براعة أردوغان

اردوغان

حين يعلن رئيس الجمهورية التركية أن الحقيقة في قضية اغتيال جمال خاشقجي ستعلن كاملة الثلاثاء فهو يملكها كاملة قبل هذا التاريخ، لكنه يُمهل الزمان ليثبّته كبيرا في المكان! الملف في يده كامل الأوصاف، ومنذ اللحظة الأولى التي بدأت الصحف التركية تسّرب الخبر وهي صحف تدور في فلكه وإحداها بل أكثرها تأثيراًتتبع للمجموعة القابضة التي يملكها صهره بيرات البيرق.. ورغم اني لست من هواته، إلا أن أردوغان أظهر ذكاء منقطع النظير في إدارة ملف القتل العجيب. فقد همس للشرطة التركية بأن تكون مصدرا وثيقا ودقيقا لكبريات الصحف ووسائل الإعلام العالمية، لا سيما الواشنطن بوست ونيويورك تايمز اللتين هزمتا معا كذب الإدارة الأميركية في حرب فيتنام، وصفعتا وزير الدفاع آنذاك روبرت ماكنمارا ثم أسقطت البوست ريتشارد نيكسون بعد فضيحة تنصنه على مقر الحزب الديمقراطي، ثم أجبرتا ريغان على الاعتذار بعد فضيحة إيران غايت وهذا إن عنى شيئا فإنه يعني أن الرئيس التركي قد اعار “منشاره” للناشرين الحقيقيين، الذين لا يقتلون ولا يصمتون حتى يبلغ المسير آخر خطاه. هنا بدا اردوغان انه ضنين على كشف حقيقة ما حصل لجمال، و أظهر في ملف واحد، براعةً في استدراج الأميركي إلى ساحته لكي لا يقول هو ما تقوله صحافته التي قال لها سراً بأن تقول! ويكون قد امسك السعودية من اليد “المعطاءة” في ظل اقتصاده الراهن وحافظ على علاقته معها، بل ديّنها “صمته”، ويكون قد صفع الغرب الذي قال إنه يختصر الأمة التركية في شخصه فإذا بها تظهر دولةً قضاءً وشرطةً تعمل بوحي القانون وحده دون وحي “رجل الامة” وكل ذلك تحت جناح صحافة “حرة” لم نعهدها في ظل الاردوغانية! وغدا سيتكلم أردوغان بما يعرفه منذ اليوم الأول.. ولن يختلف كلامه عما قراناه في 19 يوما واجزم بأنه لن يجرّم أحدا أكثر مما قيل لكنه رغم ذلك سيظهر كبيراً في جريمة بدت في فظاعتها هي الوحيدة التي فاقته كبراً.

السابق
الحكومة المحكومة بالفشل
التالي
لماذا يريد «حزب الله» وزارة الصحة في لبنان؟