عودة تأليف الحكومة للمربع الأول والمستقبل: باسيل رئيس حزب وليس الآمر الناهي!

نجح بالأمس الوزير جبران باسيل بالمناورة اتجاه خصومه، وإعاد أزمة التأليف إلى المربع الأوّل.. فما هو موقف "القوات"؟ وكيف يرد "المستقبل "على التعدي على صلاحيات الرئيس المكلف؟

لم تدم الأجواء الإيجابية طويلا، فبعدما بشّر الرئيس المكلّف سعد الحريري اللبنانيين من خلال إطلالته التفلزيونية قبل أمس بمهلة أقصاها عشرة أيام لولادة الحكومة خرج رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل أمس مطيحا بالتفاؤل، ليعود بذلك الاشتباك السياسي والردود المتبادلة بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” من جهة، ومن جهة ثانية يعيد فتح معركة صلاحيات جديدة مع الرئيس المكلف سعد الحريري. إذ ضرب باسيل عصفورين بحجر واحد بوضعه خلال مؤتمره الصحفي في ميرنا شالوحي معايير “تعقيد” جديدة مطالبا بتمثيل كل 5 نواب بوزير واحد مصوبا بذلك على القوات اللبنانية” بتمثيل كتلتها المؤلفة من 15 نائباً بـ 3 وزراء فقط، وحزب”التقدمي الإشتراكي” بوزيرين حتى توالت ردود الفعل الرافضة للخروج عن الدستور وأصوله وتقييد عملية التأليف بمعايير مختلقة.

اقرأ أيضاً: جبران ينسف تفاؤل الحريري والقوات تنفي الاتهامات بضرب العهد

المعايير “الباسيلية” إستدعت أيضّا ردود فعل من قبل رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي غرّد بشكل مقتضب مكتفيا بعبارة “المعيار هو”، كما دفعت بنواب تكتل “لبنان القوي” القواتي الى الردّ، ما أعاد الأزمة إلى المربع الأوّل بعدما كان التعويل على الاجتماع المرتقب بين الرئيسين عون والحريري ومهلة العشرة أيام.

وبغض النظر عن الصلاحيات الدستورية، لماذا لا تقبل القوات بصيغة باسيل بحيث تتمثل بـ 3 وزراء، في المقابل يتمثل “التيار الوطني الحرّ” بـ 6 وزارء (إضافة إلى حصة رئيس الجمهورية)؟

رئيس جهاز الإعلام والتواصل في “القوات اللبنانية” شارل جبور أوضح لـ “جنوبية” أن “المسألة لا ترتبط بموافقة القوات، إنما تتعلّق بطبيعة مبدئية مزدوجة، بمعنى أنه لا يتم وضع معايير في ظلّ إشتباك سياسي وإستحقاق قائم بحدّ ذاته وفي ظلّ الخلاف الحاصل في خضم هذا الإستحقاق وأي معايير تُطرح يجب وضعها قبل الولوج لتلك الإستحقاقات وليس في خضمها”.

كما أشار جبور إلى أن “من يضع معيارا هو رئيس الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية، وهي مسألة ليست من إختصاص أي طرف سياسي”، لافتا إلى أن “الطائف لم يلحظ هذه المسألة ليس سهوا بل قصدا وعمدا لسبب رئيس وهو لمن أجل ترك لرئيس الحكومة المكلف حق أن يقدر وطنيا الحكومة التي يجب تشكيلها في هذه اللحظة بالذات، وبالتالي لا يجب إلزامه بإعتماد آلية حسابية رياضية للتشكيل تلك الحكومة “.

كما أكّد “الوزير باسيل ليس هو من يضع المعايير، وبذلك أعاد الأمور للإشتباك الذي حصل قبل أشهر حول مسألة الصلاحيات والذي تمدّد حول مدّة التأليف والتكليف وإذا به يعيد الإشتباك إلى المربع نفسه أي أن يمس بصلاحيات رئيس الحكومة”.

