العمادي ممثل لإسرائيل أكثر من كونه ممثلاً لقطر!

أشارت صحيفة “هآرتس” إلى أنه وفي وضح النهار، تسمح إسرائيل لقطر بإدخال ثلاث حقائب مليئة بالدولارات إلى قطاع غزة، بالمجمل 15 مليون دولار. بمفاهيم قطرية هذا ليس أكثر من مبلغ بسيط في الجيب الصغير لأمير قطري يذهب إلى التسوق في أوروبا. بهذا المبلغ الصغير يريد زعماء إسرائيل وعدد من الدول العربية والولايات المتحدة التفريق بين “حماس” و”فتح” غزة في جهة والضفة الغربية في جهة أخرى. هكذا، بواسطة أكفان مبطنة بالدولارات يعملون الآن على لف جثة القضية الفلسطينية تمهيداً لدفنها عميقاً في الأرض.
يريدون في إسرائيل نتائج فورية، ويستغربون لماذا يواصل الفلسطينيون التظاهر ويطالبون برفع الحصار، رغم أن هؤلاء الذين ينكرون الجميل قد حصلوا على 15 مليون دولار. الأموال هي في الحقيقة مخصصة للرواتب، لكن حسب حسابات بسيطة كان يجب أن يصل لكل غزي 7.5 دولار، ولعائلة تتكون من ستة أفراد 45 دولاراً، شيء يشبه دورة باليه لطفلة بنادٍ في تل أبيب. ماري أنطوانيت مع كعكتها قامت من الموت.

اقرأ أيضاً: الغارات الاسرائيلية تتجدد في غزة وتدمير فضائية الأقصى

يتبين من التقارير أن سفير قطر في غزة محمد العمادي، استقبل بوجبة مناسبة من الحجارة من قبل المتظاهرين في مخيم العودة للاجئين. كما يبدو فقد حرص على إجراء الزيارة من أجل أن يقف على نتائج بادرة حسن النية التي تتمثل بـ 7.5 دولار للفرد. واضطر إلى مغادرة المكان بخزي. حيث إنه حتى الأشخاص الجوعى يستطيعون التمييز بين اليد الممدودة للمساعدة وبين اليد الممدودة بهدف الخنق.
وهكذا، في غزة هناك عنصران للوضع: عنصر المعاناة الإنسانية الشديدة جداً في أوساط الفلسطينيين، والعنصر الوطني. إلى أين يتجهون؟ في هذه الأثناء إسرائيل تتجرأ على الالتقاء مع قطر، العدو اللدود للسعودية، في أعقاب ضائقة حليفها ولي العهد السعودي بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي. وهي تحاول بواسطة هذه الأموال القليلة تنفيذ صفقة القرن لترامب. أن تقطر نقطة ماء في حنجرة الفلسطينيين. وتريهم الطريق لتحطيم طموحاتهم الوطنية.
ماذا بعد، حيث إن الـ 90 مليون دولار التي ستحول للفلسطينيين في الشهور الستة القادمة ستضخ فقط لموظفي “حماس”. أما باقي الفلسطينيين فلن يصلهم أي شيء. أي أن هذه صفقة بين “حماس” وإسرائيل. خذوا المال وحافظوا على الهدوء، هذا بالضبط ما همس به العمادي لأحد قادة “حماس” أمام العدسات.
فقط أسياد ثملون بالقوة يفكرون بهذه الطريقة: إطعام رئيس لجنة الأسرى وليس كل الأسرى، لا سمح الله، وعندها الحياة ستبدو وردية. في هذه المعادلة إسرائيل تقوم بدور السوط وزعماء الدول العربية يقومون بدور الجزرة البائسة، وجميعهم سيفترسون حقوق الفلسطينيين.
في المقابل، يوجد للقطريين مصلحة في مساعدة إسرائيل بغزة. هم يريدون الحصول من إسرائيل على شهادة نزاهة تقضي بأنهم لا يرعون الإرهاب – الأمر الذي ظهر عندما ساعدوا وما زالوا يساعدون المنظمات المتعصبة في سورية والعراق ومصر وليبيا. والطريق إلى قلب ترامب – الذي لا يهمه إذا كانوا في الشرق الأوسط يقطعون الرؤوس بالسيف أو يقطعون الجثث بالمنشار – هي إسرائيل. هذا مشهد آخر الزمان: من تقدم الرعاية للإرهاب تلتقي مع الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط.
ولكن الواقع يصفع مخططي صفقة القرن. الفلسطينيون لن يأخذوا قطرة المياه المعروضة عليهم، ببساطة لأن نية من يمنحها هي أن يختنقوا بها. تقريباً كل المنظمات الفلسطينية ترفض الجلوس مع العمادي، الذي هو ممثل لإسرائيل أكثر من كونه ممثلاً لقطر. الجمهور الفلسطيني العريض لا تنطلي عليه هذه المؤامرة، سواء لأنها بائسة أو لأن هدفها يعرض مستقبله للخطر.
فقط هناك سؤال واحد وهو: ألم يحن الوقت لتجفيف نبع الخبث في إسرائيل باستثناء قاطعي الرؤوس ومقطعي الجثث بالمنشار؟ ألا يوجد لإسرائيل من يتوسط لدى الفلسطينيين؟ وحتى عندما يقدمون قطرة ماء فإنها تكون مسممة بنوايا التفريق. كل حثالة العالم العربي انضمت لإسرائيل ضد الفلسطينيين، وفقط الله هو الذي بقي إلى جانبهم.

السابق
«رجم الهري» او «عجلة العمالقة» المعلم الأثري في الجولان
التالي
«برنامج بلدي كاب».. تخريج الدفعة الثانية والثالثة والرابعة من الجمعيات