الهويّة الفلسطينيّة: من التبلور إلى خطر التشظّي

من هو الفلسطينيّ؟

سؤال الهويّة لدى الفلسطينيين وُلد بولادة قضيّتهم الوطنيّة، وتأثّر بتحوّلاتها السياسيّة منذ بدايات القرن الماضي، ويستحيل تصوّرُ حاضر هذه الهويّة ومصيرِها في معزلٍ عن واقع القضيّة الوطنيّة ومستقبلها والحلولِ السياسيّة التي تُطرح عليها. وهذا الارتباط لا يعني أنْ لا وجود لهويّةٍ فلسطينيّةٍ قبل بدء الصراع مع الصهيونيّة، أو أنّ الأولى محضُ ردّ فعلٍ على الثانية؛ فالحال أنّ تبلور هويّة أيّ مجتمع يتمّ ضمن صيرورة طويلة ومعقّدة: فالهويّة ليست ابنةَ اللحظة، بل نتاجُ تفاعلٍ مع التاريخ، وهي ملازمة للسياق السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ الذي يمرّ به المجتمع.

كانت الهويّة الفلسطينيّة جزءًا من سياقٍ عامّ دخله المشرقُ العربيُّ مع تفكّك الدولة العثمانيّة. ومن المعروف أنّه في تلك الفترة بدأ تنامي الفكر القوميّ العربيّ في وجه التتريك، وكان يُفترض أن يكون جزءًا من مخاضٍ طويلٍ يتداخل فيه مع التحوّل الاقتصاديّ والسياسيّ، وصولًا إلى مجتمع ذي “تعبيراتٍ جديدةٍ” عن هويّةٍ تلائم العصرَ الجديد.(1) ولكنّ هذا المخاض لم يكتملْ، بل قطعه الاستعمارُ الأوروبيّ. فأخذ تبلورُ الهويّة العربيّة تحت الاستعمار منحًى آخرَ يرجَّح أن يكون مختلفًا تمامًا عن منحاه “الطبيعيّ” المفترض.

اقرأ أيضاً: غياب المؤسسة الجامعة في الشتات الفلسطيني

ضمن هذا السياق كان لا بدّ للمجتمع الفلسطيني من أن يتأثّر بما تأثّر به محيطُه العربيّ. فقد قطع الانتدابُ البريطانيُّ تبلورَ هويّته تبلورًا “طبيعيًّا.” ولكن الخصوصيّة التي ميّزتْه من سائر بلدان المشرق الأخرى بدأتْ مع مواجهة الحركة الصهيونيّة؛ فهذه كانت مواجهةً مع فعل اقتلاعٍ ونفيٍ واحتلالٍ وإحلالٍ، لا مواجهةً مع استعمارٍ عسكريّ واقتصاديّ كلاسيكيّ. ولقد كان لدى الحركة الصهيونيّة إدراكٌ مسبّقٌ، على ما تُظهر أدبيّاتُها وممارساتُها، بأنّ نجاحَ مشروعها يتوقّف على قدرتها على إقصاء المجتمع الفلسطينيّ وسلبِه ثقافتَه وأرثَه وسرديّاتِه، وإحلالِ نفسِها مكانه. ولهذا، فمثلما يشكّل تفكّكُ الدولة العثمانيّة نقطةً محوريّةً في تبلور الهويّة العربيّة المعاصرة، فإنّ المواجهة الفلسطينيّة مع الصهيونيّة تمثّل نقطة انطلاقٍ لتبلور الهويّة الفلسطينيّة المعاصرة. إنّها ردّةُ فعلٍ طبيعيّة، يمارسها الفردُ والمجتمعُ على حدّ سواء، حين يتعرّض وجودُهما للخطر. وهي تنقل ممارسةَ الهويّة من حالة اللاوعي العفويّة إلى حالة الوعي الهادف إلى تأكيد الذات.

