موزاييك مناطقي على صورة «تكتل موحد»!

لأول مرة منذ عام 2005، فاز 10 نواب سُنة من خارج عباءة تيار "المستقبل". ويحاول البعض من هؤلاء النواب، تشكيل نواة معارضة سُنية، لنيل حصص وزارية في الحكومة.

وهكذا، أضيفت “العقدة السُنية” الى جملة العُقد الطائفية التي تعرقل ولادة الحكومة، مثل “العقدة المسيحية” و”العقدة الدرزية”. ما يعني ان الطائفة الوحيدة في لبنان، التي لا تعاني من أي عُقدة، هي الطائفة الشيعية!

وهؤلاء هم النواب السُنة العشرة:

1 – رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، نائب عن طرابلس، فاز مع ثلاثة نواب من كتلته (ماروني وارثوذكسي وعلوي).

2 – فؤاد المخزومي، نائب عن بيروت، حالة مستقلة.

3 – أسامة سعد، نائب عن صيدا، معارض مستقل.

4 – بلال عبد الله، نائب عن الشوف، عضو في كتلة “اللقاء الديمقراطي” التي يرأسها نجل وليد جنبلاط.

5- عدنان طرابلسي، نائب عن بيروت، عن جمعية المشاريع الخيرية، وعضو في كتلة “حزب الله”.

اقرأ أيضاً: حزب الله يضغط لتمثيل سنّة 8 آذار ولقاء الحريري – عون فشل بحلحلة العِقد

6 – الوليد سكرية، نائب عن بعلبك ، عضو في كتلة “حزب الله”.

7 – قاسم هاشم، نائب عن شبعا ، عضو في كتلة “التحرير والتنمية” التي يرأسها نبيه بري.

8- عبد الرحيم مراد، نائب عن البقاع الغربي (مقرّب من التظام السوري وحزب الله).

9 – فيصل كرامي ، نائب عن طرابلس (مقرّب من حزب الله).

10 – جهاد الصمد ، نائب عن الضنية (مقرّب من حزب الله).

وبصرف النظر عن ان هؤلاء النواب العشرة لم يخوضوا الانتخابات من ضمن لائحةٍ واحدة، ولا يمثلون دائرةً إنتخابية واحدة، وليس لهم ولاء حزبي واحد – رغم أن ولاء الأغلبية منهم ، هو بشكل صريح لحزب الله، وقد فازوا على لوائحه وبأصوات قاعدته الإنتخابية – أقول بصرف النظر عن هذه الوقائع، إلا ان 6 نواب منهم (طرابلسي، هاشم، مراد، سكرية، كرامي، الصمد) يقدمون أنفسهم وكأنهم كتلة واحدة متراصّة، فقط بسبب انتمائهم الطائفي ، ويطالبون بالحصول على مقعد أو مقعدين وزاريين في الحكومة . وقد صرّح النائب جهاد الصمد: “نحن نمثل أكثر من 40 في المائة من أصوات الناخبين السُنة، لذا، يجب أن يكون لنا صوت ودور في الحياة السياسية في البلد”.

– ولكن، إذا اخرجنا عدد الأصوات التي نالها كل من النواب: نجيب ميقاتي وأسامة سعد وفؤاد المخزومي وبلال عبدالله، من نسبة التمثيل السُني خارج تيار المستقبل، فهل تظل نسبة ال 40 في المائة التي يعلن نواب هذا التحالف المعارض انهم نالوها، نسبةً صحيحةً، أو تصلح للضغط أو للمطالبة بالتوزير؟!

– ولو افترضنا أن هؤلاء النواب، ينتمون الى الطائفة الشيعية او المسيحية أو الدرزية أو العلوية، فهل كان لزعماء الطوائف ورؤوساء اللوائح الذين يدعون احتكار طوائفهم،أن يقبلوا بتوزير خصومهم من ضمن حصتهم الحزبية والطائفية؟!

– ألم يسبق لحزب الله الشيعي ان قدم من حصته، مقعداً وزارياً، إلى حليفه السُني فيصل كرامي؟!

-ألم يقُم رئيس الجمهورية المسيحي بتقديم مقعدٍ وزاري الى شخصية سُنية ( طارق الخطيب)؟!

– ألم يرد إسم “غطاس خوري” المسيحي، ضمن لائحة الوزراء المحسوبين على رئيس الوزراء السُني، في الحكومة العتيدة؟!

– أليس من الغريب أن هناك من يعاند وينازع حزب القوات اللبنانية الذي حصل على كتلة نيابية وازنة تتألف من 15 نائباً، بغية تخفيض عدد المقاعد الذي يستحق أن يناله في الحكومة؟!

– هل كان رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية (لديه 3 نواب فقط في زغرتا)، ليتجرأ على المطالبة بالإحتفاظ بحقيبة الأشغال العامة التي تعتبر من الوزارات المهمة في الحكومة، لولا دعم حليفه “حزب الله”؟!

فهل يحق لمجموعة من النواب ليس لهم أجندة موحدة، ويتوزعون على عدة تكتلات نيابية (ومع ذلك يصفون أنفسهم بأنهم “مستقلون”!) وينتمون إلى موزاييك مناطقي يمتد من الشمال الى البقاع مروراً بالجبل، أن يجتمعوا على حين غرّة، وأن يطالبوا بحصة وزارية سُنية بصفتهم كتلة متراصة ومتناغمة، مع علمهم أن معيار التوزير ليس الإنتماء الطائفي فقط، بل الولاء الحزبي أولاً، وأخيراً، وقبل كل شيء؛ وأنّ بإمكان زعيم الحزب أن يأتي بوزراء من خارج طائفته، دون أن يلقى أيّ معارضةٍ تُذكر، من جانب أتباعه؟!

ما ورد أعلاه، ليس لقطع الطريق على توزير أيّ شخصية، بل للقول إنه لا يجوز المساهمة في إبتداع عُقد (وهمية) إضافية، أو وضع المزيد من الذرائع المختلقة، في يد مَن يسعى إلى عرقلة تشكيل الحكومة، بهدف تحقيق أكبر المكاسب الممكنة لنفسه، وليس تعاطفاً مع أي مظلومية تمثيلية لأي مجموعة من النواب.

منطقياً: مَن يريد أن يُوزّر في بلدٍ كلبنان قائمٍ على المحاصصة الحزبية والطائفية والمناطقية،فعليه أن يطلب ذلك من حصة حلفائه، لا من حصة خصومه السياسيين وإذا رُفض طلبه من الطرفين، فما عليه سوى أن يتحول الى “المعارضة”!

السابق
أميركا تتحرّك لوقف حرب اليمن والحوثيون لا يرحبون
التالي
من الحرية إلى البطاطا