المواطنية.. ممارسة وإلتزام

المواطنية
...إعتدنا في لبنان وخاصة منذ إنتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من كل مواطن صحافيا وناقدا.

تعوَّدنا أن ننتقد ونهاجم وبشراسة أحياناً كثيرة الدولة والحكومة والمسؤولين في كل مجالات الحياة. وطبعا من نافل القول أن الدولة والحكومة والمسؤولين مقصرون وأكثر بل في بعض الأحيان هم متورطون بكثير من الموبقات التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه اليوم. ولكنني اليوم سأتحدث في المقابل عن المواطن نفسه ومدى وعيه بواجباته تجاه وطنه ومجتمعه وكذلك حقوقه التي من واجبه أيضا متابعتها ومحاولة الاستحصال عليها بكل الطرق القانونية والسلمية. من هنا نقول أن المواطن العادي في لبنان ليس بريئا من المسؤولية، ﻷنه كيفما تكونوا يولى عليكم، والمواطن هنا مسؤول بشكل أو بآخر عن مشكلة وطنه، بسبب غياب الوعي والفهم الخاطئ لمعنى المواطنية الصحيحة وطريقة ممارستها. فالمواطنية ليست مجرد كلمة بل هي ممارسة وفعل إيمان بالوطن أرضا وشعبا ومؤسسات.
وجميل أن نتغنى بحب الوطن الذي هو من اﻹيمان، ولكن اﻷجمل أن نترجم هذا الحب إلى أفعال عبر تفوقنا وتسلحنا بالعلم والمعرفة والثقافة.

اقرأ أيضاً: «أخضر بلا حدود»… وترقية أدرعي وبهلوانياته

جميل أن نتغنى بطبيعة لبنان الخلابة، ببحره وجباله وسهوله، لكن اﻷجمل أن نحافظ على هذه الطبيعة من التلوث البيئي عبر الحفاظ على نظافة شواطئنا وأرضنا وشوارعنا.
وجميل أن نتحدث عن لبنان اﻷخضر، لكن اﻷجمل أن نزرع شجرة.
جميل أن نتكلم عن الوحدة الوطنية والعيش المشترك، ولكن اﻷجمل أن نمارس هذه الوحدة، وهذا العيش عبر نكران الذات والتخلص من عقدنا المذهبية والطائفية والمناطقية ﻷن الدين لله والوطن للجميع.
والمواطنية التزام بالقوانين، واحترام لكل ما يرمز إلى الوطن من علم ونشيد ومؤسسات وطنية جامعة.
المواطنية التزام باﻷخلاق واﻵداب العامة، من إحترام للذات وإحترام للغير. وأن نعرف بأن حريتنا إنما تقف عند حدود حرية اﻵخرين. المواطنية إلتزام بحماية الوطن والدفاع عن حريته وحرية ابنائه، عبر الحفاظ على السلم اﻷهلي والتكافل الاجتماعي والحفاظ على التعددية الدينية والفكرية والتي هي ميزة من أفضل ميزات هذا الوطن لبنان في هذا الشرق العربي البائس المقيد والمستلب باﻷحادية التي أوصلته إلى الوضع المزري الذي يعيشه اليوم.

اقرأ أيضاً: ألقاب تحولت إلى أوثان

المواطنية أيضا مشاركة ومساهمة بكل جهد لإنقاذ الوطن مما هو فيه من مشاكل عبر التلاقي والنقاش في السبل الآيلة للتغيير، لا أن نكتفي بطرح آرائنا ومواقفنا وتفريغ غضبنا عبر وسائل التواصل لنكون بذلك قد أدينا قسطنا للعلى. قد يقول قائل بأن هذا الكلام مثالي وحالم وغير قابل للتحقق في بلد كلبنان فَقَد أو يكاد كل مقومات الدولة الطبيعية، ونقول نعم البلد في ورطة كبيرة وكذلك المجتمع الذي ضربه هذا ” العفن ” المتواصل منذ بداية الحرب الأهلية ولكن الإستسلام ليس حلا ولا قدرا ولا يجب أن يكون خيارا.
فلنحاول على الأقل، والكلام هنا لشباب لبنان من الجنسين، أن أخرجوا من جلابيب أباءكم الطائفية والمذهبية وشقوا لأنفسكم طريقا عبِّدوه بالإلتزام والتسامح والمحبة، كي تصلوا إلى شط الأمان في دولة مدنية حضارية، لا فضل فيها لمواطن على آخر إلا بالكفاءة.

السابق
إسمع يا دولة الرئيس (38) حينما تتحول «منظومة الثنائي» إلى «طبقة»
التالي
بريطانيا: إلغاء تأشيرات دخول السعوديين المشتبه بهم في قتل خاشقجي