تحرير مختطفات السويداء بين صدفة الأسد وواقع المفاوضات الروسية

تحرير مختطفات داعش
بعد أن أعلن النظام السوري في بيان له تحرير المختطفات النساء عبر "عملية عسكرية"، شكك معارضون سوريون برواية النظام، مؤكدين ما جاء في "البيان الروسي" عن تحريرهم بمفاوضات أجرتها "روسيا" مع تنظيم داعش الإرهابي.

انتهت بالأمس محنة أكثر من 16 إمراة من قرية “الشبكي” في “ريف السويداء” السورية بعد اختطافهم من قبل تنظيم “داعش” الارهابي أثناء الهجوم الانتحاري الذي نفذه بتاريخ 25 من شهر تموز الماضي في مدينة السويداء، وأسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وجرح العشرات.

وبعد أن أعلن النظام السوري في بيان له عن تحرير المختطفات النساء عبر “عملية عسكرية”، شكك معارضون سوريون برواية النظام، مؤكدين ما جاء في “البيان الروسي” عن تحريرهم بمفاوضات أجرتها “روسيا” مع التنظيم الارهابي.

اقرأ أيضاً: مجزرة السويداء: عندما تدفع الأقلية الدرزية ثمن قرارها المستقل

ورأت “مصادر مطلعة” أن إنجاز العملية لا يمكن أن يتم عسكرياً إلا عبر اتفاق بين النظام وداعش، لأن شمال منطقة “الحميمية” في بادية شمال شرق تدمر، والتي ادعى النظام أنه حرر المختطفات منها، تتوسط مثلثاً تمتد أضلاعه من شمال منطقة الـ 55 كم التي تسيطر عليها القوات الأميركية وبين مدينة البوكمال الحدودية مع العراق جنوب نهر الفرات، كما تتصل جنوبا مع الحدود العراقية غرب التنف، وبالتالي لا يمكن أن يتمكن من تحريرهم بعملية عسكرية تتم عن طريق الصدفة.

وفي هذا الإطار، قال مدير مؤسسة لايف المحامي نبيل الحلبي لـ “جنوبية” إنه: “منذ حصول جريمة الخطف واقتحام داعش لمنطقة السويدا السورية تابعنا الموضوع حقوقياً، ونعلم كيف بدأت المفاوضات منذ اللحظات الأولى لعملية الخطف بعد طلب النظام السوري وروسيا”.

أضاف: “عادة المفاوضات تتأخر حتى يرسل الخاطفون شروطهم ويعربوا عن استعدادهم للتفاوض، ولكن في هذه الحالة جرى التفاوض مباشرة، وتم الإيحاء بأن مفتاح الحل هو بالتفاوض مع النظام”.

تابع: ” تبع هذا الأمر ضغط على أهالي السويداء وشبابها للتطوع في الجيش وميليشيات ما يسمى بالدفاع الوطني للقتال إلى جانب الأسد في إدلب، وهذا الأمر جوبه برفض تام من مشايخ طائفة الموحدين الدروز وشباب الدروز فحصلت الجريمة إثر ذلك، وفوراً أعلن النظام عن استعداده للتفاوض لتحرير المختطفات”.

وكشف الحلبي لجنوبية أن ” مشايخ من الطائفة الدرزية دفعوا مبالغ طائلة لميليشيا محسوبة على إيران كفدية لإطلاق سراح الأسيرات، وذلك بحسب معلومات من مصادر في السويداء “. مشيراً إلى أنه ” بعد تفويض شيخ عقل الطائفة الدرزية بموضوع التفاوض مع النظام السوري تم الإفراج عنهم”.

ولفت الحلبي إلى أن “ما جرى ابتزاز من قبل النظام لأهالي السويداء، وأعيان الطائفة فيها يعلمون أن ما حصل كان ثمناً لرفض مشايخ وشباب الدروز الانخراط في صفوف مليشيات الأسد و قتال السوريين”.

وأكد أن “بيان النظام الذي يقول إنه حررهم بعملية عسكرية يتعارض مع البيان الروسي الذي يقول إن روسيا كانت وراء اطلاق سراحهم، وبالتالي هذا البيان جاء مناقضاً لكلام الحليفة روسيا وليس فقط مناقضاً للواقع والحقيقة”.

وكانت فعاليات وشخصيات من داخل محافظة السويداء قد اتهمت نظام الأسد بـ”التراخي” في القيام بواجباته في حماية السويداء التي رفض أغلب شبابها الانخراط في عملياته العسكرية الموجهة ضد سوريين آخرين.

ونقلت وسائل إعلام عن مصادر درزية، اتهام نظام الأسد بالتسبب بتلك المجزرة، بعد عقده اتفاقاً مع عناصر داعش، لنقلهم من جنوب دمشق، إلى بادية السويداء الشرقية.

من جهته أشار عضو القيادة في الحزب التقدمي الاشتراكي “خضر الغضبان” في حديث خاص لـ “جنوبية” إلى أنه ” منذ حوالي 3 اسابيع كان هناك مفاوضات، وتم إطلاق سراح أول دفعة من المختطفات، وقد تبلغنا من القيادة الروسية أن هناك جملة مساع تبذل في هذا الصدد، وبالتالي أن هناك عملية ستتم والجهد الأساسي كان للحكومة الروسية”.

غضبان اعتبر أن النظام السوري استغل الأمر قائلاً: “كان هناك الكثير من علامات الاستفهام حول خطفهم وتلكؤ النظام عن القيام بواجباته، وبالنسبة لنا كحزب نعلم أن التواصل الأساسي كان من خلال الحكومة الروسية على عكس ما يقول النظام، وبمجرد أن تبلغنا بهذا الأمر على المستوى الرسمي لناحية إنهاء الخطف بالتفاوض أو عبر عملية عسكرية، بتنا متأكدين أن المسؤول عن النتيجة هو القيادة الروسية”.

خضر الغضبان

واستطرد: “النظام السوري يحاول أن يستفيد وأن يحسن صورته ولكن صورته مهشمة عند أهالي السويداء، فهم يعتبرون أن النظام لم يقم بواجباته لحماية القرى الشرقية، والجميع يعلم أن النظام هو من سهل انتقال داعش من مخيم اليرموك إلى المنطقة الشرقية للسويداء”.

اقرأ أيضاً: مجزرة داعش في السويداء تدفع الدروز للتشبّث أكثر بالنظام

ولفت إلى أنه “مع بداية العملية عندما تم محاصرة عناصر داعش من قبل الفيلق الخامس وكان هناك إمكانية لتبادل سريع، قام النظام بإجهاض العملية، معتبراً أن “روسيا هي الجهة الوحيدة التي تمتلك مصداقية وأنها الطرف الذي عمل على إتمام المفاوضات”.

وفي هذه الاثناء ذكرت وسائل إعلام قيام النظام السوري بحشد تعزيزات عسكرية كبيرة في بادية الصفا شرقي السويداء، وتوقعت عملية عسكرية في الساعات أو الأيام المقبلة بعد خروج مقاتلي داعش منها، نتيجة صفقة إطلاق المخطوفات.

السابق
إسمع يا دولة الرئيس (40): حرص الشيعة على التنوع السياسي السني
التالي
المرعبي: ستبقى عكار كما عهدناها قلب الجيش النابض