عقوبات أوباما وترامب.. أيهما الأقوى؟

ايران
بعد دخول العقوبات الأميركية الجديدة على إيران حيز التنفيذ، وتوالي ردود الأفعال الدولية تجاهها، بات السؤال الملح الآن إلى ماذا ستؤول؟ حيث اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الولايات المتحدة ستعزل نفسها لا إيران، في حين أكد مستشار الأمن القومي الأميركي الجون بولتون العزم على فرض عقوبات إضافية. فهل ستؤثر على النظام الايراني؟ أم أن العقوبات في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما كانت أكثر تأثيراً؟

انطلق أوباما بعقوبات على إيران على فترات متقطعة من عهده، حيث مرر عام 2010 حزمة منعت الشركات الدولية من مساعدة صناعة الطاقة الإيرانية، وحظرت على البنوك الأميركية التعامل مع بنوك أجنبية على صلة بالحرس الثوري الإيراني أو البرامج النووية الإيرانية، ومن ثم قادت السياسة كل من إدارة أوباما وإيران والدول الخمس (الصين، روسيا، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا) إلى الاتفاق النووي الشهير أوائل إبريل عام 2015 الذي حصل في مدينة لوزان السويسرية. إلا أنه كان للرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب رأيٌ آخر، حيث انقلب على الاتفاق وانسحب منه في مايو الماضي، وأطلق حزمة العقوبات الأولى في آب الماضي وأطلق حزمة ثانية دخلت حيز التنفيذ صباح 5 نوفمبر، متوعداً بالمزيد!

اقرأ أيضاً: العقوبات الأميركية تفضح هزيمة الأيديولوجيا الإيرانية

في هذا الإطار، رأى الصحافي والمحلل السياسي نبيل بو منصف في حديث ل”جنوبية” أنه نظرياً، عقوبات عهد أوباما كانت أقوى لأنها كانت ذات طابع دولي، شمل الولايات المتحدة والأسرة الدولية عبر مجلس الأمن، وبالتالي كان نطاقها أوسع،في حين أن الحزمات الجديدة من العقوبات الأميركية ذات طابع أحادي،كما أن هناك “معاندة” أوروبية لها. أما عملياً، فهذه فالحزمة الجديدة ستكون شديدة الأذى أكثر من سابقاتها لأسباب عدة منها أن إدارة ترامب تضرب على “الخاصرة الرخوة جداً” لإيران ألا وهي النفط، وهذا أمر موجع جداً،لأنه يؤثر على مدى قدرة الاقتصاد الإيراني المنهك أساساً على الصمود، فالانهيار الذي أصاب الريال الإيراني أمام الدولار منذ شهور حرك الشارع، وسيولد موجة من الاحتجاجات والاعتراضات قد لا تصل إلى حدود محاولة إسقاط النظام، ولكنها ستضعفه جداً.

وأضاف: لا يمكن لإيران المكابرة في الاقتصاد، ولكنها تستطيع المكابرة باستخدام أذرعتها ونفوذها في المنطقة، فإيران صرفت المليارات لدعم هذه الأذرعة.

كيف ستؤثر العقوبات على حزب الله؟

محلياً وفي إطار النظر إلى طبيعة العقوبات الجديدة، يؤكد بو منصف أنها ستؤثر حتماً على الدعم الذي يتلقاه حزب الله من إيران، فمالياً المساعدات للحزب وأعوانه في المنطقة تخطت حاجز ال100 مليون دولار سنوياً، ولا يمكن الاستمرار بتلقي المبلغ نفسه في ظل حصار اقتصادي خانق على إيران، وأشار إلى أن أميركا لا تهدف إلى إسقاط النظام الإيراني وذلك لأنها تريد استمرار اللعب على تناقضات المنطقة بين إيران والخليج، وبالتالي علينا في لبنان أن نحذر كثيراً، لأن هذا الأمر قد يحولنا إلى حلبة صراع واستعراض قوة، وقد بدأجزء من هذا المناخ يخرج إلى العلن مع ظهور الأزمة “المباغتة” لعرقلة تشكيل الحكومة، والتي لا يمكن فصلها إطلاقاً عما يحدث إقليمياً.

هل ستتحايل إيران على العقوبات الجديدة كما فعلت في عهد أوباما؟

عمدت إيران سابقاً إلى استخدام بعض الحيل التجارية للتعامل مع العقوبات الأميركية في عهد أوباما، بحيث تعاونت مع دول مثل تركيا، على تحويل أموال من الريال الإيراني إلى العملة التركية ثم إلى الذهب، لتعود وتحصل على أموالها بطرق ملتوية دون خضوعها للرقابة الأميركية.

لكن هذه الطرق لن تنفع مع إدارة ترامب، وبالأخص مع تركيا التي تسعى حالياً إلى نسج علاقات أفضل مع أميركا، لا سيما بعد إطلاق سراح القس الأميركي أندرو برونسون، وذلك على الرغم من خروج تصريحات تركية تناغمت فيها مع جاراتها في أوروبا بخصوص العقوبات والتحفظ عليها واعتبارها غير عادلة.

اقرأ أيضاً: تقليص صادرات النفط الإيرانية إلى حد الصفر

تظهر مقارنة العقوبات بين فترة أوباما الديمقراطي وترامب الجمهوري عن اختلاف في الشكل من دون أن يكون هناك اختلاف في الأهداف، ففي الحالتين ليس المطلوب إسقاط النظام الإيراني بل جره إلى تفاوض يخدم رؤية سياسية مختلفة. كان أوباما يريد جر إيران إلى تفاوض حصل في عهده وأنتج الاتفاق النووي الذي سبقه وتلاه تجاهل واضح لكل نشاطات إيران التسلحية والتخريبية في المنطقة، لا بل بدا أن للصفقة المبرمة بعدا غير معلن يتضمن إطلاق يد إيران في المجال العربي. المختلف في عهد ترامب يتعلق بوضع إطار جديد للتفاوض مع إيران يتعلق بشكل خاص بنشاطاتها الخارجية في المنطقة وبمشاريعها التسلحية، وسط علاقة متينة مع السعودية تحولت فيها من مجرد حليف ثابت لأميركا إلى شريك استراتيجي لعهد ترامب، بل يمكن القول إنها باتت الراعي الرسمي لنجاحات عهده.

لا تظهر إيران ميلا الى الاستسلام والركون الى التفاوض في لحظة ضعف، بل يبدو أنها اتخذت قرار المواجهة عبر التصعيد، وهي على الرغم من كل الضغوطات المتوالية عليها لا تزال تمتلك القدرة على تفجير الأوضاع ليس في المنطقة وحسب، بل في بقاع شتى في العالم، ولعل أول ما فعلته في هذا الإطار يتمثل في تفجير ملف تشكيل الحكومة في لبنان والتلويح باستجرار حرب إسرائيلية ضده،كما استغلت موضوع العقوبات لإعادة إنتاج نظامها وتمكين شرعيته القائمة على عناوين العداء للغرب وأميركا بوجه خاص.

السابق
الاحدب للمشنوق: أنت تدعي بأنك ضمير السنة وتقدم نفسك كرئيس بديل للحكومة
التالي
السيد: توصيف الحريري للسنة الملحقين بالمحور الايراني اهانة