لماذا انتقل ملف المية ومية من صيدا إلى الضاحية الجنوبية؟

مخيم المية ومية
لماذا ممنوع على الشرعيتين اللبنانية والفلسطينية أن تحسما القرار الأمني والعسكري في مخيمات لبنان؟

لم تفلح محاولات الشيخ ماهر حمود، ولا جهود مكتب حركة أمل في حارة صيدا، في إيجاد حلول للاشتباكات التي جرت خلال اليومين الماضيين في مخيم المية ومية بين حركة فتح ومجموعة أنصار الله، فجرى رفع مستوى حركة الاتصالات بعد أن قام رئيس حكومة حماس في غزة إسماعيل هنية بسلسلة اتصالات مع قيادات لبنانية على رأسها الرئيس نبيه بري.

أفضت هذه الاتصالات إلى نقل الملف إلى الضاحية الجنوبية، حيث جمع حزب الله عبر المسؤول عن الملف الفلسطيني النائب السابق حسن حب الله مسؤولين في حركة فتح على رأسهم أمين سر منظمة التحرير فتحي أبو العردات وماهر عويد عن مجموعة أنصار الله التي يرأسها جمال سليمان، وخلص الاجتماع إلى إعلان وقف إطلاق النار الفوري وهو ما يرجح أن يصمد، لأنه يؤدي إلى منع الشرعية الفلسطينية المتمثلة بحركة فتح من الحسم.

اقرأ أيضاً: الجيش ومخطط «ميشال سماحة الفلسطيني» في المية ومية

لماذا ممنوع على الشرعية الفلسطينية أن تحسم القرار الأمني والعسكري في مخيمات لبنان؟

بداية لا يستقيم أي تحليل لما جرى وسيجري في مخيم عين الحلوة ومخيم المية ومية، في ظل سيطرة قوى الممانعة، إن لم ننطلق من القاعدة الذهبية التي وضعتها الوصاية السورية منذ ما بعد اتفاق الطائف، وورثها حزب الله وسار عليها، وهي: منع الشرعية اللبنانية أو الشرعية الفلسطينية أو الاثنان معا من حسم المرجعية الأمنية والعسكرية للمخيمات.

هذه السياسة المستمرة هي ما يفسر عدم قدرة حركة فتح وبدعم من الجيش اللبناني على حسم المعركة في مواجهة مجموعة اسمها أنصار الله متمركزة في المية ومية. لا تفسير لهذا العجز من قبل الشرعيتين اللبنانية والفلسطينية، إلا بوجود طرف من خارج المخيم يعمل على لجم توجه الحسم، خصوصاً أن الاستنفار السياسي الذي جرى ليل أمس الخميس من قبل حزب الله منع إنهاء المعركة، ودفع بمسؤولي حزب الله إلى إبعاد الملف تماما عن إشراف الجيش اللبناني الذي كان قد انتشر على أطراف المخيم، ونقله إلى بئر العبد في الضاحية الجنوبية.

السياسة المعتمدة والممنوع كسرها في إدارة ملف مخيمي عين الحلوة والمية ومية، هي عبر إبقاء المخيمات الفلسطينية عرضة للاستخدام السياسي وتوجيه الرسائل الأمنية وأن يبقى ساحة وملجأ للهاربين من القانون. لذا ممنوع أن تكون أي جهة أن تمسك أمن المخيم، وتتحمل أمام الدولة اللبنانية مسؤولياتها على هذا الصعيد، فضلا عن حماية أمن الفلسطينيين المقيمين فيه. من هنا يمكن فهم كيف أن الجيش اللبناني الذي غطى قرار فتح بالحسم لم يستطع إكمال مهمته كما حركة فتح.

لقد كشفت المعركة الأخيرة عن وجود بعض التباينات بين الأجهزة الأمنية اللبنانية، والتي تنطلق بالدرجة الأولى من منع الشرعية اللبنانية من القيام بواجباتها حيال ضبط الأمن ومنع الجماعات المسلحة غير الشرعية من العبث بأمن المخيمات ومحيطها والأهم هو تحكم حزب الله بإدارة هذا الملف بناء على مصالحه المحلية والإقليمية.

كان طبيعيا ومنطقيا أن تبرز مطالبات من أبناء بلدة المية ومية، التي عانت من الاشتباكات الأخيرة بضرورة سيطرة الجيش على المخيم وإنهاء الوجود العسكري الفلسطيني فيه، وهذا مطلب حق، لا سيما أن الجميع بات يعلم من التجارب العبثية خلال أكثر من ثلاثة عقود، أن السلاح الفلسطيني في المية ومية لم يعد له أي وظيفة نضالية، بل تحول إلى سلاح عصابات ومافيات وبندقية للإيجار.

اقرأ أيضاً: خلايا نائمة أم صاحية.. في «عين الحلوة»؟

قد يتوقف إطلاق النار وهذا على الأرجح سيتم، لكن على قاعدة تجدد الاشتباكات غبّ الطلب، وبناء على ما يريده الطرف المسيطر في البلد، وهذه هي مأساة أبناء المخيم وأبناء بلدة المية ومية، ولكن المأساة الأكبر هي مأساة الشرعيتين اللبنانية والفلسطينية باعتبارهما لا يتعرضان لمؤامرة من العدو الإسرائيلي بل من قوى تتلذذ باسم المقاومة والممانعة بالاستثمار بالدم الفلسطيني والدم اللبناني.

ما لم تحسم الدولة اللبنانية قرارها بنزع السلاح الفلسطيني في المخيمات أو تنظيمه تحت سلطة الشرعية الفلسطينية، فإن مسلسل التخريب الأمني في المخيمات ومحيطها سيستمر حين تقتضي المصلحة، التي تناقض قطعاً طموحات الفلسطينيين واللبنانيين.

السابق
تبادل أسرى بين الأميركيين وحزب الله بوساطة الدولة اللبنانية
التالي
زيارة رسمية لـ«نتنياهو» إلى سلطنة عمان