فضيحة «المية ومية» والدولة التي ترفض الحسم

علي الأمين
لم يعد خافياً أن وظيفة السلاح الفلسطيني في المخيمات لم تعد نافعة لا للشعب اللبناني ولا للاجئين الفلسطينيين، بل باتت وظيفة لقتل الفلسطيني ولرذل السلاح مهما حمّل من شعارات وقضايا كبرى، فالسلاح في مخيم المية ومية وفي عين الحلوة، ليس إلا سلاحا للإيجار، يجري استخدامه لحسابات سياسية واستخبارية تضر القضية الفلسطينية ، وتناقض مصلحة العلاقة بين الشعبين اللبناني الفلسطيني كما أنه لا يحصد ضحايا إلا من أرواح الفلسطينيين بالدرجة الأولى.

ما جرى في مخيم المية ومية من اشتباكات بين حركة فتح ومجموعة أنصار الله التي يرأسها جمال سليمان، مرشح للتكرار في ظل غياب أي قرار حاسم من الدولة اللبنانية تجاه إنهاء ملف الفوضى الأمنية والعسكرية في مخيم المية ومية، والمؤسف أن الدولة اللبنانية، لاتزال مصرة على عدم اتخاذ قرار من قبلها يفرض بداية حسم المرجعية السياسية والأمنية داخل المخيمات لصالح الشرعية الفلسطينية، تمهيدا لبحث الملفات الأخرى المتصلة بالبعد الاجتماعي والتنظيمي للوجود الفلسطيني في لبنان.

اقرأ أيضاً: لماذا انتقل ملف المية ومية من صيدا إلى الضاحية الجنوبية؟

غياب الحسم لصالح توحيد المرجعية هو ما يشجع على مزيد من الفوضى، وعلى الاقتتال بين الحين والآخر، بل يثبّت اتهام الحكومة اللبنانية بأنها هي من تريد المحافظة على الفوضى القائمة، طالما أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أبدى استعداد منظمة التحرير الفلسطينية للسير خطوات بعيدة في اتجاه إنهاء الملف الأمني المتفجر وغير الشرعي في المخيمات الفلسطينية، لصالح تعزيز السيادة اللبنانية.

الحديث عن المؤامرات لم يعد مجدياً، طالما أن فرص إلغاء الوضع الأمني الشاذ في المخيمات، لم تجر معالجتها لصالح الشرعيتين اللبنانية والفلسطينية طيلة السنوات الماضية، أما اليوم فقد أصبح السلاح الفلسطيني مجرد سلاح قاتل، مع الأسف، فحتى من يستخدمه ويستثمره من اللبنانيين بات يتلو يوميا دروسا في الأخلاق والوطنية على الفلسطينيين ويدعوهم إلى عدم التقاتل! ولكن من الذي يمول ويدخل السلاح الى المخيمات؟ هل من عاقل يصدق أن القوى المسيطرة في محيط المخيم ليس لها دور في ذلك؟

اقرأ أيضاً: اشتباكات المية ومية: صراع السيطرة على الموقع الإستراتيجي

التورط في الدم الفلسطيني لا يفيد لبنان، لذا فإن رئيس الجمهورية مطالب بأن يعلن موقفا حاسما على هذا الصعيد، وهو يعلم أن النجاح في إنقاذ الفلسطينيين واللبنانيين ولا سيما أبناء بلدة المية ومية، يتطلب قرارا حاسما يريده معظم الفلسطينيين هذه المرة، وهو حسم المرجعية داخل المخيمات لصالح الشرعية الفلسطينية، لأن ذلك وحده كفيل بمعالجة كل الملفات العالقة، تحت مظلة بعبد،ا وليس في مكاتب حزبية لبنانية ولحسايات إقليمية.

إنهاء القتال في مخيم المية ومية يتطلب قرارا لبنانيا جديا يحظى بغطاء فلسطيني شرعي، وهذا وحده كفيل بإنهاء المجموعات المسلحة من دون الاضطرار لاستخدام طلقة بندقية. هذا لسان حال أبناء المخيم قبل غيرهم، لاسيما أبناء بلدة المية ومية الذين دفعوا ويدفعون ضريبة التسلية والعبث بالدماء والبارود وأرواح الأبرياء..

رئيس الجمهورية أمام مسؤولية وطنية وقومية، والتساهل بشأنها ليس لصالح الدولة ولا “لبنان القوي” أو “العهد القوي”.

السابق
لقاء «سيدة الجبل»: إن البديل من انتماء لبنان إلى محيطه العربي هو المجهول
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الثلاثاء في 30 تشرين الأول 2018