معلومات موسكو: نصرالله أصبح وحيدا… فهل يلاقي الحريري؟

احمد عياش

بعد التحوّل الذي فرضه الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله في الساحة الداخلية من خلال المواقف التي أعلنها في خطابه لمناسبة “يوم الشهيد”، جاءت إطلالة الرئيس المكلف سعد الحريري الاخيرة لتكمل هذا التحوّل الذي سيحكم مسار الاحداث في لبنان من الان فصاعدا، على حد تعبير مصادر واسعة الاطلاع والتي قرأت ما قاله نصرالله والحريري في سياق معطيات إقليمية ودولية وقفت “النهار” على عناوينها الرئيسية. فما هي هذه العناوين؟
لم يكن ينقص ألبوم الصور التي ضم لقاءات الرئيس المكلف في باريس قبل أيام، وجمعه مع عدد من قادة العالم، سوى صورة تجمعه مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب.أما سائر الصور التي جمعته إضافة الى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل وزعماء اوروبيين وإقليميين وعرب ،فقد أطلقت تكهنات حول ما دار في اللقاءات التي سجلتها هذه الصور ،لاسيما ما يتعلق بالموقف الخارجي من تطورات لبنان وفي مقدمها أزمة تشكيل الحكومة الجديدة.وإذا ما بقي الامر على تخوم التكهنات لكان الاستنتاج ان الحريري عاد بمعطيات من العاصمة الفرنسية خوّلته ان يطل بمواقف لخصها رد الرئيس المكلف على سؤال الصحافي الاميركي برنت سيدلر”:
من برأيك من يتحمل مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة؟ وما هي الحسابات وراء تجميد عملية التأليف؟أجاب الحريري: “لو سألتي هذا السؤال منذ شهر لقلت لك حزبا آخر كان يجمّد الأمور، لكن اليوم (من يجمّد الامور) هو حزب الله ونقطة على السطر. والعواقب التي ستأتي على البلد تقع على عاتق الحزب”. ربما ما قاله الحريري في هذا الجواب، يمثل في رأي المراقبين، مستوى غير مسبوق في مخاطبة “حزب الله” وتحميله المسؤولية عن الازمة التي عطّلت المسار الانقاذي في هذا البلد.
الذهاب الى المعلومات ،وعدم الاكتفاء بالتكهنات، يقود الى معطيات روسية وصلت قبل أيام من موسكو الى بيروت مفادها أن أفق الحل في سوريا صار مرتبطا بتغيير على مستوى القمة ،أي ان الرئيس بشار الاسد لن يبقى على رأس السلطة في مرحلة الحل النهائي.كما يرتبط هذا الحل على مستوى القاعدة بإنهاء الدور الايراني.والسؤال الكبير الذي تفرضه المعلومات الروسية هو:ما هي النتائج التي ستترتب على رحيل الاسد عن السلطة ورحيل إيران عن سوريا؟ الجواب بلا ريب سيكون من وزن السؤال والذي بدأ يتكوّن في لبنان.

اقرأ أيضاً: ردّ الرئيس المكلَّف على «حزب الله» أقفل الأبواب أمام التسوية

شخصية شيعية بارزة قالت ل”النهار” ان معلوماتها تفيد ان النبرة العالية التي تميّزت بها الاطلالة الاخيرة للامين العام ل”حزب الله”، كانت ذات طابع شخصي وليس إنعكاسا لموقف إيراني. ولفتت الى ان الـ85 في المئة من كلمة نصرالله التي تناولت موضوع توزير من يمثل النواب السنّة الذي يلوذون به كانت من منطلق “شخصي مخيف” ما طرح علامات إستفهام حول ما إذا كان نصرالله سيأخذ لبنان الى مغامرة تشبه تلك التي عاناها لبنان في حرب تموز عام 2006 وإنتهت في أحد مراحلها بعبارة نصرالله الشهيرة “لو كنت أعلم!” وهذه المرة ترتبط المغامرة بالاقتصاد الذي قد ينهار تحت وطأة السلوك الجديد للحزب.
هل يمكن القبول بفرضية الشخصنة لتفسير التصعيد الجديد لنصرالله في شأن الحكومة الجديدة؟ تجيب الشخصية الشيعية على هذا السؤال بالقول ان طهران فقدت القدرة على مدّ “حزب الله” بالدعم الذي إعتادت على تقديمه على مدى عقود بسبب العقوبات الاميركية التي دخلت حيّز التنفيذ في بداية الشهر الجاري.وقد بدأت بوادر فقدان الدعم الايراني لذراعه اللبناني بالظهور في شكل حاد كما سجّل قبل ايام من خلال عدم قدرة الحزب على دعم الافساط الجامعية لطلابه في عدد من الجامعات الخاصة بسبب فقدان السيولة.
في موازاة ذلك، لا يفصل المراقبون أزمة “حزب الله” في لبنان عن التطورات المتسارعة في حرب اليمن والتي تشير الى ان هناك تحولا في مجرى تلك الحرب قد يفضي الى خسارة إيران ممثلة بذراعها اليمني المتمثل بالحوثيين. ومن المعلوم، ان “حزب الله” ،ونصرالله تحديدا،مكلّف بإدارة ملف اليمن نيابة عن طهران. وأشارت صحيفة “الواشنطن بوست” ان الاهتمام الدولي منصبّ الان على المعركة الدائرة في الحديّدة التي يؤمن التحالف المؤيد للشرعية بأنها ستؤدي الى توجيه “صفعة للحوثيين وإجبارهم على الجلوس الى طاولة المفاوضات”.
بعيدا عن إطلاق الاحكام فيما يتعلق بما ستؤول الامور مع “حزب الله” في لبنان والمنطقة ،بدا واضحا ان الحريري فتح نافذة لتلاق داخلي عبّر عنه في جملة مواقف في مؤتمره الصحافي الاخير منها قوله: “… لقد تعاملت مع تشكيل هذه الحكومة منذ البداية على انه ليس هناك أي تدخل من الخارج…”، وقوله في العقوبات الاميركية “ان حزب الله يمثل جزءا من الشعب اللبناني، ونحترم هذا الامر، وعلى هذا الأساس نتحدث معه.”ليخلص الى القول: “…ما أعرفه أننا قادرون على حل هذا الموضوع (الحكومة) داخليا، وأن المشكل ليس خارجيا. إذا طال المشكل كثيرا عندها نرى”.
تتحدث اوساط قريبة من جهود تأليف الحكومة ان لبنان في مرحلة تهدئة قد تستمر اسابيع. وفي هذه الفترة، سيتبيّن ما إذا كان “حزب الله” على إستعداد الى ملاقاة الرئيس المكلف في منتصف الطريق ما يشكّل تحولا في تعاطيه الداخلي.أما إذا كانت فرضية ان نصرالله صار وحيدا في مواجهة تبعات دوره اللبناني ليست في محلها، فمعنى ذلك ان الهدوء الحالي هو ما قبل عاصفة هوجاء تضع لبنان في عين احداث صاخبة في الاشهر القليلة المقبلة. لكن هذه الاوساط ترجّح صحة هذه الفرضية. من ينتظر يرى؟

السابق
هكذا اتُهم «حزب الله» بتبييض الأموال.. الطاحون والفرن كلمتا السرّ
التالي
النيابة العامة السعودية تكشف تفاصيل مقتل خاشقجي