من النكبة إلى الثورة

الانتقال الفرديّ والجماعيّ من اللاوعي بالهويّة إلى الوعي بها يعني تحوّلَها إلى “هويّةٍ متخيَّلة” ـــ وهو تحوّلٌ ناتجٌ من غياب الأرض والنفي وانهدامِ البنية المجتمعيّة. في هذه الحالة يصبح البعدُ الوجدانيّ، والذاكرةُ الجماعيّة، والرموزُ، بمثابة روح الهويّة ومجالِ تبلورها الاستثنائيّ. وهذا ما تجذّر فعليًّا، في الحالة الفلسطينيّة، مع وقوع النكبة، والدخولِ الجماعيّ في مأساة اللجوء، إذ بدأت تتبلور هويّةٌ فلسطينيّةٌ وطنيّة. قبل النكبة كانت الهويّة العائليّة والحمائليّة، إلى جانب الهويّة الطبقيّة المتمثّلة في ثنائيّة “فلّاح/ إقطاعيّ” و”قرية/ مدينة،” هي الأبرز، وكانت تستمدّ حضورَها وقوّتَها من ملْكيّة “الأرض.” ومن الطبيعيّ أن تتراجع تلك الأشكالُ من الهويّة تراجعًا كبيرًا بعد ضياع الأرض والدخولِ في محنة اللجوء. وقد بدأ هذا التبلورُ الوطنيُّ قبل التهجير في العام 1948، ومثّلتْ ثورةُ 1936 أبرزَ محطّاته: فهذه كانت ثورةَ فلّاحين مطرودين من الأراضي التي كانوا يعملون فيها، فإذ بهم يجدون أنفسَهم عمّالًا على هوامشِ مدينتيْ حيفا ويافا. خلال هذه الثورة بدأ الخوفُ الجماعيّ من المستقبل يظهر أكثر فأكثر، فساد نوعٌ من الانسجام الاجتماعيّ، أسهم بدوره في تقدّم الشعور الوطنيّ على غيره من الانتماءات ما دون الوطنيّة.

بعد النكبة لم يكن ممكنًا أن يكتمل تبلورُ الهويّة الوطنيّة إلّا بتشكّل الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة وولادةِ منظّمة التحرير سنة 1964؛ ذلك لأنّ علاقة الفرد والجماعة بالهويّة ليست مجرّدَ علاقةٍ عاطفيّة، بل لا بدّ من وجود شرط المصلحة المشتركة أيضًا. وفي السنوات الممتدّة بين النكبة وانطلاق الثورة، كان الفلسطينيُّ ما يزال يرى مصلحتَه المشتركة في الدعم العربيّ. وزادت هذه القناعةُ رسوخًا بعد ثورة 23 يوليو 1952، وانتشارِ الخطاب القوميّ. في هذه السنوات كان الشبابُ الفلسطينيّ ينضمّ إلى الأطر القوميّة، كحركة القوميين العرب والحزبِ السوريّ القوميّ الاجتماعيّ، التي كانت تتّخذ من القضيّة الفلسطينيّة عنوانًا لها. بمعنًى آخر، لم يكن للفلسطينيين مشروعُهم الوطنيُّ الخاصُّ بعد.

إذا كانت هزيمةُ الأنظمة القوميّة عام 67 قد شكّلت النقطةَ الحاسمة في بدء الفلسطينيين في التفكير في المزيد من الاعتماد على أنفسهم وبلورةِ مشروعٍ وطنيٍّ فلسطينيٍّ خاصٍّ بهم، فإنّ معركة الكرامة عام 68 نقلت الشعورَ الفلسطينيَّ العامّ من الانكسار إلى الافتخار، وكأنّها جاءت لتقدّمَ البرهانَ على واقعيّة المشروع الوطنيّ الوليد. فبعد الانتصار في هذه المعركة انضمّ الشبابُ الفلسطينيُّ بأعدادٍ كبيرةٍ إلى التنظيمات الفلسطينيّة، وخصوصًا حركة فتح والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، ما أنعش الهويّةَ الوطنيّةَ بشكلٍ لم يسبقْ له مثيل. وبهذا اتّخذ الانتماءُ إلى هذه الهويّة معانيَ مختلفةً أكثرَ إيجابيّةً، إذ أضيفت إلى رموز الهويّة الوجدانيّة المتخيَّلة (كالمخيّم والمفتاح) رموزٌ جديدةٌ (كالفدائيّ والبندقيّة والشهيد). وتبدّلتْ صورةُ المخيّم من مكانٍ للفقر والبؤس إلى مصدّرٍ للفدائيّين وطريقٍ للعودة.