إلى ذلك حدد جبور ثلاث إشارات أساسية من خلال الموقف الذي أعلنه باسيل أمس “الأولى هي تعمده نسف المناخات الإيجابية للرئيس الحريري التي لم تولد بالصدفة إنما ولدت نتيجة لقائه برئيس الجمهورية والتشاور معه، وبالتالي هو يرد على الرئيسين عون والحريري، والإشارة الثانية هو إعادته النقاش إلى المربع الأول أي إلى المعايير التي يجب إعتمادها قبل إسقاط أي تركيبة حكومية لاحقا، وبالتالي أطاح بكل جهد قد أنجز في مكان ما، ثالثا فإن المعاييرلا توضع بهذا الشكل الفوضوي فهو يضعها إنطلاقا من حساباته الشخصية “.

وإنطلاقا من حصة الثنائي الشيعي في الحكومة أوضح جبور أن “تحديد 6 وزارء للثنائي لا علاقة له بالمعادلة الخماسية التي حددها باسيل، إنما لها علاقة بأن “حركة أمل” و”حزب الله” أقفلا مقاعد الطائفة الشيعية وبالتالي يحق لها بديهيا الحصول على المقاعد الستة، كذلك الدروز لا تنطبق عليهم هذه المعادلة لأن عدد نوابهم 8، فالتمثيل هنا مزدوج وهو تمثيل طائفي ووطني”، وتابع “إنطلاقا من التمثيل الطائفي يجب تمثيل الكتل بحسب الحجم الذي نالته داخل بيئتها”.

وما يؤكد أن باسيل يضع معايير تنطبق على شخصه الكريم، قال جبور إنه “في مرحلة معينة كانت حساباته العلمية الرقمية بنيل القوات اللبنانية” 31% من التمثيل المسيحي اليوم تغير هذا الامر لأنه أراد تغيير المعادلة وان يحتسب بشكل مختلف لتحجيم القوات وفقا لأهوائه راح بإتجاه إحتسابه بأنها 25%”. وتساءل “ما هذه المصادفة أن في كل الصيغ التي يضعها باسيل يحصل في ختامها على 11 وزيرا، هل بالصدفة يريد الثلث المعطل؟ ماذا يريد منه؟ وما خلفيته من وراء الثلث المعطل؟”.

ختاما، شدد جبور “للأسف الوزير باسيل كل ما تقترب الأمور من أن تحقق تقدما يطيح به وأصبح من الطبيعي السؤال ما الخلفية وراء سياسة التفريغ وإلى ماذا يرمي؟ وإلى أين يريد إيصال البلاد في نهاية المطاف؟ هناك أمر أساس يجب البحث فيه بأن هذا الرجل لا يريد تشكيل الحكومة بل يريد مواصلة التفريغ”.

اقرأ أيضاً: الحريري يبشر اللبنانيين بتأليف الحكومة في الأسبوع المقبل

من جهة ثانية، أكّد العضو المكتب السياسي النائب السابق مصطفى علوش لـ “جنوبية” أن “ما قاله باسيل يخصه هو وإذا وضع معايير فعلا فليذهب وليؤلف حكومة”، وأضاف “باسيل عمليا هو مجرد رئيس حزب ويحاول القول انه الآمر الناهي في البلد وهو يدرك تمام ان هذا الكلام لا يصح وكذلك رئيس الجمهورية لا يوافق عليه”. مؤكدا على أن ما قاله باسيل غير دستوري وهو كلام فقط للكلام ولا يغير شيئ في المعادلة، إنما بالتأكيد أدى إلى إحباط اللبنانيين بعد كل الجهود الإيجابية التي قام بها الرئيس المكلف.

مصطفى علوش

وعن إصرار “المسقبل” على الفصل بين رئيس الجمهورية وباسيل قال علوش إنه “إصرار ضروري للمحافظة على الموقع الدستوري حتى لا نذهب بإتهام رئيس الجمهورية بالتحيز،لا سيما أن كلامه المعلن وخلال اللقاءات غير متحيز”، وأضاف “نفضل إعتبار حتى ولو وهما أن المسألة هي تتعلق بحزب وليس بموقع رئيس الجمهورية كي نفتح المجال أما الرئيس عون ان يكون لديه قدرة للمناورة وايجاد الحلول”.

السابق
عدوان: المطلوب من رئيس الجمهورية ان يضغط لمنع العرقلة
التالي
إدوارد وايت:الزراعة وتجهيز الأغذية الزراعية هما مصدران رئيسيان للفرص الاقتصادية