عقدة تمثيل سنة 8 آذار ومحاصرة سعد الحريري

سعد الحريري
الصحافي والكاتب السياسي، راشد فايد، "نصرالله ليس لديه إستراتيجية جدية فيما يتعلق بالتشكيل الحكومي، إنما تكتيك يتغير حسب الوضع الإقيليمي". الصحافي والمحلل السياسي، جوني منيّر، "في حال موافقة الرئيس الحريري على تمثيل السنّة المعارضين فان "حزب الله" يكون بذلك قد حقّق إنتصارا كبيرا".

تلاشت الأجواء الإيجابية التي تنبأت بولادة وشيكة الحكومة مع بروزعقد جديدة أعادت الأمور إلى نقطة الصفر خصوصا مع إعادة طرح “حزب الله” على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله لموضوع توزير شخصيّة من سنّة “8 أذار”، بالتزامن مع عقدة “حقيبة العدل” وإصرار رئيس الجمهورية على أن تكون من حصته. هذه العقبات الجديدة كانت كفيلة بفرملة التأليف والإطاحة بجهود الرئيس المكلف.

التوقيت الذي تمت فيه عرقلة مشاورات الربع ساعة الأخيرة جاء مع تأكيد المملكة العربية السعودية لنبأ مقتل الصحافي جمال الخاشقجي داخل قنصليتها في تركيا عن طريق الخطأ.

اقرأ أيضاً: الحريري يتلقى دعما سنيّا قويا والعقدة المسيحية ما زالت مستعصية

يطرح هذا التزامن علامات استفهام حول سبب إحياء شروط جديدة في هذا التوقيت بالذات من قبيل موضوع توزير سنة من خارج كتلة “المستقبل” خصوصاً أن هذه العناوين كان قد سبق لها أن طويت، مع مواقف الرئيس سعد الحريري الواضحة التي أكد فيها أنه «على مَن رشّحهم على لوائحه الإنتخابية أن يوزِّرهم”. هل الأمر مجرد مصادفة، أم أن “حزب الله” يستغل ما يعتبره تراجعا في مكانة المملكة السعودية لممارسة المزيد من الضغوطات على الرئيس المكلف بغية تحقيق مكاسب حكومية، تتمثل في إعادة إحياء “العقدة السنيّة”، و الدفع في اتجاه توزير سنّة معارضين للسعودية؟
الصحافي والمحلل السياسي، جوني منيّر، رأى أن “”حزب الله” يتروى قبل تشكيل الحكومة لا سيما وأنها سوف تمتد لأربع سنوات مقبلة في منطقة تشهد تطورات سياسية وأمنية سريعة تغيّر المسارات، وتاليا وفي حال موافقة الرئيس الحريري على تمثيل السنّة المعارضين في الحكومة فإنالحزب سيكون قد ” حقق انتصارا كبيرا”.


أضاف منيّر “في حال عدم المضي بهذا الشرط قد يبقي الحزب ملف التأليف الحكومي عالقا لأسابيعِ إلى حين انكشاف طبيعة الصفقة مع السعودية فيما يتعّلق بقضية الصحافي الخاشقجي، وموضوع العقوبات الأميركية ضد حزب الله وايران”.
يربط منير بين الانتخابات الاميركية والملف الحكومي معتبرا أن الملف الحكومي اللبناني “مرتبط بمآلات الانتخابات الأميركية النصفية في السادس من تشرين الثاني القادم”.

ومع رفض تكتل “اللقاء التشاوري للسنّة المستقلين” (سنة 8 أذار) تمثيلهم إلا بواحد من اللقاء الذي يضم 6 نواب، تبقى الشخصية السنية التي يريد “حزب الله” توزيرها محط تساؤل لا سيما أنها تعكس نية لدى الحزب بتوزير شخصية سنية لا حيثية لها في الشارع السني تبقى مدينة له، علما أن رئيس االحكومة السابق نجيب ميقاتي بالإضافة إلى كل من النائب أسامة سعد والنائب فؤاد مخزومي هم خارج هذ اللقاء.
كذلك فإن الكثير من التساؤلات والشكوك حول نوايا “حزب الله” ترتبطبولادة هذا اللقاء التشاوري بشكل مفاجئ، إذ لم يكن هذا التكتل موجودا عند استشارات التكليف ومشاورات التأليف.

الصحافي والكاتب السياسي، راشد فايد، وصف المشهد الحكومي وفق مقولة “كلما داويت جرحا سالت جراح”، وقال لـ “جنوبية” “كلما عولجت مشكلة يسحب لنا الساحر السيد نصرالله عقدة جديدة وآخرها كان تمثيل السنّة المعارضين، علما أن كتلة “اللقاء التشاوري للسنّة المستقلين” تجلت حديثا ولم تكن موجودة خلال الاستشارات مع رئيس الجمهورية ولا خلال الاستشارات مع رئيس الحكومة”.
أشار فايد إلى “انتماء هؤلاء غلى كتل نيابية مختلفة تتوزع بين “حزب الله”، “حركة أمل” و”تيار المردة””. ورأى أن “ما نشهده اليوم هو نتيجة القانون الانتخابي المبتدع والذي رُكب انصياعا لمصالح فئات محددة في الحياة السياسية من أجل تعميق الشرخ الطائفي في هذا البلد، بدلا من معالجته”.


وعن نية “حزب الله” توزير شخصية سنية لا حيثية لها قال فايد، إن “المسألة لا تتعلق بأي شخصية مستقلة أقل أو أكثر أهمية، بل ترتبط بهدف حصار رئيس حكومة من خلال إعطاء حلفاء الرئيس المكلف وزارات غير أساسية من جهة، ومن جهة ثانية عبر إلزامه بتمثيل ما يعرف بـ “سنّة المعارضة”.

اقرأ أيضاً: نصرالله «يفرمل» التأليف بشروط جديدة

وأشار فايد إلى أن “”حزب الله” يتوهم أن السعودية في موقع ضعيف إقليميا بعد حادثة مقتل الصحافي الخاشقجي في إسطنبول، لافتا إلى “تقلّب مواقف السيد نصرالله، ففي الفترة الأولى لم يكن على عجل بتأليف الحكومة، ومن ثم تحدث عن البيان الوزاري وضرورة زيارة سوريا، ثم انقلب على نفسه وأصبح يريد الإستعجال في التأليف مهمشا أهمية البيان الوزاري، ثم انقلب في المرة الثالثة في ضوء ما جرى في إسطنبول ليطالب بتمثيل ما يسميه بسنة المعارضة”.
أكّد المحلل السياسي أنه “في الحالات الثلاث يضع نصرالله نفسه في موقع مرشد الجمهورية حيث يحدد هو أولويات التأليف”.
وفي الختام، رأى فايد أن “كل هذا يعني أن نصرالله ليس لديه إستراتيجية جدية فيما يتعلق بالتشكيل الحكومي، إنما هو تكتيك يتغير حسب الوضع الإقليمي، وهذا ما يثبت أن حلّ الملف الحكومي ليس أمرا داخليا على الأقل عن طريق “حزب الله” إنما له علاقة بالتطورات الإقليمية”.

السابق
خيارات إسرائيلية صعبة لمواجهة تطور تسليح حزب الله
التالي
العثور على أجزاء من جثة خاشقجي بمنزل القنصل السعودي في اسطنبول