هنا علينا التأكيد أنّه كلّما شعر المجتمعُ بقدرته على التأثير في حاضره قويتْ علاقةُ الفرد بهويّته، في حين غالبًا ما يُضعف الشعورُ بالهزيمة الهويّةَ الوطنيّةَ أو القوميّةَ لصالح الهويّات الفرعيّة، لتصبح رؤية المجتمع إلى تاريخه رؤيةً سلبيّةً، ولتنتشر ثقافةُ جلْد الذات، كما هو حالُ العربيّ اليوم.

هكذا، وفي غياب الجغرافيا والوطن، جاء المشروعُ الوطنيُّ الفلسطينيّ ليمثّل الحاضنةَ العمليّة لتبلور الهويّة. وبعد أن كان الفلسطينيون تجمعهم المحنةُ المشتركة، صاروا أصحابَ مصلحةٍ مشتركةٍ تتمثّل في هذا المشروع الجامع. وهذا ما حال دون نجاح البرامج السياسيّة الأخرى التي لا تريد أن تراهم شعبًا واحدًا في شتاتهم.

من الثورة إلى الدولة

ما فعله مشروعُ أوسلو أنّه فكّك هذا الإنجازَ الوطنيّ، الذي يمكن وصفُه بأنه أهمُّ إنجاز للشعب الفلسطينيّ خلال السنوات التي أعقبت النكبة. وقد جاء هذا التفكيكُ عبر تضخيم مؤسّسة السلطة الفلسطينيّة، التي لا تمثّل قانونيًّا وسياسيًّا إلّا سكّانَ الضفّة الغربيّة وقطاعِ غزّة، مقابلَ إضعاف (بل تغييب) منظّمة التحرير التي تمثّل الفلسطينيين في مختلف أماكن وجودهم، وكَسْرِ قاعدةِ الإجماع الوطنيّ المتمثّلةِ في برنامجها.

فشلت السلطةُ في أن تحقّق هدفَها في التحوّل إلى دولة، ولم تلتزم في أن تتبع منظمةَ التحرير وأن تدارَ وفق رؤيتها الوطنيّة. وسرعان ما ابتلعت السلطةُ بقيّةَ مكوّنات النظام السياسيّ. وبذلك انتقل ثقلُ الاهتمام السياسيّ والاقتصاديّ إلى الضفّة والقطاع. وتدريجيًّا استطاعت “إسرائيل” إغراقَ قيادة السلطة في تفاصيلَ تفاوضيّةٍ وإداريّةٍ وحياتيّةٍ كثيرة، لتصبح هذه التفاصيلُ هي جوهرَ القضيّة، بعد أن كان الجوهرُ هو قضيّة اللاجئين وعودتهم. وفجأةً أصبح أكثرُ من نصف الشعب الفلسطينيّ في الشتات وأراضي 48 على هامش الاهتمام الوطنيّ.

