مؤتمر حول «الدماغ والتعلّم في صلب الصعوبات التعلمية عند الاطفال»

منح المؤتمر السنوي الرابع الذي ينظمه المركز اللبناني للتعليم المختص “كليس”، جرعة أمل كبيرة للذين يعانون من الصعوبات التعلمية المحددة وأهاليهم، بعدما فنّد البروفيسور أوليفييه هودي كيفية تجاوب الدماغ أثناء التعلّم، مما يُعزز القدرات المعرفية لدى الاطفال.

الوزير حماده

وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي عقد في مسرح بيار أبو خاطر في جامعة القديس يوسف في رعاية وحضور وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده وبمشاركة الممثلة والنجمة العالمية نتالي باي، قال حماده: “اذا كانت المحبة هي الدافع والمسؤولية هي الواجب، فإنني أحيي من كل قلبي كارمن شاهين دبانه على محبتها ومسؤوليتها المتجلية في الدعم والعناية والمتابعة لجهة تأمين 104 غرف للدعم المدرسي لأصحاب الصعوبات موزعة على المدارس الرسمية في المناطق اللبنانية كافة، ويوجد عدد منها ضمن المدارس الدامجة الرسمية التي يبلغ عددها ثلاثين مدرسة”. وأضاف: “نعم إننا نحتاج إلى طواقم بشرية متخصصة من أفراد الهيئة التعليمية لكي يتابعوا التدريب والتخصص ولكي يكونوا موجودين باستمرار في غرف الدعم في المدارس الرسمية القائمة. كما أننا نحتاج إلى رفع عدد المرشدين والموجهين التربويين المتخصصين الذين يقومون بزيارات عمل في المدارس الدامجة والتي تستقبل غرف الدعم”.

واعتبر حماده أن “هذا الجهد البشري يحتاج قبولاً في البدء ومتابعة من الإدارة وقراراً بالتفرغ لهذه المهمة من جانبنا ، ونحن مستعدون لإتخاذ القرار المناسب برفد جهاز الإرشاد والتوجيه في الوزارة بأفراد الهيئة التعليمية من النخبة ليتم تدريبهم بالتعاون مع المركز التربوي، فنكون قد حققنا خطوة إضافية في العناية بأجيالنا، سيما وأن لكل منا صعوبات تستوجب أن نعتني بها، وإن البلاد تمر بصعوبات نأمل أن يوفق القائمون على الحل إلى إيجاد خواتيم سعيدة لها”.

إفرأ ايضًا: التربويون يرفضون إلغاء «الشهادة المتوسطة»: مستوى التعليم في خطر!

كارمن شاهين دبانة

ورحّبت مؤسِّسة ورئيسة “كليس” كارمن شاهين دبانة بالحضور، مشدّدة على  أن “أولادنا أهم ما في حياتنا، ننتظر قدومهم الى الحياة بفارغ الصبر، نخاف عليهم حتى قبل ولادتهم، ونراقب نموّهم عن كثب وننتظر تقدمهم بحذر، ولكن عندما نكتشف ان بعضهم مختلف في طريقة تعلّمه ولم يأت على مقاسات القالب الذي رسمناه له وأن لديه صعوبات تعلمية، نسقط نحن الاهل في قلق عقيم يشلّنا ما ينعكس سلباً على الطفل”.

وأضافت: “الصعوبات التعلمية… خلينا نحكي” هو شعار “كليس” اليوم، لان الحديث عن هذا الموضوع هو نصف الحل، اما النصف الثاني فهو اللجوء الى المتخصصين ليساعدوا الاهل والطفل والمعلم في المدرسة”.

الرقص مع “كليس”

وقبيل بدء المحاضرة المتخصصة، قدم أطفال لوحة راقصة هي ثمرة ورشات عمل تندرج ضمن برنامج “الرقص مع كليس” الذي يقام بالشراكة مع المعهد الوطني للرقص في نيويورك (National Dance Institute of NewYork) لإدخال الرقص الى المدارس الرسمية والخاصة ومساعدة التلامذة ذوي الصعوبات التعلمية المحددة على بناء الثقة بالنفس وبالآخر.

وقالت كاي غارنر المسؤولة عن البرنامج ومدرّبة الاطفال من المعهد “التعلّم يمكن ويجب ان يكون ممتعاً ودقيقاً، ويتعلّم الاطفال بطرق مختلفة ونحن نؤمن أن واحد من أفضل طرق التعلّم وأنجعها هي القيام بذلك. لذا عندما يرقص الاطفال وخصوصاً الذي يعانون من الصعوبات التعلمية المحددة، يكونون هم الفن”.

وحاضر أوليفييه هوديه الأستاذ في علم النفس في جامعة باريس – ديكارت، وفي جامعة السوربون باريس سيتي، والمتخصص في التطور الادراكي والتعلم لدى الاولاد استناداً الى دراسته التجريبية لوظائف الدماغ والتكنولوجيا المرتبطة بها، حول موضوع الساعة وهو “الدماغ والتعلم في صلب الصعوبات التعلمية عند الأطفال”. هوديه الذي له أكثر من 500 مؤلف وبحث علمي بما في ذلك 24 كتاباً، شارك مئات الحاضرين من متخصصين في التربية وعلم النفس والعلاج اللغوي والعلاج النفسي الحركي وعاملين في الحقل التعليمي، نظريته حول تعزيز القدرات المعرفية مسلطاً الضوء على اكتشاف جديد لعمل الدماغ أثناء التعلّم. وذلك عبر صورة RMI  (الرنين المغناطيسي) مع تقنيات تربوية ونفسية معينة وفريق عمل تربوي –نفسي. وقال ان دماغ الطفل لا ينمو بشكل تدريجيّ كما قال جان بياجيه، بل بشكل ديناميكي غير خطيّ شبّهه عالم النفس الفرنسي هوديه بموجات البحر.

