زيارة نتنياهو إلى عمان: تمهيد إيراني للتفاوض حول العقوبات

سلطنة عمان
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى فحص عن زيارة نتنياهو لسلطنة عمان: "عمان المكان الأفضل والمناسب لتلتقي فيه إيران وأميركا وإسرائيل من أجل خوض مفاوضات ما قبل الرابع من تشرين ثاني".

شكلت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عمان أمس ولقائه السلطان قابوس بن سعيد الحدث الإقليمي البارز الذي غطى على كل المجريات والتطورات في المنطقة، لاسيما أنها تأتي في ظلّ إحتدام الصراع العربي – الإسرائيلي والهجوم على المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة وفي ظلّ قرار ترامب الذي قضى قبل شهور بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.

إلى ذلك تكتسب هذه الزيارة أهمية لحدوثها بشكل مفاجئ و ما رافقها من تسجيل موقف غير معلن يظهر عمان بصفتها مؤيدة لصفقة القرن التي تقضي بالتخلي عن القدس لصالح إسرائيل، وكأن المقاطعة التي تلتزم بها الدول العربية والخليجية تجاه إسرائيل لا تعنيها.

اقرأ أيضاً: معنى زيارة نتنياهو إلى سلطنة عمان

حجم الانتقادات العربية والدولية التي تعرضت لها سلطنة عمان دفعها إلى توضيح سبب الزيارة مشيرة إلى أن “الزيارة الفلسطينية والإسرائيلية تمت بطلب من كليهما، مؤكدة أن “عمان ليست وسيطة إنما تقدم التيسيرات فقط”، كما أن نتنياهو وصف هذه الزيارة بأنها “أول زيارة رسمية على هذا المستوى منذ 1996، وأنها تشكل خطوة ملموسة في إطار تطبيق سياسته الرامية إلى تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة”.

وصدر بيان مشترك للبلدين جاء فيه أنه تم التطرق خلال الزيارة إلى “سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، كما جرى مناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتي تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة”.

الكاتب السياسي والصحافي مصطفى فحص قال في حديث لـ”جنوبية” “إنها ليست الزيارة الأولى من نوعها لشخصية إسرائيلية رفيعة المستوى لسلطنة عمان”. أضاف “موقف سلطنة عمان من القضية الفلسطينية هو موقف غائم”، ولم تكن السلطنة تولي اهتماما بالقضية الفلسطينية يوازي اهتمام الدول العربية الأخرى وبعض دول الخليج كالسعودية والكويت”.

وبرأي فحص انه “كان لعمان مسافة خاصة من القضية الفلسطينية وذلك ضمن السياسات التي كانت تتبعها كدولة تلتزم الحياد في أغلب قضايا المنطقة، من الحرب العراقية – الإيرانية إلى حرب الخليج الثانية، إلى الخلافات مع إيران وحرب اليمن. هي دولة ذات موقف أقرب إلى عدم الانحياز وقد بقيت مصرة على دور الوساطة الذي تلعبه عبر ممرات سياسية وقنوات دبلوماسية”.

وقال فحص “المفارقة الآن أنه خلال الأزمة الخليجية – الخليجية والإيرانية- الخليجية، نستطيع القول إن عمان تحولت إلى ممر سياسي إلى إيران، ولا أحد يستبعد في هذه الفترة التقاء واشنطن وطهران في مسقط كما التقيا منذ سنوات بعيداً عن أنظار المجتمع الدولي من أجل ترتيب الاتفاق النووي، وقد يكون هناك لقاءات إيرانية – اميركية، وبما أن إسرائيل تطالب بأن تكون حاضرة في كل المشاروات الأميركية – الإيرانية يبدو أن أهداف هذه الزيارة تصب في هذا السياق. وبما أن عمان قادرة على أن توفّر مكانا على أرضها تلتقي فيه إيران وأميركا فانه من الممكن أن يفتح هذا اللقاء الثنائي الباب أمام لقاء ثلاثي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”.

مصطفى فحص

شرح فحص أنه “منذ فترة تم ترتيب وضع الجنوب السوري فجرت في إحدى العواصم العربية لقاءات غير مباشرة بين الإيرانيين والإسرائيليين برعاية روسية من أجل الابتعاد عن حدود فلسطين المحتلة في منطقة الجولان بالجنوب السوري”،

مستنتجا أن “عمان هي المكان الأفضل والمناسب للقاء لأطراف الثلاثة أي إيران والعرب وأميركا من أجل خوض مفاوضات ما قبل الرابع من تشرين الثاني وهو تاريخ بدء العقوبات المشددة على إيران لمنعها من تصدير نفطها”

كما رأى فحص أنه قد يكون ثمة فرضية ثانية للزيارة الإسرائيلية إلى عمان، ورأى ان “عمان التي لم تقطع علاقاتها مع الرياض وإيران إستغلت هذا الدور لتكون أيضا وسيطة بين الخليجيين والاسرائيليين بما انها تتمتع بعلاقة علنية مع اسرائيل لم تصل إلى مستوى التمثيل الدبلوماسي الكامل، خصوصا أن هناك من يدفع إلى ترتيب الوضع الخليجي – الخليجي وإلى إعادة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية بإعتبار أن المنطقة سوف تكون منشغلة عام 2019 بإيران والأولوية ستكون بالتالي لمواجهة الأخيرة وليس للصراع العربي – الإسرائيلي”.

اقرأ أيضاً: تبادل أسرى بين الأميركيين وحزب الله بوساطة الدولة اللبنانية

ويضيف فحص ان “الملك سلمان أطلق تسمية قمة القدس على القمة العربية التي عقدت في الرياض وقامت الأخيرة بالتغطية المالية لحاجات السلطة الفلسطينية ووصلت المبالغ التي دفعتها فوق 250 مليون دولار، فيما بعد الدول التي تتشدق بالدفاع عن فلسطين لم تقم بأي خطوة من أجل دعم القضية خصوصا ان الرياض تقف بحزم امام الإدعاءات التي تقول بان هناك من يريد تمرير ما يسمى بصفقة القرن”.

والملاحظة الأخيرة بحسب مراقبين، انه رغم الإدانة الإيرانية الباردة لزيارة نتنياهو لعمان، مع تأكيد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي على انه “لا ينبغي للدول الإسلامية بالمنطقة أن تفسح للكيان الصهيوني الغاصب وبضغط من البيت الأبيض بالتحرك لإثارة فتن ومشاكل جديدة في المنطقة”، إلا انه من غير المتوقع أن تتخذ طهران إجراءات عملية تجاه السلطنة لسبب أنها لا تزال تعتبرها نافذتها على الخليج العربي بسبب تمايزها السياسي وعدم إنخراطها في الحرب باليمن، ما وضع إيران وجارتها عمان في موضع يستفيد منه البلدان، تلعب فيه السلطنة دورها المعتاد كوسيط محايد في الأزمات، وتكون أرضها مسرحا لمفاوضات تتقاطع فيها مصالح جميع الأطراف.

السابق
سعد الحريري أيوب لبنان
التالي
اسألوا عن مالك العقار رقم «101» في بعلبك!