ترافقتْ مع ذلك كلّه محاولةُ السلطة إعادةَ صياغة الرواية الفلسطينيّة التي تبلورتْ في حضنها الهويّةُ الوطنيّةُ في الأصل. فتحت شعار “بناء ثقافة السلام” عُدّل الميثاقُ الوطنيّ عام 1996 ليصبح العدوُّ “شريكًا في السلام،” وليصبح “التعايشُ المشتركُ” بديلًا للتحرير. ولهذا الغرض شهدت السنواتُ التي سبقت الانتفاضةَ الثانية سنة 2000 برامجَ تطبيعيّةً كثيرةً كان جلُّ تركيزها على الشباب. ولئن لم تنجح هذه البرامج كما أريدَ لها، فقد عَمّقتْ على الأقلّ الشرخَ الوطنيّ، وأخضعتْ كثيرًا من المسلَّمات الوطنيّة للجدل والاختلاف، وأسّستْ لثقافةٍ جديدةٍ يمكن تلمُّسُ مظاهرها الاستسلاميّة والاستهلاكيّة في الخطاب السياسيّ والإعلاميّ المحلّيّ السائد اليوم. وهذا المسار السياسيّ الجديد، خارج إطار منظّمة التحرير وبرنامجِها، كسر العلاقة الوجدانيّة التي تربط الفلسطينيين في مختلف أماكن وجودهم، وأدخل هويّتهم في مرحلة الوهن والتفكّك.

وإلى جانب هذا التحوّل السياسيّ، ذهبت السلطةُ الفلسطينيّة بعيدًا في تفكيك الهويّة الوطنيّة عندما تحوّلتْ سريعًا إلى ما يسمّيه جميل هلال “النظامَ الزبائنيّ.” هذا النظام قائمٌ على المحسوبيّة، أيْ يحدّد علاقتَه بالأفراد والجماعات وفقًا لدرجة قربهم إليه وولائهم له. وفي ظلّ هذا النظام، ونتيجةً طبيعيّةً لانتشار الفساد، عادت الهويّاتُ العائليّةُ والمناطقيّةُ لتفرضَ نفسَها من جديد. حتى إنّ السلطة أصدرتْ في العام 1994 مرسومًا رئاسيًّا بإعادة تشكيل مجلس “إدارة شؤون العشائر”! وهكذا أصبحت العائلة، بل التنظيمُ السياسيّ بعد تراجع دوره التحرّريّ، سلّمًا للوصول إلى مصلحةٍ ما، كالحصول على وظيفة. ثمّ ظهرتْ تدريجيًّا الهويّةُ الطبقيّة، نتيجةً لتراجع الطبقة الوسطى، ولاتّساعِ الفجوة بين الأغنياء والفقراء، على إثر السياسات الاقتصاديّة والاجتماعيّة الليبراليّة التي فرضتها السلطةُ الفلسطينيّة بتوجيهٍ من البنك الدوليّ والمؤسّسات الرأسماليّة العالميّة الأخرى، فعادت البرجوازيّةُ لتتحكّم بالحياة السياسيّة كما كانت الإقطاعيّة تتحكّم بها في السابق.

هكذا تمّت إعادةُ إحياء هويّاتِ ما قبل النكبة على حساب الهويّة الوطنيّة. حتى الهويّة الدينيّة وجدتْ حيّزًا لها بعد أن ملأتْ حركةُ حماس فراغ منظّمة التحرير وورثتْ عنها الكفاحَ المسلّح.

انتعاشُ الهويّات الضيّقة هذا، وانتشارُ ثقافة الاستهلاك والفساد والاتكالِ على التمويل الدوليّ، واتساعُ الفجوة الطبقيّة، إلى جانب غياب برنامجٍ وطنيٍّ جامع: كلُّ ذلك عنى أيضًا ارتفاعَ شان المصلحة الفرديّة، وتعزُّزَ ثقافةِ الخلاص الفرديّ. بمعنًى آخر، دخلت الهويّةُ الفلسطينيّةُ التي تبلورتْ على مدى العقود الماضية مرحلةَ التفكّك في شقّها الوجدانيّ المعنويّ “المتخيل”؛ كما فقدتْ ركيزتها المادّيّة المتمثّلة في “المصلحة المشتركة.” وما الانقسامُ بين الضفّة الغربيّة وقطاعِ غزّة، وضعفُ التفاعل مع ما تعرّض له القطاعُ من عدوانٍ سنة 2014، وضعفُ التواصل مع اللاجئين وإهمالُ مصالحهم الحياتيّة، وإخراجُ الفلسطينيين في أراضي 48 من دائرة الاهتمام الرسميّ، وظهورُ ثقافة “التضامن” الهزيلة (كتضامن الضفّة مع غزّة، أو التضامن مع الأسرى، أو التضامن مع أسَر الشهداء …)، إلّا من عوارض تفكّك الهويّة الوطنيّة. فقد بات المجتمعُ أقربَ إلى مجموعاتٍ ذاتِ مصالحَ مختلفةٍ ومتناقضة، ومحنتُها لم تعد مشتركة، ومصيرُها لم يعد كذلك أيضًا. لقد فتك “حلُّ” أوسلو بقواسم المجتمع الفلسطينيّ المشتركة قبل أن يفتكَ بالقضيّة الوطنيّة.

