تصالح فرنجية وجعجع فهل يتصالح السنة؟

بعد " لم الشمل" في بكركي، هل تطلق "دار الفتوى"صفارة الإنذارالتي تدعو إلى المصالحة والشروع في توحيد القرار السني في لبنان؟

عُذراً فيروز ف “ليالي الشمال الحزينة” قررت لجم حزنها الذي كان “شبه أبدي”، بعد أن طويت البارحة صفحة الجراح والمآسي بـ”مصافحة مصالحة” بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، بعد أربعين سنة وخمسة أشهر من الحقد والعداوة وذلك بمباركة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي.
بعد سنوات من الحذر والقطيعة السياسية والشعبية التي عاشتها المنطقة، قُرعت أجراس الكنائس في بشري ومنطقتها فرحا بمناسبة المصالحة التاريخية.

اقرأ أيضاً: جعجع وفرنجية نحو لقاء قريب يقلب الساحة المسيحية ضد إستئثار العونيين

مجزرة إهدن
أسباب القطيعة السياسية والشعبية في هذه المنطقة تعود إلى فترة الحرب الأهلية اللبنانية حين قامت قوات من حزب الكتائب المسيحي بقيادة “سمير جعجع”، بمهاجمة مقر آل فرنجية في مدينة إهدن في ١٣ يونيو ١٩٧٨، وتسبب الهجوم في مقتل والد فرنجية ووالدته وشقيقته البالغة من العمر سنتين ونصف السنة وثلاثين من أنصاره، وعُرفت هذه العملية ب”مجزرة إهدن”.
وعلى الرغم من نفي جعجع للاتهامات التي وجهت إليه بتحمله المسؤولية بشكل مباشر عن مقتل عائلة سليمان فرنجيه أو عن أي قرار بإصدار الأوامر بارتكاب المجزرة، ولكن الحادثة أثرت بشكل كبير في مسيحييّ الشمال وخلقت شرخا كبيراً بين “إهدن وبشري”، وبقي هذا الجرح مفتوحاً حتى يوم أمس.

المصالحة
بعد ثلاث سنوات على ” ورقة النوايا” أو ما يُعرف أيضاً ب “أوعا خيك” وهي المصالحة التي جرت بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية عام ٢٠١٥، والتي تعرضت إلى تجربة قاسية أثناء وبعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وإلى تجارب أقسى أثناء مداولات تشكيل الحكومة التي لم تبصر النور حتى الآن، أتت مصالحة جعجع فرنجية تحت قُبة بكركي.
بدأت مسيرة المصالحة بين سليمان فرنجيّة وسمير جعجع منذ سنوات، يومها كُلّف الوزير السابق يوسف سعادة من قبل فرنجيّة وطوني الشدياق من قبل جعجع بإدارة الملف، وحصلت لقاءات عدّة بين الرجلين وتطوّرت العلاقة، قبل أن تتدهور مع ترشيح الرئيس سعد الحريري لفرنجيّة إلى رئاسة الجمهوريّة. تعطّلت حينها المصالحة بين معراب وبنشعي، لتنتعش المصالحة بين الرابية ومعراب.

المصالحة بين القطبين (فرنجية-جعجع)تاريخية،ويُشهد لسليمان فرنجية أنه عض على جرحه، ومدّ يده للمصالحة بما فيه خير لبنان عموماً ومنطقة “الشمال”خصوصاً، بعد الجفاء الذي كان موجودا بين أهل هذه المنطقة.

بكركي- دار الفتوى
بعد ” لم الشمل” في بكركي، هل تطلق “دار الفتوى” صفارة الإنذارالتي تدعو إلى المصالحة والشروع في بتوحيد القرار السني في لبنان؟
لطالما كانت مساعي المفتين على مر الزمن حاضرة لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء السُنّة، والدعوة كانت ولا زالت قائمة على ضرورة توحيد الصف السني، ولكن
بين الرئيس سعد الحريري والبقية خلاف يندرج تحت عنوان واحد هو ” تطبيع العلاقات مع سوريا”، والذي يرفضه الحريري بشكلٍ كامل، كون النظام السوري يعتبر من المخططين لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومن جهة أخرى مع بداية “الثورة السورية” كان للحريري موقف واضح من النظام السوري حيث وصفه ب” النظام الطاغي الظالم”.

لا مشكلة كبيرة بين الحريري وأي مكون سني خارج هذا العنوان،من هنا تتوقع أوساط مطلعة أن تشهد الفترة المقبلة مصالحة بينه وبين اللواء أشرف ريفي، الذي يقتصر الخلاف معه على عناوين محددة، لا تحمل طابعا راديكاليا كما هو كماحال عنوان العلاقة مع النظام السوري.

وفي حديث خاص ل “جنوبية” مع عضو المجلس السياسي في تيار المستقبل زياد ضاهر اعتبر أن ” تيار مستقبل ينظر إلى موضوع الطائفة السنية بأنها لا تُختصر بطرف أو بحزب أو بشخص”، مضيفاً أن ” تيار المستقبل لا يعتبر نفسه الممثل الحصري للسنة، بل يرى أن سنة ٨ آذار أو ما يسمى اليوم ب ” السنة المستقلين” هم لبنانيون وشركاء في الوطن ونحن نسعى دائماً لإعطائهم حقهم في التمثيل في هذا البلد”.

تابع ” النظام السياسي في لبنان مركب وكل طائفة لها حصتها، ورئاسة الحكومة هي من حصة السُنّة في النظام”، مؤكداً على أن “نظرتنا إلى رئاسة الحكومة ليست من باب المذهبية، ولكننا نريد أن تكون مشاركة السُنّة فعّالة في هذه الدولة، لذا يجب أن يكونوا مُطمئنين على حقوقهم التي منحها لهم الدستور”.

اقرأ أيضاً: فرنجية وجعجع: مصالحة بنكهة رئاسية

وأردف ” مقارنة مصالحة جعجع-فرنجية بوضع السُنّة في لبنان غير مناسبة، فهذه المصالحة هي نتيجة دخول الطرفين في حرب، بينما لا يوجد بيننا وبين أي طرف من الأفرقاء السنة “خصومة” مرتبطة بالحرب الأهلية، ولكن لا ننكر أنهم حلفاء نظام اتُهم باغتيال الرئيس الحريري، وطبعاً هذا ليس السبب الوحيد”.

أضاف” أن هذه المصالحة ” وجدانية” كما عبر الطرفان عنها وليست “سياسية”، وبالتالي أنهت خلافا عمره سنوات، أمّا خلافنا مع سنة ٨ آذار فهو في صلب المشروع السياسي ولا علاقة له بالشخصي”.
وأشار إلى أن ” تيار المستقبل مع توحيد جميع اللبنانيين ولكن “السنة المستقلين” هم جنود لحزب الله، يحافظون على صيغتهم السياسية ” كسُنّة” ولكنهم يخضعون لأوامر حزب الله، وهذا الأمر خطير وغير مقبول”.

وأكد ضاهر ” أن “اختلاف” تيار المستقبل مع الوزير أشرف ريفي لا يُشبه “الخلاف” مع سُنة ٨ آذار لا شكلاً ولا مضموناً، مشيراً إلى أن الخلاف معهم عميق ويمكن أن يستمر، ولكن الاختلاف مع ريفي ليس كذلك”..

السابق
قضية خاشقجي: السعودية تطلب التعاون.. وتركيا تماطل!
التالي
تغيير منظومة القيم الإجتماعية يرفع عدد حالات الطلاق