وعرض للمرة الأولى صوراً للدماغ أثناء استجابته للتعلم، مؤكداً أن “كل طفل لديه دماغاً رائعاً، لكن كل طفل يستخدم مساراً عصبياً مختلفاً ليتعلّم”. وأضاف: “البعض لديهم صعوبات تعلمية أكثر من غيرهم، وعلينا ان نساعدهم. ففي مصطلح العسر الوظيفي نسمع كلمة وظيفي، إذاً يجب استثمار الاكتشافات المتقدمة في علم النفس وعلم الاعصاب، لنفهم جيداً العملية الوظيفية للدماغ”.

نتالي ناي

أما نتالي باي التي صرّحت أنها عانت من صعوبات تعلمية وتحديداً عسر القراءة والحساب، فتحدثت عن أهمية دور الأهل في إعطاء الثقة المطلقة لأطفالهم ليتحرّروا من أي صعوبات. واستعادت مسيرتها الشخصية مع الصعوبات التعلمية المحددة وكيف تخطّت ذلك عبر الرقص والمسرح والسينما.

يُذكر أن حوالى 10 في المئة من التلامذة في العالم يعانون من صعوبات تعلمية محددة، وهي عسر الإملاء، عسر الكلام واللغة الشفهية، عسر الذاكرة، عسر الحساب، عسر القراءة، عسر تنسيق الحركات، الفرط الحركي والنقص في التركيز.

عن كليس

يقدم المركز اللبناني للتعليم المختص (كليس) منذ العام 1999، مساعدة متخصصة فرديّة للأولاد الذين يعانون من صعوبات تعلّمية محدّدة والذين تتراوح أعمارهم بين  3 و12  سنة. وتقوم هذه المساعدة على التشخيص والمتابعة للطفل لمساعدته للبقاء ضمن النظام الدراسي العادي كما يقدمون الدعم والتوجيه لعائلاته، بطرق متخصصة ومتطورة، من خلال سبعة مراكز منتشرة في المحافظات اللبنانية.

ويتألف فريق العمل في كل من مراكز (كليس) من اختصاصييـن في علـم النفـس والعـلاج اللغـوي والعـلاج النفسـي-الحركي، يتولّون متابعة الأولاد بشكل فردي

ويقوم فريق كليس المتخصص في كل من مراكزه بتقييم قدرات الأولاد وتشخيص حالاتهم كما يتم التنسيق بين أعضائه من خلال اجتماعات تقييمية اسبوعية لوضع برنامج عمل خاص بكل حالة والتبادل بشأنه.

وفي العام 2013، تم توقيع اتفاق تعاون بين وزارة التربية والتعليم العالي وكليس، مدته عشر سنوات، لإنشاء 200 غرفة دعم في 200 مدرسة رسمية موزعة على كافة الاراضي اللبنانية، وذلك خلال أول خمس سنوات من الاتفاق، مع تدريب مستمر ودعم تقني لمدّة عشر سنوات. أما أججد مبادرات “كليس” فهي مساعدة وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان في معايير تقييم التلامذة من ذوي الصعوبات التعلمية المحددة وتشخيصهم، وتحضيرهم لامتحانات الشهادة المتوسطة الرسمية. أما الذين يفضلون الذهاب الى التعليم الهمني، فيقدم لهم مركز “كليس” منحاً متخصصة بالتعليم المهني لتطوير خبرتهم المهنية، بدلاً من التسرب المدرسي.

غرف الدعم الدراسي

“غرف الدعم الدراسي” مشروع تربوي أطلقه المركز بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، بهدف الحدّ من الرسوب والتسرّب المدرسي. ويقوم المشروع على إنشاء غرفة دعم دراسي في 200 مدرسة رسمية (104 منها نفّذت) في مختلف المناطق اللبنانية. ويجهّز المركز كل هذه الغرف بالمفروشات والمعدات اللازمة والتكنولوجيا المسانِدة والبرامج التصحيحية، اضافة الى تدريب معلّمَين أو ثلاثة من كل مدرسة لتقديم الدعم الاكاديمي والتربوي. كما يعمل المشروع على تطوير قدرات الموجهين التربويين في المديرية العامة للتربية في لبنان ليصبحوا جاهزين للقيام بمتابعة تطبيق المشروع في هذه المدارس.

مساهمة كليس في الامتحانات الرسمية

أخذ “كليس” على عاتقه مسؤولية مساعدة وزارة التربية والتعليم العالي في تقييم التلامذة من ذوي الصعوبات التعلمية المحددة وتشخيص حالتهم بهدف تأمين المساعدة الملائمة لهم في امتحانات الشهادة المتوسطة الرسمية. وتعتبر هذه الخطوة مهمة جداً لأنها تعطي الطالب حافزاً لإكمال تعليمه الأكاديمي وتطوير مهاراته.

منحة الـ DYS

يقدم كليس منحاً دراسية للطلاب ذوي الصعوبات التعلمية الذين يرغبون الالتحاق بالمعاهد التقنية والمهنية.

 

 

 

 

السابق
نيشان في اليوم العالمي للصحة النفسية:ما زلنا نتجمّل بأقنعة الجهل ونُخفي وجعًا ومعاناة
التالي
الحكومة في الأيام المقبلة: هل بدأ توزيع الحقائب؟