«كهرباء زحلة» بين آمال الخصخصة وتهديدات العتمة

تتجه شركة كهرباء زحلة الى التقدم بطلب لمجلس النواب من أجل تجديد الامتياز، وسط تجاذبات سياسية ونقمة أهلية، في حين ينفي النائب ميشال الضاهر مزاعم وقوفه في وجه هذا التمديد.

مع استعصاء حلّ أزمة الكهرباء في لبنان بسبب عدم تمكّن الطبقة السياسية من إيجاد حلول ناجعة في ظل سياسة المحاصصة القائمة، وصولا إلى ما بات يعرف بـ”صفقة البواخر” التي أثبتت عدم جدواها وأنها ليست سوىحلّ مؤقت غير مجد، تتجدد معاناة اللبنانيين مع التقنين والعتمة، واستبداد مافيات المولدات الخاصة التي تثقل ظهر المشتركين بفواتير خيالية.
في ظل هذا كله، برزت تجربة شركة كهرباء زحلة كأحد الحلول البارزة والتي تقدم نموذجاً ناجحا لفعالية الخصخصة، ولو بمعايير خاصة ومجال محدد لا يتجاوزمنطقة زحلة وجوارها.
وتأتي تجربة خصخصة كهرباء زحلة بالتوازي مع دعوات البنك الدولي إلى ضرورة خصخصة القطاعات الاقتصادية مثل الكهرباء، وضرورة تنفيذ إصلاحات جدية كشرطأساسي للسير بمقررات “مؤتمر سيدر”.

اقرأ أيضاً: فساد الكهرباء واحد…من جنوب لبنان الى جنوب العراق!

ومع انتهاء مدة امتياز شركة كهرباء زحلة تقدم النواب جورج عقيص وقيصر المعلوف وعاصم عراجي بقانون معجل المكرر من أجل تمديد مدة الامتياز لسنتين إضافيتين، من جهته النائب ميشال الضاهر وافق على اقتراح قانون التمديد لامتياز كهرباء زحلة، لكن بشروط وهي:
1- تركيب عدادين لاحتساب كمية الطاقة المستهلكة أحدهما مخصص لمؤسسة كهرباء لبنان وآخر مخصص لمولدات كهرباء زحلة.
2- الالتزام بتسعيرة وزارة الطاقة في ما يتعلق بعداد مؤسسة كهرباء لبنان ضمن الشطور التي تبدأ من 35ل ل حتى 200ل ل .
وفي اتصال مع “جنوبية” أكد الضاهر أنه “في ظل إدارة السلطة الفاشلة وضعف سوق العمل في لبنان نتيجة التوظيف السياسي،أثبتت الخصخصة أنها المنقذ الوحيد لقطاع الكهرباء في لبنان كما القطاعات الأخرى،وفي حين تجني دولا كثيرة أرباحا من الكهرباء فنحن لا نزال نتكبد خسارة تصل إلى ملياري دولار سنويا!”

