العراق يتجه نحو إعلان تشكيل حكومة قاسم سليماني

قاسم سليماني
أصبح جليا، وبعد شهر من تكليف رئيس عادل عبد المهدي تشكيل الحكومة، أن "التيار الصدري" و"الفتح" سيتقاسمان ثلثي الحقائب الوزارية، رغم حصول قائمتيهما على ثلث مقاعد مجلس النواب فقط، ورغم الدعوة "الشكلية" الى اختيار شخصيات مستقلة غير تابعة للأحزاب.

أعلن التلفزيون الرسمي العراقي، أمس الثلاثاء، أن رئيس الوزراء المكلف عادل عبدالمهدي سيعرض رسميا تشكيل حكومته في جلسة مجلس النواب مساء اليوم الأربعاء.

وكان كشف مصدر برلماني، الثلاثاء، عن تحركات لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بهدف الضغط على الأحزاب الموالية لطهران، لدفع شخصيات سياسية على انها “مستقلة” كي تتولى مناصب حساسة في حكومة عادل عبد المهدي.

محاصرة الكتل الوطنية

مراكز النفوذ التي نشأت حاليا بعد تسمية عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء من قبل الإيرانيين وتبنيه من قبل الصدر الذي أخذ موافقة المرجعية تؤكد بلا شك، على أن المستفيد الأول هو التيار الصدري، من جهة تأثيره على رئيس الوزراء المكلف، ومن جهة المناصب، فيما مكونات تحالف الاصلاح الوطني الذي شكله الصدر بدت وكأنها خرجت من اللعبة خالية الوفاض تقريبا بعد استغلالها من قبله من أجل تحقيق الإئتلاف الأكبر بمواجهة البرلمان.

اقرأ أيضاً: موقف العبادي من العقوبات الأميركية يثير غضب حلفاء إيران في العراق

وكان “الاصلاح” ضم كل من تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وائتلاف الوطنية برئاسة إياد علاوي، وجبهة الحوار برئاسة صالح المطلك وكتلة النصر بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي. وما يميّز هذه الكتل أنها تضم مكوّنات وطنية من جميع الطوائف والأعراق، ليتأجّل بذلك مشروع “الكتل العابرة للطوائف” لصالح سيادة الكتل الطائفية الشيعية المدعومة من الصدر وايران.

ولكن هل تستطيع القوى الشيعية الوازنة في العراق المستهدفة بالتهميش وعلى رأسها المالكي والعبادي وأيادر علاوي أن تتصدى بنجاح لمشروع الهيمنة الصدرية – الإيرانية على الحياة السياسية وان لا تخاف من اتهامها بالمحاصصة التي يمارسها الطرف الآخر بكل وضوح، لكي تستبق مشروع هيمنة التيار الصدري على المرحلة المقبلة عبر واجهة عبد المهدي؟

حيدر العبادي يواجه تهميشه والقضاء ينتصر له

بالمقابل فإن رئيس الوزراء المنتهية ولايته الدكتور حيدر العبادي يصر على مواصلة السير في نهجه الاستقلالي رغم حصاره غير المعلن من قبل أتباع إيران في العراق، وأشهر هؤلاء التابعين النائب فالح الفياض الذي كان العبادي قد أقاله من مناصبه الأمنية الكثيرة في 30 آب/أغسطس الفائت، كمستشار للأمن الوطني ورئيس لهيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني، كون الأخير أصبح نائبا يتقلّد منصبا سياسيا (نجح في لائحة النصر التي يرأسها العبادي)، ولا يجوز له الجمع بين منصبه السياسي ومناصب أمنية بموجب القانون العراقي، إلا ان القضاء العراقي ولأسباب سياسية مثيرة للسخرية تذرّع بها لا تستند الى القانون، أصدر قرارا بإعادة الفياض حليف إيران إلى مناصبه!

غير انه وبعد اشتهار هذه الفضيحة القضائية وتأثيرها سلبا على الرأي العام العراقي، عاد القضاء الاداري وأعلن تصحيح قرار إقالة رئيس هيئة الحشد الشعبي المقال فالح الفياض، من جميع مناصبه.

وقال مصدر في تصريح صحفي، أول أمس، ان محكمة القضاء الإداري قبلت تظلم رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، بشأن إصدار الامر الولائي الخاص بإقالة الفياض، من جميع مناصبه”، ويعدّ هذا الحكم انتصارا ولو مؤقتا للعبادي، كون القضية رُفعت إلى محكمة التمييز، والقضاء بشكل عام منذ حكم نوري المالكي موال للتيارات السياسية الشيعية التي تدعمها إيران.

اقرأ أيضاً: المرجعية أسقطت العبادي وسقطت في فخ سليماني

هذا النصر القضائي سبقته كلمة للعبادي قوية وذات مغزى أثناء زيارته لمقر وزارة الدفاع ولقائه بالقادة العسكريين قبل يومين، قال فيها إنه “من الضروري الحفاظ على حيادية المؤسسة الأمنية والعسكرية ورفض تدخل الأحزاب فيها”، مؤكداً أن “النصر الذي تحقق عراقي وبأياد عراقية ولن يتم السماح للآخرين بأن يعودوا بنا للوراء.
وأضاف، أن “العراقيين انتصروا بوحدتهم وتماسكهم وقضينا على خرافة داعش، ونحن نفتخر بأن العراقيين هم من هزموا الدواعش”، مشيراً الى أن “الدول ساعدت العراق لأنها كانت تخشى من تمدد داعش اليها”.
وفي شرح لمغزى خطاب العبادي الآنف الذكر في وزارة الدفاع، فإنه يؤكد أولا أن لا عودة الى الوراء أيام عهد المالكي الذي أصبح فيه الجيش مهترئا ومسيّسا وتابعا لحزب المالكي وللجهة الخارجية التي تدعمه ما أدى إلى هزيمة الجيش بوجه داعش عام 2014، وكذلك فان أميركا والتحالف الدولي وإيران الذين ساعدوا العراق في حربه ضدّ داعش إنما كانوا يساعدون أنفسهم، لذلك فان النصر تحقق بأيادٍ عراقية قبل كل شيء، حسب تعبير العبادي.
ولكن يبقى السؤال في النهاية، هل ستتمكن القوى الاستقلالية في العراق من الصمود بوجه التيار الجارف المؤتلف من الصدر والفتح وحلفاء إيران الذين استقووا بالفساد وبالتزوير في الانتخابات ليصلوا إلى الحكم؟

السابق
الحريري الى الرياض وملف تأليف الحكومة يراوح مكانه
التالي
إسمع يا دولة الرئيس (38) حينما تتحول «منظومة الثنائي» إلى «طبقة»