أزمة الخاشقجي لن تلجم تدفق السلاح الأميركي إلى السعودية

الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مكرم رباح "الاقتصاد الأميركي المرتبط بالصناعات العسكرية وما توفره من فرص عمل هو في تحسن، والأميركي سيصوت متأثرا بذلك وبالتالي لن تهمه الملفات الدولية".

يبدو أن الخطوة الأولى على درب تداعيات مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا، بدأت تترجم من خلال طرح مجموعة من المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين مشروع قانون في الكونغرس الأميركي من شأنه وقف معظم مبيعات الأسلحة إلى السعودية، وقد ارتفع عدد المشرعين إلى عشرين مع إنضمام الجمهوريين والتر جونز وجستين عماش.
هذه الخطوة من شأنها فرض مجموعة تساؤلات حول مدى إمكانية تبني الكونغرس هذا المشروع ، وتداعياته على الدور والحضور السعودي في المنطقة، خصوصا فيما يتعلّق بحرب اليمن، علما أن المشروع يشمل حظرا على المساعدة في مجالات الأمن والمخابرات والتدريب والعتاد، حسبما أعلن عضو مجلس النواب الأميركي جيمس مكغفرن، كما يتيح المشروع للرئيس دونالد ترامب أن يطلب استثناءات من حظر بيع الأسلحة.كذلك وضع مشروع القانون قيودا جدية على ترامب لا يستطيع أن يتجاوزها إلا عبر تبرير قراراته بمصالح الأمن القومي الأميركي”.

اقرأ أيضاً: قضية الخاشقجي تربك العلاقات العلاقات الأميركية السعودية

هذه الخطوة نالت أهمية أكبر مع موقف السيناتور الجمهوري ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي “بوب كوركر”، الذي أكّد أن الوقت بات غير مناسب لتمرير أي صفقة عسكرية كبيرة مع السعودية عبر الكونغرس”، مشيرا إلى اعتقاده بعدم سماح الأخير تمرير صفقات سلاح مع السعودية”.
وما يكسب هذا الموقف أهمية أن كوركر شخصية مؤثرة في هذا المجال، لجهة ترؤسه اللجنة المسؤولة عن الموافقة على مبيعات الأسلحة الأمريكية في الخارج.
في المقابل تأتي هذه الخطوة بالتزامن مع إسراع إدارة ترامب وقطاع الصناعات العسكرية الأميركية، خلف الكواليس، لإنقاذ صفقات الأسلحة التي أبرمت مع السعودية بقيمة 110 مليارات دولار، والتي يفترض تسليمها في عامي 2019 و2020، وذلك بحسب وكالة “رويترز”.
ومع رمي ترامب أمس الكرة في ملعب الكونغرس لتحديد الموقف الأميركي تجاه السعودية، ردا على مقتل خاشقجي، مؤكدا أنها أسوأ “عملية تستر من قبل السعوديين” اتخذ الكونغرس أولى خطواته في هذا الاتجاه. فهل سيتابع مشروع القانون هذا مساره القانوني في أروقة البرلمان الأميركي، لا سيما أن ترامب بات محرجا أمام الرأي العام الأميركي والعالمي بسبب تعدد الروايات السعودية حول حادثة مقتل الصحافي الخاشقجي.
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مكرم رباح، قال في حديثه لـ “جنوبية” هي “ليست المرّة الأولى التي تمارس هكذا أجواء على السعودية، ولكن الأخيرة في أضعف حالاتها تعلم جيدا طبيعة السياسية الأميركية، ولوبي السلاح فعليا يبيع السلاح لجميع الدول والأمر ليس مرتبطا حصرا بالسعودية”.

رباح أشار إلى أن “ترامب أكّد بشكل علني أن أميركا لن تقطع علاقاتها مع السعودية”، وعلى هذا الأساس رأى رباح “عدم إمكانية الحصول على أصوات كافية لتبني هذا المشروع في الكونغرس”، مشيرا إلى أن “هذه الخطوة قد تكون في إطار التشويش، لكنها لن تصل إلى درجة تطبيق هذا القانون، علما أن مشاريع القوانين تتطلب وقتا كبيرا ليتم دراستها وتبنيها وحتى ذلك الوقت فإن تأثير قضية الخاشقجي يكون قد تبدد “.
وعن موقف ترامب أمس قال رباح إن “ترامب إتخذ موقفه أمس نتيجة الضغط الذي تعرض له بسبب التستر على جريمة قتل الصحافي، لافتا إلى أن “وقع المتفجرات التي عثرعليها أمس في منازل رؤساء واشنطن السابقين وشبكة الـ سي أن،أن كان إيجابيا لجهة أن ترامب تضامن معهم، وهذا كله يأتي لصالح الأخير”، إلى ذلك أكد رباح أنه “فعليا مع إعتراف السعودية بالجريمة واتجاهها لتحمل المسؤولية لم يعد الرئيس الأميركي مضطرا للدفاع عنها، وهو ما يترجم موقفه التصعيدي تجاهها أمس”.
كما وصف رباح “مشروع القانون هذا بالموقف الأخلاقي من قبل بعض المشرعين تجاه السعودية، ولكن لن يكون له تأثير يذكر” لافتا إلى أن “الانتخابات عادة في الولايات المتحدة لا تجري على قاعدة ما يحدث في الخارج إنما يولي الشعب الأميركي الأهمية الأكبر للشأن الداخلي لا سيما أن واشنطن مقبلة على انتخابات نصفية في نوفبر، وطالما أن الإقتصاد الأميركي المرتبط بصناعات العسكرية وما توفره من فرص عمل هو في تحسن، فالأميركي سيصوت متأثرا بذلك ولن تهمه الملفات الدولية”.

اقرأ أيضاً:ِ لماذا جمال خاشقجي؟

وعن تداعيات قضية الخاشقجي على الدور السعودي في المنطقة، قال رباح “بالتأكيد سيتأثر في حال استمرت السعودية فياتباع الطريقة نفسها لمعالجة هذه القضية، ولكن في حال اتخاذ مسار جديد من حيث المحاسبة الفعلية، يمكن تجاوز هذه المرحلة، لكن الأمر ليس سهلا”.
ونبه رباح أن ” الجريمة ضربت صورة ولي العهد الذي إدّعى خلال الفترة السابقة إصراره على الإصلاح والتغيير في المملكة”، مضيفا “دم الخاشقجي لن يُنسى بسهولة،ولا يمكن تجاوز قضيته بتحميل المسؤولية لبعض الأفراد فثمة مؤسسة ضخمة تؤتمر من ولي العهد”.
وختم رباح بالقول “على المملكة احتواء هذه القضية من خلال إثبات أن القضاء يمارس دوره بشكل مستقل عبر محاسبة المذنبين، فنحن نعلم من قتل الصحافي الخاشقجي لكن نود معرفة من أمر بقتله”.

السابق
زيارة الحريري إلى السعودية تزيل الشوائب وتجدد العلاقات
التالي
«تفاهم بعبدا لمقاومة الفساد» البند الأول في البيان الوزاري