نصرالله «يفرمل» التأليف بشروط جديدة

الحكومة اللبنانية
شهدت الأجواء السياسية والحكومية منذ ما بعد ظهر أمس ما يشبه انقلاباً على العد العكسي للولادة الحكومية التي كانت متوقعة اليوم أو غداًـ ما ادى إلى تبدد الأجواء الإيجابية.

تعاقبت موجات الفرملة وتبديد التفاؤل بوتيرة سريعة ومفاجئة، بعدما كانت اللقاءات المتلاحقة التي شهدها “بيت الوسط” بين الرئيس المكلف سعد الحريري وممثلي الافرقاء المعنيين بمفاوضات اللحظة الاخيرة تشير إلى انها انها مفاوضات التوزيع النهائي للحقائب والشروع في ابلاغ الافرقاء اسماء وزرائهم الى الرئيس الحريري ليصار الى اسقاط الاسماء على الحقائب ومن ثم اقتران التشكيلة بتوافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري في لقاء اليوم في قصر بعبدا ودعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى القصر لاطلاعه على التشكيلة ومن ثم اصدار مراسيم التشكيل.

إقرأ ايضًا: تأليف الحكومة في مراحلها الأخيرة والحريري يتكتم على الأسماء والحقائب

ويمكن اختصار التعقيدات الطارئة والمفاجئة بثلاث استناداً الى المعلومات المتوافرة لـ “النهار” عن لقاءات “بيت الوسط” والحركة السياسية التي حصلت في الساعات الاخيرة. العقدة الاولى تمثلت في ما نقله وزير الخارجية رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الى الرئيس الحريري من ان الرئيس عون يرفض اعطاء “القوات اللبنانية” حقيبة العدل وان هذه الحقيبة اساسية ضمن الحصة الوزارية للرئيس عون لانها ترتبط بضرورة عدم انتسابها الى أي حزب وان الرئيس عون يعتبرها حقيبة اساسية في موضوع مكافحة الفساد. لكن مصادر “التيار الوطني الحر” قالت لـ”النهار” إن جو لقاء الحريري وباسيل بعد ظهر أمس كان ايجابياً على غرار الاجتماعات المطولة السابقة بينهما، وان “التيار قدم كل ما عنده من تسهيلات وتنازلات من اجل ولادة حكومة وطنية يتمثل فيها الجميع “. وأضافت: “اما ما تبقى فليس عند التيار بل عند من يخترع الحجج ويستبطنها من اجل العرقلة “.

العقدة الثانية المفاجئة برزت مع كلام الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن صرالله مساء في مناخ أثار الكثير من التساؤلات عن ملامح متغيرات طرأت على موقفه الذي اتسم في خطب ومحطات سابقة بسقوف اقل انخراطا في رفع المطالب التفصيلية لكنه ذهب أمس الى النصح بعدم التزام مهل لولادة الحكومة ولوح للمرة الاولى بانخراط الحزب في شرط توزير نواب السنة في فريق 8 آذار. وقال نصرالله: “ايران لا تتدخل في الشأن الحكومي اللبناني لا من قريب ولا من بعيد. ومما قيل أيضا ان الوصاية الايرانية أذنت بتشكيل الحكومة بدليل أنني جلست مع الوزير باسيل وبلغت ضرورة تشكيل الحكومة وتقديم تنازلات قبل بدء العقوبات الاميركية على ايران. هذا اللقاء لم يحصل ولا هذا الكلام ولا نحن من نملي على التيار ولا على رئيس الحكومة المكلف”.

برز التعقيد الثالث ليلاً مع تداعيات ما اعتبرته بعض الجهات السياسية انقلاباً على الولادة الحكومية، ورأت في هذا السياق مصادر “القوات اللبنانية”، أن التراجع المفاجئ وغير المبرر عن إسناد وزارة العدل للقوات هو تصعيد كبير، والواضح ان الهدف من ذلك تحميل مسؤولية تأخير التأليف على “القوات” في حال القبول بذلك وعدم المطالبة بوزارة وازنة أو احراجها لإخراجها”.

وأشارت “اللواء” انه وسط تصاعد غبار المعلومات والمعلومات المضادة، واشترط التيار الحر ان يبعد الوزير يوسف فنيانوس عن وزارة الاشغال، في حال وافق التيار على ابقائها مع المردة، والكلام عن ان بعبدا، قبل ان تنفي، طلبت من الرئيس المكلف استبعاد “القوات” وضم كتائبيين للحكومة، في إطار التمثيل المسيحي، الأمر الذي جعل “القوات” تبلغ الرئيس الحريري رفضها المشاركة بلا ثلاثة حقائب بينها وزارة العدل..

وهنا، يطرح السؤال: ماذا وراء انتكاسة الليل الطويل: هل انقلاب على التسوية ووضع الرئيس المكلف في الزاوية، واضعاف حجمه داخل الحكومة التي يرأسها، أم هي انتكاسة تمهد الطريق أم انقلاب تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر على تكليف الرئيس الحريري؟

على ان السؤال الكبير الذي طرح نفسه بقوة مساء أمس، في أعقاب التطورات المفاجئة، هو هل عادت مفاوضات تشكيل الحكومة إلى المربع الأوّل، بعد ان اختلطت المعايير وتضاربت الحصص والطموحات؟ وبالتالي: هل تبخرت كل أجواء التفاؤل التي ربطت مهلة التأليف بساعات، واحياناً بأيام، بعد ان ازدادت الأمور المعقدة اصلاً تعقيداً.

إقرأ ايضًا:تشكيل الحكومة في مواجهة العقدة الأرمنية

وقالت المعلومات لـ”الشرق الأوسط” إن التشكيلة النهائية المنتظرة تقترح حصول “القوات” على أربعة مقاعد وزارية بينها نائب الرئيس ووزارات الشؤون الاجتماعية والثقافة والعمل (بدلا من العدل)، فيما تذهب وزارتا العدل والدفاع ووزارتا دولة إلى رئيس الجمهورية، تضاف إليها حصة التكتل الموالي له والتي تضم وزارة الخارجية ووزارة الطاقة ووزارة الاقتصاد، ووزارة رابعة لم تحدد، إضافة إلى وزارة دولة، فيما يحتفظ رئيس مجلس النواب نبيه بري بوزارتي المال والزراعة، وينال “حزب الله” وزارة الصحة. أما الرئيس الحريري فينال وزارة الداخلية بشكل أساسي مع ثلاثة مقاعد أخرى بينها وزارتا دولة. أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فينال وزارتي التربية والصناعة، فيما يذهب المقعد الدرزي الثالث إلى شخصية محايدة يختارها الوزير طلال إرسلان ويوافق عليها جنبلاط، فيما حسم أمر وزارة الأشغال لتيار “المردة” الذي يتزعمه الوزير السابق سليمان فرنجية.

ويتوقع أن تكون الساعات المقبلة حاسمة لجهة موقف “القوات” من التشكيلة المقترحة، والتي رفضت مصادرها التعليق عليها بانتظار “تبلغ الأمر رسميا من الحريري” الذي نأى بنفسه عن سجال “الوطني الحر” و”القوات” متابعا اتصالاته لتشكيل الحكومة و”تفكيك بعض التفاصيل”، كما قالت مصادر مواكبة لتحركه لـ”الشرق الأوسط”.

السابق
السنيورة: عون يمس بالدستور اللبناني
التالي
عثر عليه مشنوقا داخل شاليه في جونية