائيلي دون معاقبتها، وتاليا السماح لحماس بإعلان انتصار ولو كان وهميا .

فسرّ مراقبون هذه التطورات بأنها تعني أن اسرائيل تخوض معركة “بقاء الأمر كما هو عليه”، لجهة تشتت وضعف الأنظمة العربية وصراعها مع إيران في المنطقة، ما يجعل الطرفين الإيراني والعربي – الخليجي في حالة ضعف تلائمها.

وبحسب مراقبين، فإن وجود محور إيران وحلفائها في المنطقة وهم حزب الله والنظام السوري وحماس وغيرهم، يؤمّن لليمين الاسرائيلي المتمثل بائتلاف نتنياهو الحكومي المتطرف مراده في عدم التقدّم بعملية السلام وعدم العودة إلى مقررات أوسلو لأنه يفرض التنازل عن أراضٍ للفلسطينيين، وهو ما لا يرغب فيه ائتلاف الليكود الحاكم.

الدكتور في العلاقات الدولية خالد العزي، شرح في حديث لـ”جنوبية” الاعتبارات الإسرائيلية التي تقف وراء التطورات الأخيرة ومنها الإبقاء على قطاع غزة في حالة مراوحة، وماهية الصراع الداخلي الإسرائيلي وما يمثله ليبرمان من تحولات من اليمين المعتدل إلى اليمين المتطرف.

واعتبر العزي “أن تصعيد الوضع الأمني في غزة ولو أنه يرتبط بالمنحى الاقليمي ورفع العصا في وجه العقوبات التي فُرضت على محور الممانعة وإيران وحزب الله تحديدا، إلا أنه انتقل الى داخل البيت الإسرائيلي”.

وقال العزي “وضع القطاع يخدم الإسرائيلي في عملية التفاوض والتصعيد العسكري والأمني لا يمكنه تحقيق أي خرق وهو يبقى ضمن الاستراتيجية التصعيدية الأميركية، الذي لا يختلف معها إلا في شكل التنفيذ، وبالتالي هنا واشنطن ليس لديها مشكلة مع حماس بل مع إيران وهي تحاول تجفيف كل الينابيع التي ترفدها بالتمويل والدعم، وبالتالي هي معنية بالتصعيد مع حزب الله أكثر من حماس”.

وأشار العزي إلى أن “البيت الإسرائيلي يعاني من مشكلة فهو غير قادر على الدخول في عملية سلام ولا يمكنه إبرام أي اتفاقيات منفردا، لذلك هو يحاول إفشال الاتفاقيات المبرمة من خلال التصعيد الأمني والخطاب المتطرف”.

واذ اعتبر العزي أننا أمام مرحلة تنحو باتجاه التطرف انطلاقا من أميركا- ترامب، وصولا الى المنطقة العربية، لفت أنه “ومن خلال العودة بالتاريخ إلى الوراء نجد أن ليبرمان يستخدم أسلوب نتنياهو نفسه في عملية الوصول إلى قيادة اسرائيل، وبالتالي نحن اليوم أمام تطرف جديد من نوعه، ومع ارتباط الخارج بسقوف استراتيجية تحميها كل من روسيا وأميركا، فإن الفلسطينيين هم من سيدفع الثمن من خلال تقطيع الأوصال الفلسطينية وحرمانهم من المشاركة في أعمال طاولة المفاوضات”.

ماذا تُمثّل استقالة ليبرمان؟

أوضح العزي أن “ليبرمان هو مستوطن يهودي جاء من لاتفيا (جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا)، وهو يعيش في دولة لا يمت إليها بصلة، كما أنه ليس من ضباط الحرب القدامى، وتم تعيينه من قبل المجموعة الاستيطانية اليهودية التي خفتت قوتها مؤخرا، واستقالته لا تقدّم ولا تؤخر، وهو يعلم أن قرارات الكيان تعتمد على قائد الأركان في الجيش وليس على وزير الدفاع”.

اقرأ أيضاً: يحق للعراق ما يحقّ لإيران

وأضاف” استقالة ليبرمان في هذا الإطار لا تعدو كونها زوبعة في فنجان انتخابي مبكر، سوف تجعل من نتنياهو في حال عدم وصوله إلى السلطة رقما صعبا في الانتخابات بمواجهة التطرف الاسرائيلي، وبالتالي يصبح نتنياهو معتدلا أمام الصقور المتطرفة، الأمر الذي سيدفع به إلى الاسراع في انتخابات مبكرة أو ترميم الكرسي الفارغ، لتنفيس شعبية ليبرمان والإبقاء على التطرف المعتدل الذي بات هو يمثّله”.

واستنتج العزي قائلا “الصراع الداخلي هو صراع انتخابي مستقبلي على القيادة، يتحوّل الى إعطاء المتطرفين الدور الأساسي في قيادة الحكومة الإسرائيلية ليكونوا العمود الفقري في طرح مطلب دولة اسرائيل اليهودية التي يستمدون القوة لتكريسها من خلال أمرين، الأول التطرف الصهيوني وسيطرته على قرار الكنيست، والثاني وجود نقيض متطرف مواز لوجود حماس التي تطرح عنوان إمارة إسلامية في القطاع”.

السابق
مصالحة سعودية قطرية برعاية كويتية.. فهل ستنجح؟ وما دور الحريري؟
التالي
انطلاق مهرجان لبنان الوطني للمسرح في دورته الاولى من 3 الى 9 شهر كانون الاول 2018