أملٌ لا بدّ منه

على الرغم من هذه الصورة السلبيّة والواقع الخطير الذي عرضناه، هنالك هوامشُ أملٍ واضحةٌ لا بدّ من الإشارة إليها. فقد ساهم تطوّرُ وسائل الاتصال في فتح فضاءٍ لا تمْكن السيطرةُ عليه، وقد استثمره الشبابُ الفلسطينيُّ للتواصل فيما بينهم في مختلف أماكن وجودهم، لا للتعارف والنقاش فحسب، بل لبناء مشاريع عمليّة مشتركة على الأرض أيضًا. واليوم، ما بين الشتات وأرض الوطن، يمكن تلمّسُ ملامح إنتاجٍ فنّيّ وأدبيّ يحمل هويّة مشتركة في المحنة والمصير.

من جهةٍ أخرى، ورغم كلّ محاولات تشويه الوعي خلال العقدين الماضيين، مازال هناك شبابٌ متمسّكٌ بوعيه الوطنيّ وروايته الأصليّة: إنّه الشباب الذي نراه اليوم في الضفّة الغربيّة تحديدًا، في انتفاضته الثالثة، يسير وحيدًا عكس تيّار الأغلبيّة المنكسرة.

ولكنْ، حتى لا يبقى هذا الأملُ معلّقًا في الهواء، فإنّه لا غنى عن وجود مؤسّساتٍ وطنيّةٍ جامعةٍ تحتضن هذا الجيلَ الجديد. ولذلك لن نكرّر ما يقال دائمًا عن “ضرورة إعادة إحياء منظّمة التحرير وبرنامجها الوطنيّ” لأنّ ذلك لن يحصلَ ما بقيت السلطةُ الفلسطينيّة قائمةً. لا بدّ، إذن، أولًا، من التوصّل إلى قناعة بأنّ هذه السلطة أصبحتْ مجرّدَ مشروع اقتصاديّ تديره نخبةٌ متنفّذه؛ وأوّلُ مَن يجب أن يفكّر في هذا الاتجاه هو حركة “فتح” لأنّها هي نفسها سُلبتْ من قِبل هذه “النخبة.” ثانيًا، على الحركة المركزيّة الثانية، أيْ حركة حماس، أن تعيد النظرَ في موقعها الحاليّ من السلطة، فتتخلّصَ من سياسة المزاوجة بين المقاومة والحكْم؛ وهي سياسة أوصلتْ قطاعَ غزّة إلى مربّعٍ ضيّق.

ولمّا كان ذلك غيرَ متوقّع بهذه السهولة من قِبل الحركتيْن، فإنّ وعي الشباب يبقى هو الحصنَ الأخير، وعليه أن يضغط بكلّ ما يملك ـــ وهو فعلًا قادر ـــ من أجل دفع الأحزاب إلى تحمّل مسؤولياتها. وهنا تحديدًا تقع على اليسار الفلسطينيّ، وخصوصًا الجبهة الشعبيّة، مسؤوليّةٌ كبيرة. فقبل الحديث عن استرداد الوطن الفلسطينيّ، فإنّ على المجتمع الفلسطينيّ أن يستردّ نفسَه ووعيَه من المتاهة التي دخل فيها، وأن ينقذ هويّتَه من التفكيك.

 

السابق
المستقبل وأزمة الهوية: تيار عابر للطوائف أو ممثل السنة؟
التالي
ماذا عن الشيعة المستقلين؟