ارتفاع أقساط المدارس الخاصة ينعش التعليم الرسمي

المدارس الرسمية
مصدر تربوي يؤكد لموقع "جنوبية" أن المدارس الرسمية نجحت في استقطاب عدد أكبر من الطلاب هذا العام، كما أن رئيسة لجنة الأهل في مدرسة الليسيه فردان سعاد شعيب تؤكد أيضا أن "غلاء الأقساط المدرسية أدّى الى تبديل العديد من الطلاب لمدارسهم ذات الكلفة العالية، واتجاههم نحو مدارس متوسطة المستوى ذات كلفة أقل".

مع بداية كل عام دراسي جديد يزداد ثقل الأعباء المادية على كاهل الأهالي في ظلّ الزيادة المستمرة على الأقساط المدرسية في القطاع الخاص سنويًا.

لا شك أن إعطاء سلسلة الرتب والرواتب للمعلمين، وردّ أصحاب المدارس بزيادة الأقساط المدرسية، انعكس بشكل سلبي وموجع على الأهالي العاجزين عن تسديد الاقساط في ظل أزمة اقتصادية متردية وغلاء معيشي فاحش، ما جعلهم مجبرين على اتخاذ خيارات بديلة كنقل أولادهم الى مدارس خاصة أقل كلفة، أو إلى مدارس رسمية، وهو خيار اتخذه العديد من الأهالي هذا العام.

وقد شهد هذا العام إقبالا لافتا على المدارس الرسمية بكافة أقسامها مقارنة بالأعوام السابقة، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال مراقبة حركة تسجيل الطلاب.

اقرأ أيضاً: موسم المدارس بين غياب الرقابة وصرخة الأهل وهمّ الأقساط

المشكلة التي يثيرها هذا الموضوع تتعلق بمدى تأثير ذلك على جودة التعليم مع غياب البديل، لكون المدارس الرسمية على وجه الخصوص ذات مستوى تعليمي منخفض، لاسيما في المراحل الإبتدائية من جهة، ومن جهة ثانية فإن تأثير الغلاء، وارتفاع كلفة التعليم الخاص، سوف يعملان على توسيع هوة الفروقات الطبقية داخل نسيج المجتمع اللبناني في ظلّ سوء الإدارة والفساد الذي ينخر القطاع التربوي.

صرخة لجان الأهالي في المدارس الخاصة تضاعفت مع تنفيذ قانون رقم 46، الذي طبق سلسلة الرتب والرواتب على معلمي القطاع الخاص، وفي هذا السياق قالت رئيسة لجنة الأهل في مدرسة الليسيه فردان سعاد شعيب، “بدأ العام الدراسي وبدأ معه الوجع، ولا شك أن قانون46 قد رتب أعباء ثقيلة على كاهل الأهالي لجهة أنه لم يكن مدروسا بشكل صحيح، وقد حاول وزير التربية جاهدا تخفيف هذا العبء، لكن دون جدوى لأن القانون أصبح نافذا وسط إصرار المعلمين على حقوقهم، ومع صدور القانون في شهر آب وزيادة السلسلة مع الدرجات “بات على كل طالب في الليسيه فردان أن يتحمل زيادة تقدر بحوالي مليون و700 ألف على التلميذ الواحد في الليسيه فردان”.

وعن المبالغة في ميزانيات بعض المدارس الخاصة قالت شعيب إن “الأمور تعود إلى قانون 515 الذي يحدّد أبواب المصاريف التشغيلية المحددة من قبل الوزارة، والمتعلقة بجميع الأعباء الإدارية من رواتب الأساتذة والمدراء والمستخدمين، وبالتالي لا يمكن التلاعب بها، خصوصا أنها لطالما كانت مراقبة”

رئيسة لجان الاهل في الليسيه فردان لفتت إلى أن “التشدد في الرقابة تضاعف بعد تطبيق القانون الجديد”. وحول تقديم شكاوى من قبل عدد من الأهالي إلى وزارة التربية، والتشكيك بميزانية بعض المدارس الخاصة، قالت إنه “أمر يحدث بإستمرار، لكن على من يسجل اعتراضات القيام بذلك بشكل مدروس، وعليه بحسب النص القانوني مراجعة لجنة الأهل قبل تقديم أي إعتراض، على أن ترد الأخيرة خلال فترة 15 يوما بشكل توضح فيه سبب الزيادة، ومدى قدرتها على إلغائها أو لا، وفي حال لم يقتنع يمكنه الذهاب نحو وزارة التربية التي لا تؤدي دورها في هذا المجال بشكل مناسب”.

