«دار الصياد» تغيب في زمن أفول الصحافة الورقية

دار الصياد
الحديث عن "دار الصياد" مرتبط بشكل تام بمؤسسها سعيد فريحة، وهو الذي وُلد في بيروت العام 1912، ثم انتقل إلى حماه في سوريا بسبب المجاعة، وسجن خمس مرات وتعرّض للاغتيال 12 مرة.

فقد سعيد فريحة والدته وشقيقه، فوجد نفسه فجأة مسؤولاً عن إعالة نفسه وشقيقتيه وهو في العاشرة من عمره، وسرعان ما أصبح محرراً في “الراصد” و”التقدم” بحلب. راسل فريحة كل من “القبس”، ثم “الأحرار” و”الحديث” و”الصحافي التائه”، لكنه أسّس في عهد الاستقلال عام 1943 “الصياد“. وقد صدر العدد الأول منه حيث اتخذ فريحة من “الصياد” مكتبا له في بناية “الصمدي”، إلى جوار “الحديث”. تألفت “الصياد” بداية من 24 صفحة، ثم 32 صفحة، وقد انتقلت طباعتها إلى “دار الهلال” في القاهرة في 1948 مع الابقاء على التحرير في بيروت.

اقرأ أيضاً: موت صحف بيروت

وتميّزت “الصياد” بلغتها، وبطباعتها، وبسياسة لبنانية عروبية، وشقّت طريقها بسرعة، حيث وجّه صاحبها انتقادات لاذعة إلى أسرة الرئيس بشارة الخوري، فسُطِّرت بحقه مذكرة اعتقال، دخل بسببها السجن. فتحوّل فريحة إلى نجم الصحافة، وشيّد “دار الصياد” عام 1954 في الحازمية، وجهّزها بمطبعة كاملة تعمل بسرعة 3500 نسخة في الساعة، وصدرت المجلة بـ60 صفحة. عام 1956 أسس “الشبكة” وصدر العدد الأول منها، وزيّن غلافها الأول صورة للفنانة فاتن حمامة. وبعد “الشبكة”، أصدر فريحة “الأنوار” اليومية في 1959. وفي 1973 أصدر “سحر” و”الإداري” ومن ثم “ويكلي أوبسرفر” مطلع 1975 و”الدفاع العربي” و”تقارير وخلفيات”.

لكن “دار الصياد”، التي عانت من الحرب، تعرضت لنكبة كبيرة برحيل مؤسسها في آذار 1978 وهو في الـ66 من عمره. وبعد رحيل مؤسس “دار الصياد “، تم أصدار مطبوعات متنوعة، مرتبطة بالازياء والاميرات والفنانات والعارضات والإدارة والدفاع والأمن في دول الخليج. بحسب “المدن”.

فبعد حوالي ستة عقود على صدورها، تنضم “دار الصياد” الى “السفير” ذات النشأة الفتية، التي اقفلت منذ سنتين بعد اربعة عقود على اطلالتها الاولى.

وقد ردت الدار قرار إغلاقها عقود ثمانية على تأسيسها إلى خسائر مالية. فرئيسة الدار إلهام فريحة، ابنة المؤسس سعيد فريحة، اعلنت انه “حان الوقت للتوقف”.

فغياب المطبوعات في لبنان يدلل على أزمة الصحافة المكتوبة في لبنان، الذي عرفها لبنان منذ القرن التاسع عشر. وهو ليس بالقرار الأول ولن يكون الاخير خلال هذه الفترة، حيث سبقتها “السفير” و”الحياة”، في ظل معاناة صامتة تعيشها بقية المطبوعات سواء اليومية او الاسبوعية. بحسب “الحرة”.

فهناك 8 صحف في حالة “الخطر حاليا كما ذكر وزير الاعلام ملحم رياشي. رغم عدم تحرك نقيب الصحافة الحالي عوني الكعكي. فالازمة المالية تعصف بالاعلام في عصر الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الإجتماعي. ويعود السبب الى توقف الدعم العربي والتمويل الرسمي لوسائل الاعلام اللبنانية خاصة المكتوبة منها خلال السنوات الأخيرة بسبب المنافسة الكبيرة في السوق الإعلامية مع العصر الرقمي.

من جهة أخرى، نقلت بعض وسائل الاعلام انه ليس شحّ المال هو الذي دفع بآل فريحة إلى إقفال «دار الصياد» بعد عقود من العمل وإيقاف إصدار مطبوعاتها. فإلهام سعيد فريحة وأخويها بسام وعصام تقول انه ليس بين الجيل الجديد في العائلة مَن يرغب بمواصلة العمل في هذه المهنة، فهم جيل حرب تربى خارج لبنان، ولا يجيدون العربية، كما نقلت “الشرق الاوسط”، الا ان العاملين في «دار الصياد»، يتهمون آل فريحة بالتفريط في الإرث الكبير. مع الاشارة الى عدد موظفي الدار كان قد وصل الى 1500 موظف.

اقرأ أيضاً: غياب #سفير_الكلمه_الحره.. وهزيمة الصحافة اللبنانيّة

وقد سبق اقفال “الصياد” عام إنهاء عمل مؤسسة صحافية كبيرة عام 2011 تعود لملحم كرم تركها لورثته، كما ترك له والده كرم ملحم كرم له مهنة الصحافة، فاشترى جريدة «البيرق» في الستينات من القرن الماضي، وأسس دار «ألف ليلة وليلة»، فمجلة «الحوادث» والـ«Revue Du Liban» بالفرنسية، و«المونداي مورنينغ» بالإنكليزية. لكن الورثة قضوا عليها بعد وفاة والدهم مباشرة.

وتبقى جريدة «النهار»، التي أسسها تويني الجد عام 1933، وتسلمها غسان فجبران، لا تزال الجريدة مستمرة مع نايلة تويني رغم الصعوبات.

فاي مستقبل للصحافة الورقية بعد عصور ذهبية مميزة؟

السابق
وفاة الممثلة السورية الشابة دينا هارون
التالي
المشنوق استعرض إنجاز مشاريع في عكار والهرمل والبقاع