القوات في الحكومة: أولوية الصراع المسيحي، وتكريس مرجعية حزب الله

القوات اللبنانية
وافق حزب القوات اللبنانية على الانخراط في الحكومة، نجح خصومه وأصدقاؤه في وضعه بين خيارين، إما القبول بما قسِم له في جبنة الحكومة، أو الخروج نحو معارضة عارية لا تستقيم مع طموحات حزب القوات الذي أدرك على مايبدو، أن المعارضة في لبنان هي مقدمة للعزل وربما للشيطنة من الخصوم ومن الأصدقاء أيضاً.

اختار حزب القوات الانضمام إلى الحكومة بشروط خصمه المسيحي التيار الوطني الحر، فمهما بلغ عدد نواب القوات وتقدمها في الشارع المسيحي، فهي القوة الوحيدة المسموح للتيار الوطني الحر أن يحقق ضدها انتصاراً على الطريقة التي عبر عنها رئيس التيار جبران باسيل، خلال استقباله طلاب التيار الفائزين في انتخابات الجامعة اليسوعية قبل يومين، فباسيل لم يستطع تسجيل أي انتصار ولو بالنقاط في مسألة وزارة الأشغال التي قسمت لتيار المردة، بل عجز حتى مع دعم رئيس الجمهورية على فرض تعديل على اسم المرشح.

اقرأ أيضاً: انتهت «المارونية السياسية» … وانتهى لبنان

المرحلة المقبلة هي مرحلة الإنضواء في معارك داخل الطائفة، فالحيّز المتاح للقوات اللبنانية، هو خوض المواجهة الشرسة مع التيار الوطني الحر، وسيتلازم ذلك مع تقارب مع “المردة”، ولعل الأهم هو استمرار رسائل الودّ المباشرة وغير المباشرة مع حزب الله وحركة أمل، فالأوليات التي تناسب حزب الله، هي استغراق حزب القوات في مواجهة شبه حصرية مع التيار الوطني الحر، والأرضية جاهزة، فمن منع “القوات” من نيل ما تستحق حكومياً، هو التيار الوطني الحر، ولسان حال القواتيين حاشى لحزب الله أن يكون قد تدخل في منعهم من نيل وزارة سيادية.

إخراج الحكومة إلى الضوء كان ثمنه خلق خطوط تماس تحمي حزب الله واستراتيجيته، وهذا ما يبدو متحققاً في لعبة الصراعات التي نجح في فرضها على حلفائه وخصومه.

الخصومة بين “التيار” و”القوات” أشد وأدهى من خلاف الأخير وحزب الله، والصراع بين رئيس الجمهورية وجنبلاط كفيل بأن يجعل الأخير هادئاً ومتفهما لسلوكيات حزب الله، أما تيار المردة، فلن يضيره بل سيسعى مع حزب القوات إلى تهشيم الرئاسة الأولى وتيارها، وهذا ما سيجعل الرئيس القوي ودوداً ومسالما مع متطلبات “الأخ الأكبر” (حزب الله ) الذي لن يسمح بإضعاف الرئيس إلى حدّ يفقد فيه الأخ الأكبر إدارة لعبة التوازنات المسيحية بما تقتضي مصالحه.

إدارة التوازنات المسيحية باتت في قبضة حزب الله، وما أوحى به اتفاق معراب ذات نهار، بأنه يمكن أن يشكل قاعدة سياسية صلبة، كشف حجم عجز الأطراف المسيحية عن توفير الحدّ الدنى من شروط استعادة الدولة وسيادتها، التي طالما تغنى بها الرئيس ميشال عون والدكتور سمير جعجع.

وقع الطرفان في فخّ الوصاية، واحد باسم حماية المسيحيين، والثاني باسم حفظ الوجود السياسي، وكلا الطرفين شاء أم أبى فرض على نفسه أو فرض عليه سلم أولويات، يجعل من الصراع المسيحي المهمة المقدسة له.

السابق
تخارج الدولة والحرية في المجال العربي
التالي
عودة داعش: تفعيل ملف الحرب على الإرهاب لضرب الحل السياسي