تصريف الأعمال والتوافق العام على التهرب من المسؤولية

حكومة تصريف الأعمال أقل وطأة على لبنان من حكومة جديدة ضمن التوازنات السياسية المتداولة، هذه النتيجة يتم تداولها في أوساط قريبة من التيار الوطني الحر.

ينطوي هذا الاستنتاج على أن أثقال الحكومة المقترحة سواء كان فيها سنة 8 آذار أو لم يكونوا، هي أكبر من قدرة رئيس الجمهورية على تحملها، بسبب كونها عاجزة عن القيام بأي إصلاح طوعي طالما أن الفيتوات السياسية والطائفية جاهزة هذا من جهة، وفي نفس الوقت ستكون عرضة لضغوط خارجية بسبب دور حزب الله المحوري فيها.

اقرأ أيضاً: وما زالت باريس مربط خيلنا

بقاء هذه الحكومة في عملية تصريف الأعمال، على الرغم من أنه ينطوي على تسليم بأن عربة الدولة تتجه نزولا نحو هاوية مالية واقتصادية محققة، الاّ أن القوى السياسية وعلى رأسها حزب الله مهتمة برصد مسار العقوبات الأميركية على إيران، وتلك المتصلة بالعقوبات على حزب الله، والمدى الذي يمكن أن يصل اليه التصعيد المتبادل بين واشنطن وطهران، لأن ذلك هو ما سيقرر الفضاء الذي سيحيط بلبنان، هل هو قبول باستمرار وصاية حزب الله على السياسة والأمن، أم أنّ ثمة وجهة أخرى معاكسة تمهد لمزيد من الإجراءات التي تضيق الخناق على حزب الله، ولبنان لن يكون بمنأى عن تداعياتها.

لا شك أن حزب الله هو الذي قرر وقف مسار تشكيل الحكومة، من خلال إخراج أرنب الوزير السني من كمّه، لكن في المقابل لم يكن رئيس الجمهورية الذي أعلن اعتراضه على هذا التوزير، في وارد خوض أي مواجهة مع حزب الله في سبيل التراجع عن مطلبه.

الرئيس عون أدرك منذ أن تمّ منعه من الحصول على الثلث المعطل أو الضامن مع وزراء التيار الوطني الحر، أن فرصه في الحكم لن تتجاوز الحصة المسيحية بمفهوم المحاصصة، ولن تتعداها الى ما يتصل بالانخراط في عملية انقاذية تتطلب بالضرورة الاستعانة بالمجتمع الدولي والعربي وهي لن تكون من دون مقابل.

اقرأ أيضاً: الرئيس وحزب الله: الزوج المخدوع

وهذا المقابل لم يعد خافياً، أي إعادة الاعتبار للدولة وتهميش الدويلة تمهيدا لإلغائها. لذا فإن رئيس الجمهورية وحتى الرئيس المكلف يتناغمان من دون أن يتلوثا بلوثة تعطيل الحكومة، فحزب الله عطّل وهما لا يضيرهما التأقلم مع خيار التعطيل، طالما أنهما يعلنان في السرّ والعلن عن عحزهما عن حلّ معضلة حزب الله والوقوف في وجه خياراته على صعيد الحكم.

فكرة حكومة تصريف الأعمال تتناسب مع السلطة التي تحكمها توازنات تمنعها من تشكيل حكومة فاعلة ويمكن أن تحدث فرقاً، وطالما أنّ إغراء اللامسؤولية ينتاب الجميع ويمكن لكل طرف تسويقه لدى جمهوره، فبقاء الحكومة على صيغتها القائمة اليوم، يضفي مزيدا من شعور الارتياح لدى الرؤساء ولدى حزب الله، وهذا موصول بجملة يرددها هؤلاء كتعبير عن قيامهم بالواجب”اللهم إني بلغت”.

السابق
الدبّ السوري
التالي
لماذا أسقط حزب الله «حكومة العهد»؟