كل تقدمي قتيل… حتى إشعار آخر

كمال جنبلاط
"أسوة بجميع الذين حاولوا وما زالوا يحاولون أن يغيروا شيئا في هذا العالم العربي المتسمر منذ قرون، كوَّن كمال جنبلاط لنفسه العديد من اﻷعداء في المنطقة،

لم يكن بمقدوره التغاضي عن المكابح التي كانت تعيق مسيرة تقدم العالم العربي، وﻻ هذه السياسات المارقة التي ﻻ هم لها إﻻ إستدامة اﻷنظمة القائمة، كثيرون خاضوا هذه المعركة، وكثيرون دفعوا حياتهم ثمنا لها، ومن نجا فميت مؤجل، بإغتيال كمال جنبلاط أرادوا – نوعا ما -إغتيال حرية العرب”.

إقرأ ايضا: جنبلاط: داعش تنظيم في إمرة النظام السوري

… هذه الكلمات للصحفي الفرنسي فيليب ﻻبوسترول الذي حاور كمال جنبلاط وأعد كتابه “من أجل لبنان”- هذه وصيتي سابقا- نستذكرها اليوم ونحن نتابع قضية خطيرة من قضايا الحرية وحقوق الإنسان في العالم العربي بل والعالم، عنيت بها قضية الكاتب السياسي السعودي جمال خاشقجي الذي أختفى بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول التركية وإنقطعت أخباره وهناك أخبار بأنه أغتيل.

هذه الكلمات -كلمات الكاتب الفرنسي- تشير إلى أسس المشكلة في عالمنا العربي وهي مشكلة التقدم وخاصة على صعيد الحريات وحقوق اﻹنسان، فهذا التقدم محكوم عليه بالموت إن عاجلا أو آجلا.

والمؤسف أن هذه الرؤية للصحفي الفرنسي والتي كتبها منذ حوالي 40 عاما أثبتت اﻷيام صحتها إذ أن اﻹغتيالات السياسية وخاصة للمفكرين والكتاب والصحفيين التقدميين قد إستمر حتى يومنا هذا، ومن منا ﻻ يتذكر اﻹغتيالات طيلة عقد الثمانينيات خاصة في لبنان.

والمؤسف أكثر أن ما رآه وفهمه الصحفي الفرنسي منذ أربعة عقود، لم يفهمه حتى اليوم الكثير من المثقفين اللبنانيين والعرب ﻻ بل ما زالوا يقفون إلى جانب اﻹستبداد والطغيان بحجة الممانعة والمقاومة تارة، وبدعوى الواقعية السياسية تارة أخرى وغيرها من الشعارات التي ﻻ معنى لها في الحقيقة سوى وأد الحرية فإذا لم تكن الممانعة والمقاومة ضد الطغيان واﻹستبداد فما حاجتنا بها وهل هناك أكثر واقعية من مقارعة الظلم والتخلف الذي تعيشه بلداننا والمتستر بإسم الدين تارة وتارة بإسم الوطنية والقومية حتى غدت أوطاننا مرتعا للفاسدين والمفسدين لكل ما حولهم وباتت المصالح والغايات الشخصية والسياسية هي التي تقلب الحقائق وتجعل من اﻷبيض أسود والعكس صحيح. واﻵن لنقرأ ماذا يقول الراحل الكبير كمال جنبلاط في مسألة الحرية ما دمنا قد بدأنا بكلام الصحفي الفرنسي الذي يفيه حقه.

“ﻻ بد للمرء أن يكون سيدا بالمعنى الحقيقي للكلمة، ذلك أن معنى كل حياة هو أن يكون المرء سيد قراره…. قد يكون بوسع المرء أن يقبل بإمكان تبرير حكومة آمرة ومتحكمة على كل المستويات، شريطة ان تظل تحترم حريات اﻹنسان اﻷساسية”.

إقرأ ايضا: جنبلاط موضحا: اللجنة بين الإشتراكي والتيار تناقش أمورا أساسية وليس سطحية

فما أحوجنا هذه اﻷيام لعمالقة من قماشة كمال جنبلاط وغيره من أقرانه المناضلين الذين أفنوا حياتهم ودفعها البعض منهم ثمنا لمحاولة تغيير الواقع البائس الذي تعيشه هذه الأمة لكي نخرج من هذا المستنقع الذي وضعنا فيه أقزام هذا الزمان بماضيه السيء وحاضره الأسوأ ومستقبله المجهول.

السابق
بالفيديو: مشاهد مقززة في مسالخ الشويفات.. والدولة غائبة عن الرقابة
التالي
برافو بولا يعقوبيان…