الحكومة المحكومة بالفشل

لا تنبئ التطورات الحكومية بأن عهد الإصلاح يمكن أن يبدأ في لبنان، فمقدمات التأليف الحكومي التي طالت وتطول، تكشف المنطق الذي تدار من خلاله شؤون الدولة، هو منطق المحاصصة ولا شيء سواه، فالخلافات التي تعطل التأليف تنتمي إلى الرغبات المتعارضة للحصول على حصة يسميها البعض وازنة، وويسميها البعض الآخر مقررة في حين يردد بخبث بمقولة حكومة الوحدة الوطنية.
العقد التي جرى الحديث عنها سواء “العقدة الدرزية” أو “عقدة القوات” وأخيراً وليس آخراً عقدة تمثيل سنّة المعارضة تؤدي جميعهاغلى نتيجة مفادها تحصيل الحصص وتقاسمها داخل الحكومة من دون أن يلمس المواطن اللبناني أي أمل بإمكانية الخروج من القاع الذي وصلت إليه الدولة، لا سيما في ظل غياب الانسجام داخل الحكومة المفترضة الذي سيؤدي إلى مزيد من التعطيل والعجز. البلد لا يحتاج إلى مثل هذه الحكومات، فالتجارب السابقة على هذا الصعيد أثبتت أنها فشلت على صعيد إدارة الدولة بقدر ما نجحت الحكومات، والأخيرة على وجه التحديد، في استباحة المؤسسات وتعطيلها لصالح الافساد والزبائنية في معظم القطاعات الحيوية في الدولة.

اقرأ أيضاً: حكومةٌ تقود مركبا مثقوبًا

المحاصصة تتم على حساب الدولة والمواطن هو الخاسر الأكبر، وهذه هي الوضعية المناسبة التي تجعل من الدولة مشروعاً مؤجلاً وغير قابل للتحقق، في ظل غياب المعارضة، فالغاية التي تقف وراء الإصرار على تشكيل حكومة وحدة وطنية مزعومة، هو لجم أي محاولة لقيام معارضة برلمانية، فالمطلوب أن يشارك الجميع في الجريمة ضد الدولة، وإن كان المايسترو هو الذي لا يتوقف عن التغني بحكومة تضم الجميع، لأنه يدرك أن قيام أي معارضة في البرلمان، كفيل بأن يفضح السلطة الفعلية في البلد، أو على الأقل يعيد الانتظام للحياة السياسية، ذلك أن وجود معارضة ليس ترفاً بل شرط لانتظام الحياة السياسية والدستورية، خصوصا أن السلطة التي تحكم في لبنان ليست منسجمة ولا متماسكة إلا لناحية تقاسم المنافع والحصص، وبالتالي فان قيام أي حكومة منسجمة مهما كانت خياراتها هو أفضل من قيام حكومة جامعة غير منسجمة وعاجزة عن الحكم.
تداول السلطة هو ما يحتاجه لبنان اليوم، لتحكم الأكثرية المنسجمة، وكي تتصدى المعارضة لمهمة الرقابة البرلمانية والتحضير لأن تتولى السلطة ضمن الآليات الديمقراطية، أما بقاء الحكم في لبنان على الطريقة التي خبرها اللبنانيون في حكومات الوحدة الوطنية، فهذا سيكون من باب أن التاريخ يعيد نفسه على هيئةمهزلة.

السابق
ما سرّ تمسك الرئاسة الأولى بوزارة العدل؟
التالي
براعة أردوغان