وفي الختام أكّدت “ان أزمة الأقساط دفعت العديد من الأهالي إلى تبديل مدارس أولادهم ونقلهم إلى مدارس أقل كلفة”.

مصدر تربوي أكّد لـ “جنوبية” أن إرتفاع الإقبال على المدارس الرسمية، وهو الأمر الذي دفع بوزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة إلى إصدار القرار1049 بتاريخ 26 أيلول الذي يتعلق بتمديد أعمال التسجيل للعام الدراسي 2018/2019 لغاية 10 تشرين الأول الفائت، مشيرا إلى “تفاوت في نسب الإقبال من المدارس الخاصة إلى الرسمية بين مدرسة خاصة وأخرى، ليبلغ معدل النسبة الى حوالي 10% في قسمي الابتدائي والأساسي وهي نسبة كبيرة مقارنة بالأعوام السابقة. لفت المصدر إلى تفاوت الإقبال على القطاع الرسمي من مدرسة رسمية إلى أخرى، وذلك بحسب موقعها الجغرافي، والكثافة السكنية في المنطقة”.

وردا على سؤالنا عن جهوزية المدارس الرسمية وقدرتها على استيعاب هذا الإقبال، قال إن “هذا الأمر يختلف بحسب جهوزية كل مدرسة في ما يتعلق بعدد غرفها ومقاعدها، وأيضا الكثافة السكانية في المنطقة التي توجد فيها، خصوصا أن بعض المدارس لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من الطلاب، نظرا لكثافة الاقبال عليها لاسيما تلك الموجودة في الشياح، والشويفات”.

هذا ورأى المصدر التربوي أن غلاء أقساط المدارس الخاصة، ليس العامل الوحيد للإقبال على المدارس الرسمية، مشيرا إلى أن “بعض الأهالي يسجلون أولادهم في العديد من المدارس الرسمية التي أثبتت نتائجها المميزة جودة التعليم فيها نتيجة الجدية فيها وحسن الإدارة”، رافضا التحدث عن إنخفاض مستوى التعليم في القطاع الرسمي بدليل النتائج الجيدة للعديد من المدارس الرسمية”.

اقرأ أيضاً: غسان صليبي: الدولة منحازة إلى المدارس الخاصة ذات المرجعيات الطائفية

أكد المصدر على “تولي الإدارة المركزية في وزارة التربية عملية مراقبة ومتابعة أساليب التعليم وأوضاع المدارس والتلاميذ، حيث يحرص قسم التفتيش التربوي وأعضاء مديرية الإرشاد والتوجيه بشكل دوري على صحة التعليم في المدارس الرسمية، ومراقبة مدى الالتزام بالمناهج التربوية”.

يضيف “يوجد عدة حوافز أساسية شجعت الأهالي على هذه الخطوة، وهو التطور والتأهيل الذي أصاب التعليم في المدارس الرسمية وزيادة ثقة المواطن بها، وذلك من خلال عدد من المشاريع التي نفذتها وزارة التربية في هذا المجال بين 2010-2015، منها مشروع تم بالتعاون مع البنك الدولي وهو تأهيل وتجهيز ما يقارب 260 روضة لاستقبال طلاب في بيئة راقية ومؤهلة، كما تم رفع عدد الأعوام الدراسية في مرحلة الروضة من سنتين إلى 3 سنوات، هذه الإجراءات المتقدمة ساهمت قي زيادة الإقبال على المدارس الرسمية”.

السابق
طلاب الجامعة الأميركية يرفضون التطبيع الثقافي مع إسرائيل
التالي
قضية الخاشقجي تربك العلاقات الأميركية السعودية