هل يريدونها «حكومة سليماني»؟

قاسم سليماني
هناك ازدواجية معايير تفرض موازين قوى غير حقيقية، ومن ذا الذي يصدق بأن هذه العقد تولد صدفة، والجميع يعلم بأن مايسترو الحياة السياسية اليوم في البلد وضابط إيقاعها هو حزب الله دون مواربة.

من منا لا يذكر الإسم الذي أطلقه حزب الله وفريق 8 آذار على حكومة فؤاد السنيورة بعد العام 2006، ألا وهو ” حكومة فيلتمان ” نسبة للسفير الأميركي في بيروت يومها، والتي إنتهى الأمر بإسقاطها عسكريا في 7 أيار 2008 بعد الفشل في إسقاطها سياسيا وشعبيا عبر الاعتصام الذي دام حوالي السنتين.

اليوم وبعد كل الذي حصل ويحصل منذ تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة الأولى بعد الانتخابات، يبرز سؤال جوهري وأساسي في تشكيل حياتنا السياسية أقله حتى نهاية هذا العهد، والسؤال هو : هل يريدونها “حكومة سليماني” خصوصاً أننا على أبواب فرض العقوبات على إيران وما سبقها وما قد يليها من عقوبات طالت حزب الله؟

اقرأ أيضاً: حزب الله يضغط لتمثيل سنّة 8 آذار ولقاء الحريري – عون فشل بحلحلة العِقد

ما يدعو لهذا السؤال هو العقبات التي رافقت ولا تزال مهمة تشكيل الحكومة والتي أتت وتأتي من جانب حزب الله وحلفائه تحديدا. فبعد أن فرض الثنائي الشيعي حصته وحسم حقائبه دون نقاش أو حتى تفاوض، بدأت العقد تظهر تباعا عند الأطراف الأخرى جميعها المسيحية منها والدرزية، وصولا إلى العقدة السنية، بعد أن كانت منذ فترة أرمنية ولا نعلم إذا ستصبح غداً علوية، وكلها عقد تأتي – ويا للمصادفة أيضا – من الأطراف الحليفة لحزب الله .

تتراكم العقد من عقدة الحصة الرئاسية من ناحية العدد والتمثيل الطائفي، إلى عقدة الحقائب السيادية لدى المسيحيين وما قيل عن تحسس ما من منح وزارة الدفاع أو الخارجية للقوات اللبنانية، إلى العقدة الدرزية الناتجة عن محاولة فرض توزير طلال أرسلان على وليد جنبلاط، إلى عقدة حقيبة العدل التي قيل إنه قد تم الاتفاق على إعطائها للقوات قبل أن يتم التراجع عنها، ومحاولة حشر القوات عبر التلويح بمهلة أخيرة أو السير بمن حضر، وهي كما يبدو كانت محاولة لإحراج القوات فإخراجها، وهو ما لم يتحقق بعد قبول القوات المشاركة في سيناريو يختلف تماما عن سيناريو الحكومات الأولى لما بعد الطائف.

اليوم تعود فتبرز إلى الواجهة العقدة السنية المتمثلة بمحاولة فرض تمثيل سني من خارج المستقبل، ودائما بحجة حكومة الوحدة الوطنية.

وهكذا نرى بأن هناك ازدواجية معايير تفرض موازين قوى غير حقيقية، ومن ذا الذي يصدق بأن هذه العقد تولد صدفة، والجميع يعلم بأن مايسترو الحياة السياسية اليوم في البلد وضابط إيقاعها هو حزب الله دون مواربة.

اقرأ أيضاً: حزب الله ينتظر اتصالاً بطهران: أنا من يشكل الحكومة

حدث كل هذا وحزب الله نفسه لم يسمِّ الحريري كمرشح لتشكيل الحكومة، ومع ذلك حجز حصته وحصة حليفه الرئيس بري، وها هو اليوم يبدو وكأنه هو من يشكل الحكومة.

من هنا يبدو السؤال عما إذا كانوا يريدونها حكومة سليماني خصوصا أن سليماني نفسه كان قد أعلن أن حزب الله بات يملك الأكثرية في المجلس النيابي وأنه – أي سليماني – ليس بعيدا عن رسم التحالفات السياسية بعد العسكرية في المنطقة ابتداء بالعراق وليس انتهاء بلبنان، خاصة مع ما تشهده المنطقة من تطورات جديدة تمثلت بالضغط الغربي والدولي على السعودية جراء قضية خاشقجي.

فإلى متى سيبقى لبنان أسيرا اللعبة الإقليمية وتطوراتها، وإلى متى سندفع الثمن من حياتنا ومستقبلنا، وهل بقي لدينا أساسا ما ندفعه؟

السابق
الأملاك العامة في صيدا إلى زوال
التالي
ثلاثية حزب الله الحكومية: إبعاد الحريري، أو إدخاله ضعيفاً، ومنع حيازة «الثلث المعطِّل»