معركة قضائية على خلفية التعرض للكعبة

في كل دعوى قضائية ترفع على أي مؤسسة إعلامية على خلفية التعرض لأي من الشعائر الدينية أو حتى للرموز السياسية والدينية، يعاد النقاش حول مبدأ حرية الإعلام وطبيعتها، وهل يجب أن تكون مفتوحة أوأن يتم تقييدها بضوابط إجتماعية ودينية.

هي ليست المرّة الأولى التي يثير فيها برنامج “قدح وجم” للمخرج شربل خليل الذي يعرض على قناة الجديد جدلا واسعا في الساحة اللبنانية نظرا لتناوله جملة منالمواضيع الشائكة والحساسة.
هذه المرّة كان المضمون الذي أثار موجة غضب واستنكار لدى البعض هو المس بالكعبة، ما إستدعى تحركا قضائيا من قبل بعض المحامين وستنكارا من قبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومطالبة القناةببيان اعتذار.

اقرأ أيضاً: المنشد علي بركات يريد جلب الكعبة لنصرالله.. والناشطون يعلقون!

وفي التفاصيل أنه خلال إستضافة مقدمة البرنامج ليال ضو المنشد علي بركات، أدّى الأخير أغنية أساء فيها للكعبة في معرض مدحه للأمين العام لـ “حزب الله”، السيد حسن نصر الله، وهو ما أثار إستياءا شعبيا عاما، دفع بالمفتي دريان، إلى المطالبةبإيقاف البرنامج، والتوقف عن الإساءة للأديان، داعيا القضاء اللبناني المختص إلىاعتبار هذا الموقف إخبارًا لإجراء المقتضى، ومحاسبة كل من هو متورط في هذا العمل المشين قبل فوات الأوان.
وعلى الرغم من نزول القناة عند رغبة المفتي وإصدارهالبيان إعتذرت فيه من الجمهور، وعلى الرغم أيضا من إشارة المخرج أن المسؤولية تقع على من تفوه بالكلام (أي المنشد) وليس عليه، خصوصا أن الحلقة كانت تبث مباشرة، تقدم عدد من المحامين اللبنانيين وهم: زياد جعفيل، وعمر الكوش، وميشال فلاح، وجهاد مجذوب، ونديم قوبر، وعمر شبارو، بادعاء أمام النيابة العامة ضد قناة “الجديد” ممثلة برئيس مجلس إدارتها تحسين خياط، والمخرج شربل خليل، والمنشد علي بركات، وفريق عمل برنامج “قدح وجم”، بتهمة المس بالمقدسات وإثارة الفتن” بالاستناد إلى المواد 317 و 474 عقوبات.
في كل دعوى قضائية ترفع على أي مؤسسة إعلامية على خلفية التعرض لأي من الشعائر الدينية أو حتى للرموز السياسية والدينية، يعاد النقاش حول مبدأ حرية الإعلام وطبيعتها وهل يجب أن تكن مفتوحة، أوأنيمتقييدها بضوابط إجتماعية ودينية. وفي هذا السياق يبرز السؤال حول كيف يمكن تجنب تحويل عنوان المس بالمقدسات إلى وسيلة لقمع الحريات..
الشيخ محمد علي الحج العاملي أكّد لـ “جنوبية” على أن “الحرية أمر مقدس، وكذلك احترام الآخر”، مشيرا إلى أن “أسوأ أمر أن نمارس التفلت وقلة الأدب وعدم احترام مقدسات الآخر تحت مظلة “الحرية، ما يمثل أبلغ إساءة للحرية”.
وشدّد الشيخ الحج على أن “الحرية يقابلها الاستبداد وكم الأفواه.. ولا تتضمن حرية الرأي والتعبير التفلت من القيم والإساءة للآخرين”.

وختم الحج بالقول إن “ما قاله المنشد المذكور يظهر مدى الانحدار في بنية مجتمعنا الديني، كما يبين بوضوح الحالة السطحية التي يعيشها المسلمون ومدى انصرافهم عن الأبعاد الأخلاقية والروحية للدين الإسلامي”.

إلى ذلك أكّد القاضي والمحامي الشيخ مصطفى ملص لـ “جنوبية” أن هذا الكلام مرفوض، ولا يوضع في خانة الإساءة أو المس بالشعائر الدينية بقدر ما يدلّ على خفّة وسفاهة هذا الإنسان الذي يتكلّم”.

مصطفى ملص

وفيما يتعلّق برفع الدعاوى القضائية في هذا السياق، رأى أنه أمر غير مجدٍ وغير ضروري، مشيرا إلى أن “البعض سلك الطريق نفسه في مصر فيما يتعلق برفع دعاوى قضائية بحق أي شخض يمس بالشعائر الدينية، إلا أن شيئا لم يتغير”، مؤكدا أن “من يسارع في العادة لرفع الدعاوى القضائية هم طلابالشهرة و أمثالهم من الراغبين في إثارة الجدل أكثرمن خوفهم وغيرتهم على الدين”.

رأى المسؤول الإعلامي في”مؤسسة سمير قصير جاد شحرور” في حديث لـ”جنوبية” أن الحريات ليس لها سقف لكن هذا لا يعني أنه لا وجود لقانون يحاسب”.

وفي ما يتعلّق بالبرامج الساخرة في لبنان والخارج أشار إلى أنها “تتعلّق بثقافة المجتمع أكثر من أي أمر آخر” مضيفا “يمكن اعتبار السخرية جزءا من الحرية وأداة لانتقاد السياسة والسلطة الدينية وهذا أمر موجود في العديد من الدول الغربية”.

اقرأ أيضاً: المُفتي قبانـي يَرُدّ على الاستهزاء بالكعبة في برنامج قدح وجم

وختم شحرور بالتشديد على أنه “بشكل عام وفي العنوان العريض الحرية لا حدود لها لكن بموازاة ذلك، يجب أن يأخذ القضاء مجراه في حال وجود شخص متضرر من القدح والذم”.
أضاف قائلا “الحرية لم تشّجع يوما على العنف والشتائم، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار معنى استخدامها كوسيلةللسخرية. يؤكد تاليا أنه”يحق للناس استخدام الحرية والمصطلحات التي تريد كما تشاء، وفي الوقت نفسه يمكن للقانون أن يأخذ مجراه إذا تبين وجود قدح وذم”.

السابق
بري: لبنان لم ينته من المؤامرة.. ولكن سننتصر
التالي
الإفراج قريبا عن الحكومة.. والعقدة الدرزية إلى الحلّ