ميشال ضاهر
وفيما يخص شركة كهرباء زحلة، نفى الضاهر وقوفه في وجه تجديد الامتياز، وأكد مطالبته بخفض الزيادة على الفواتير، والالتزام بتسعيرة مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة، رأفة بالمواطن اللبناني.
عن موقفه من التجديد قال ضاهر” لن أستبق الأمور بانتظار قرار مجلس النواب بعد تقديم النواب الثلاثة(جورج عقيص وقيصر المعلوف وعاصم عراجي) طلب التمديد”.
وختم الضاهر “نحن مع شركة كهرباء زحلة لإنتاج الكهرباء في ظل الظروف الحالية وعدم قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على الجباية وسوء الإدارة” ودعا “الأفرقاء السياسيين إلى انشاء عدة محطات في مختلف المناطق اللبنانية واعتماد الجباية الذاتية”.
يذكر أن شركة كهرباء زحلة تعمل بقدرة إنتاج تصل إلى 60 ميغاوات وتوزع إنتاجها على 60 ألف مشترك في نطاق مدينة زحلة و17 بلدة مجاورة، وتؤمن 20 في المئة من استهلاك البقاع، وقد حصلت على شهادة “إيزو” لتوزيع الطاقة الكهربائية في العام 2003، كما يسجل لها نجاحها في تأمين تغطية 24/24 ساعة للتيار الكهربائي مع خدمة صيانة وتصليح الأعطال في مختلف الظروف الطبيعية في المناطق المذكورة.
نائب مدير شركة كهرباء زحلة ناجي جريصاتي اعتبر أن “مطلب التمديد واستمرارية الشركة هو مطلب شعبي لتأمين حاجات الناس وتسيير أعمالهم. قال “نتجه حاليا إلى تحضير حملة تدعو أهالي المنطقة والرأي العام إلى خوض المعركة ومواجهة حرمانهم مجددا من الكهرباء ووضعهم تحت رحمة التقنين والعتمة، وبالتالي من يقرر هم الناس وحاجاتهم، وما نقوم به حاليا كشركة هو التواصل مع المسؤولين السياسيين المعنيين بخصوص المراجعات التقنية والقانونية التي تخص الشركة”.
من جهة أخرى، أكد جريصاتي أن المواطنين متخوفونمن توقف الشركة عن العمل.

ناجي جريصاتي
منسق الهيئة الزحلية إيلي شلهوب أشار إلى تصعيد كبير محتمل من قبل الأهالي خلال الأيام المقبلة في حال عدم التوصل إلى نتيجة ملموسة تؤمنالتجديد لشركة كهرباء زحلة، مؤكدا أن “كهرباء زحلة خط أحمر لما تمثله من حاجة وقوة لمنطقة زحلة والبلدات المجاورة” كما أشار إلى “مشاركة كافة الفعاليات في القرى المحيطة في التحرك الشعبي الذي يتم التحضير له”.
رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الاميركية للعلوم والتكنولوجيا رأى أن ” خصخصة قطاع الكهرباء في لبنان، في ظل الظروف المستعصية أمر ضروري، خاصة بعد أن فشلت الدولة على جميع الصعد في إدارة هذا المرفق الحيوي، لناحية الإنتاج والخدمات والصيانة، وتكبد الخزينة العامة خسائر كبيرة تقدر بمئات المليارات، لذلك لا بد من طرح الخصخصة من باب الإنتاجية السليمة، وتأمين الكهرباء 24/24 ساعة”.

اقرأ أيضاً: «محطة كهرباء الضاحية الجنوبية» من التوليد الى التحويل ببركة مافيات الفساد

بسام همدر أكد على “ضرورة الخصخصة ولكن بشروط، فالكهرباء قطاع يمس المواطن في حياته اليومية، ولا يمكن تركه بأيدي المستثمرين وجشعهم”.


وتحدث همدر عن التجربة الاميركية التي عايشها وخبرها شخصيا على مدى 13 عاما في هذا المجال، أي خصخصة الكهرباء أو تلزيمها لشركات خاصة، مشيرا إلى “ضوابط ومعايير للرقابة يتوجب وضعها على الربح واشتراط سقف له، وحماية المواطن من التعرض للابتزاز، وتأمين الكهرباء له في الشهور الباردة من السنة، حتى في حال تخلفه عن الدفع”.
وفي حين يذهب البعض إلى ضرورة تعميم التجربة الناجحة في كهرباء زحلة في مختلف المناطق اللبنانية،تتجهالطبقة السياسية الحاكمة إلى دعم منطق تعميم الفساد وفق شعار “ظلم في السوية عدل في الرعية”، نتيجة اعتماد سياسة المحاصصة والتسويات وتوزيع المغانم بين أفرقاء السلطة، ما يدفع إلى اعتبار أي منطق آخر قد يسود لن يكون خارج تلك المعادلة، وأن الحلول المتعلقة بالخصخصة ستخضع بدورها لجميع أنواع التجاذبات السياسية.

السابق
السيد محمد حسن الأمين مع بعض علماء جبل عامل
التالي
Presidential compromise did not save Lebanon, but warns of its collapse