قضية الخاشقجي تربك العلاقات الأميركية السعودية

خيرالله خير الله " موقف واشنطن سوف يتبلور بعد الانتخابات الأميركية في 6 تشرين الثاني المقبل،موعد التجديد لثلث مجلس الشيوخ، ومن المؤكد أن القضية تدخل في بازار مزايدات السياسة الداخلية بين ترامب ومعارضيه".

تتأرجح المواقف العالمية بين التصعيد والتهدئة في قضية مقتل الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من الشهر الجاري، وليس بخاف على المتابعين وضع القضية في إطار التوظيف  والاستثمار السياسي والاقتصادي لدى الأطراف المؤثرة في القرار الدولي.

اللافت في هذا الشأن تناقض التصريحات  الأميركية  مؤخرا، ربما كان ذلك نتيجة الروايات المتعددة والمتناقضة التي قدمها السعوديون لهم وللعالم حول تفاصيل عملية قتل الخاشقجي من القنصلية واختفائه.

بداية رفضت السعودية تحمل المسؤولية وقالت إن الخاشقجي غادر القنصلية في اسطنبول بعد ساعة من دخوله اليها، وعندما تم رفض تلك الرواية، تخلت السعودية عنها واعترفت أنه قُتل ولكن عن طريق الخطأ خلال التحقيق معه حيث جرى خنقه من قبل المحققين، وأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لم يكن على علم بذلك، غير أن عدم ظهور جثة خاشقجي جعل من الرواية السعودية الأخيرة ناقصة ولم يقبلها الرأي العام الغربي والأميركي إطلاقا.

ونتيجة لذلك، عبرالرئيس ترامب عن غضبه نتيجة غياب الرواية المقنعة التي كان محمد بن سلمان وعد بها وزير الخارجية الأميركي قبل أسبوع، ليعود بذلك إلى اعتماد لهجة تصعيدية، وقال في تصريحات أدلى بها أمس الثلاثاء في البيت الأبيض: “كانت خطتهم منذ البداية سيئة جدا، وتم تنفيذها بشكل فاشل،ومحاولة التستر على مقتل خاشقجي هي أسوأ عملية للتغطية شهدها التاريخ”.مؤكدا أن من فكر بهذا المخطط الإجرامي “هو الآن في ورطة كبيرة”، وليعلن أنه بناء على ذلك فان مسألة اغتيال الخاشقجي لم تعدّ من صلاحياته،لأنه فوّض الكونغرس الأميركي بالتحقيق فيها واتخاذ الاجراءات التي التي يراها مناسبة بحق السعودية.

وفي المحصلة يبدوأن الرئيس الأميركي الذي وجد نفسه في وضع حرج أمام شعبه ترك الأمر للكونغرس الأميركي لتحديد تبعات مقتل خاشقجي، وتحديد الإجراءات التي سوف تتخذ بحق السعودية، إلا أنه حاول لجم الموقف التركي بعد خطاب أردوغان بالأمس، ودعوته إلى توسع التحقيق دوليا، معتبرا أن الأخير “كان قاسيا مع السعودية”.

وترى مصادر مطلعة أن تداعيات الاحداث وتطور الأمور في قضية الخاشقجي في ظل التسريبات وما يتم ترويجه من معطيات مختلفة، ربما تتجه بشكل أكبر نحو فرض عقوبات اميركية على المملكة، على الرغم من مخاطر خسارة ترامب لعقود بمئات مليارات الدولارات وقعتها واشنطن مع الرياض.

من الناحية التركية فان الخطاب الذي ألقاه أمس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في برلمان بلده، أظهر أن تركيا جادة بكشف تفاصيل جريمة اغتيال الخاشقجي “الوحشية” التي جرت على أراضيها في إسطنبول.

الصحافي والكاتب السياسي خيرالله خيرالله استبعد “أن تصل الأمور إلى فرض عقوبات من قبل أميركا على السعودية في قضية مقتل الخاشقجي، أما بالنسبة للجانب التركي فإن ما يجري هو عملية ابتزاز للسعودية، فأردوغان يريد أن يأخذ المبادرة في هذه المرحلة انطلاقا من هذه القضية، كما أن تركيا تريد توجيه رسالة للسعودية أنها قادرة على الإيذاء بغاية دفعها لإنقاذها من أزمتها الاقتصادية التي تمر فيها”.

وتابع خيرالله “بالتأكيد حصل خطأ سعودي كبير تحاول تركيا الاستفادة منه، وبالطبع من الممكن أيضا أن تقوم الاخيرة بالاستفادة من دم الخاشقجي لفك الحصارعن حليفتها قطر، حيث هناك تنسيق كبير بين تركيا وقطر في كثير من الخطوات”.

حول مستقبل الموقف الأميركي في هذا الشأن قال خيرالله  ” موقف واشنطن سوف يتبلور بعد الانتخابات الاميركية في 6 تشرين الثاني المقبل، موعد التجديد لثلث مجلس الشيوخ ومن المؤكد أن القضية تدخل في بازار مزايدات السياسة الداخلية بين ترامب ومعارضيه”.

ولم يستبعد خيرالله ختاماً “توسع  القضية واتخاذها منحى تصاعديا عالميا، ولكن من جهة أخرى، هنالك مصالح اقتصادية أميركية وأوروبية كبيرة، من الممكن أن تحول دون ذلك”.

وفي آخر الأخبار السيئة الواردة من الرياض أطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودية، صباح الثلاثاء، فعاليات “منتدى مستقبل الاستثمار” في العاصمة الرياض، وسط مقاطعة دولية كثيفة على خلفية مقتل الخاشقجي، وهو ما يهدد  مشروع رؤية ولي العهد للسعودية 2030  القائمة على إنشاء مدينة “نيوم” المستقبلية على البحر الأحمر التي يبدو أنها لن ترى النور قبل حلّ لغز مقتل جمال الخاشقجي.

السابق
ارتفاع أقساط المدارس الخاصة ينعش التعليم الرسمي
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الخميس في 25 تشرين الأول 2018