أبعاد قرار السلطة الفلسطينية بسحب اعترافها بإسرائيل

هشام دبسي لـ"جنوبية": "الإسرائيليون والأميركيون يدركون أن المجتمع الفلسطيني لن يقدم تنازلا حتى لو خسر السلطة، فقوته غير قابلة للتدمير لأنه شعب مقاوم على الأرض".

أصدر المجلس المركزي الفلسطيني مؤخراً قرارا يقضي بتعليق الاعتراف بإسرائيل، إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما أعلن وقف التنسيق الأمني والاقتصادي بين السلطة وتل أبيب، ووقف العمل بالاتفاقات الموقعة بينهما، واعتبار المرحلة الانتقالية، بما فيها اتفاق باريس، بوصفها لم تعد قائمة.

قرارات المجلس المركزي ليست جديدة فقد سبق له ان اتخذ قرارات مماثلة في العام 2015 وتعثر تنفيذها لأسباب تتعلق بالانقسامات الداخلية بين السلطة والفصائل الفلسطينية الأخرى ومنها حركة حماس، يضاف إليها تعنّت دولة الاحتلال وعدم التزامها بالاتفاقات المبرمة، إلى جانب تصعيدها لحملات الاعتقالات وقطعها للخدمات، وتشديدها الحصار وخاصة في قطاع غزة الذي يشهد مسيرات العودة الكبرى، وفك الحصار منذ 30 آذار الماضي.

اقرأ أيضاً: ماذا يعني تهديد السلطة الفلسطينية وقف «التنسيق الأمني مع اسرائيل»؟

وأكد المجلس المركزي في بيانه الختامي على مجموعة من القرارات، وخوّل ضمان تنفيذها للرئيس محمود عباس مباشرة، وأعلن عن استمرار موقفه الرافض ل”صفقة القرن” ومتابعة تنفيذ قرار مقاطعة الإدارة الأميركية باعتبارها داعمة وشريكة لإسرائيل.

شكوك كثيرة تحيط بقرارات السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس لناحية القدرة على التفلّت من القيود الأميركية، وسيطرة إسرائيل على القطاعات الحيوية الاقتصادية والأمنية، على ما يراه مراقبون.

الجدير بالذكر أن وفدا أمنيا مصريا كان قد غادر قطاع غزة أمس في اطار استكمال جهوده الساعية إلى إتمام عملية المصالحة بين حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، وإرساء التهدئة في القطاع وسط ترجيحات بقبول إسرائيل لجهود الوساطة الدولية والمصرية والاعتراف بسلطة حماس في غزة خشية تدهور الأوضاع فيه، مقابل تشديد منظمة التحرير الفلسطينية على ضرورة إنهاء حالة التمرد، واتهام حماس بفصل القطاع عن الضفة من خلال المشاريع المشبوهة التي تقوم بها، على حد زعمها.

المحلل الفلسطيني ورئيس مركز تطوير الدراسات، هشام دبسي قال في حديث لـ”جنوبية” إن “المقررات الصادرة عن المجلس المركزي الفلسطيني أتت كضرورة لمواجهة السياسة الأميركية المتبعة لفرض حلول من طرف واحد، مع فرض تسويات لا يمكن القبول بها، خاصة مع تبني الإدارة الأميركية وجهة النظر الإسرائيلية”.

حول قدرة السلطة الفلسطينية على رفض التمويل والمساعدات من الجانب الأميركي بعد قطع العلاقات معها، أشار دبسي إلى أن ” المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي ليست مواجهة عسكرية بقدر ما هي مواجهة بين مجتمعين، وشعبين، كما أن السلطة الفلسطينية هي تعبيرعن هذا الصراع، ولذلك يمكن القول إن القوة التي تستمدها لا تستند إلى فتح وحماس، بل إلى حركة الشعب الفلسطيني الذي يستجيب إلى دعوات المواجهة والتبعات التي تترتب عل ذلك، بحيث لا يمكن لأميركا أو إسرائيل إلقاء القبض على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.

وشدد دبسي على أن ” الإسرائيليين والأميركيين يدركون أن المجتمع الفلسطيني لن يقدم تنازلا حتى لو خسر السلطة، فقوته غير قابلة للتدمير لأنه شعب مقاوم على الأرض، والقضية لا يمكن أن تحصر، والسلطة بإمكانها اتخاذ قرارات وإجراءات ليس بالضرورة أن تنفذ كلها، فإعلان الموقف أهم من تنفيذه في هذه الظروف، والناس المتطرفون من يمين ويسار السلطة يعيبون على السلطة اتخاذها قرارات لا تنفذها، وسبب عجزها وهو أمر طبيعي في معادلة القوى القائمة، ومنطق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقوم على اتخاذ السلطة قرارات يتوجب عليها اتخاذها، بغض النظر عن قدرتها على التنفيذ”.

اقرأ أيضاً: واشنطن: السلطة الفلسطينية على شفير الانهيار

من جهة أخرى، اعتبر دبسي أن “حماس تلعب لعبة مزدوجة، ظاهرها يبدو لمصالحة مع فتح، ورفض الانقسام والفصل بين غزة ومناطق السلطة، ولكن في باطنها هي تؤدي إلى عكس ذلك، لأن حماس تعتبر أن قطاع غزة رهينة في يدها كي تجلس على طاولة المفاوضات مع الإسرائيلي والأميركي كما أن “الإخوان المسلمين” على المستوى الدولي كثيرا ما عقدوا اتفاقات سرية مع الأميركيين”.

وأعرب دبسي عن “عدم ثقته من توجه حماس إلى المصالحة لأن ذلك يلغي دورها كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي لم تنشأ لتكون جزءا منها، وهي اتخذت من قطاع غزة رهينة لتفاوض عليها بقضايا لا ترتبط بنظام المصلحة الفلسطينية العامة، بل بمصلحة ترتبط إيديولوجيا بالإخوان المسلمين وتصوراتهم لوجودهم في الشرق الأوسط، وقدرتهم على حيازة مناطق”.

السابق
مؤتمر «الأديان رسالة السلام في خدمة الإنسان»
التالي
رحيل الاعلامي المصري العروبي حمدي قنديل