هل دخل لبنان مرحلة «دولة المرشدين»؟

... مع إنتخاب البرلمان اللبناني الجديد في شهر أيار الماضي تكون قد إكتملت حلقة التوريث السياسي في لبنان في هذا الجيل بإعتبار المسألة ليست بجديدة وهي جزء من التقليد الإجتماعي والسياسي اللبناني.

فبات جبران باسيل وريثا للتيار الوطني الحر، وقبله سامي الجميل للكتائب، واليوم تيمور جنبلاط وطوني فرنجية للإشتراكي والمردة وغيرهم.

إقرأ ايضا: وراثة الزعامة الجنبلاطية لتيمور في حياة والده الوليد…

في الواقع، وبالمطلق، يحق لأي مواطن كان أن يطمح ويسعى لوراثة زعامة ودور كما من حق أي زعيم أن يختار وريثا له وخليفة يسلمه مقاليد أمور الحزب، لو كان هذا الحق الذي يمارسه ناتج عن ممارسة سياسية وحزبية سليمة كأن يتدرج الوريث في الحزب كغيره من الحزبيين ويحتل المواقع عن جدارة نتيجة إنتخابات حزبية حقيقية وليست صورية مثلا كما هو حاصل في لبنان بحيث يتم التوريث “بيولوجيا” إذا صح التعبير وبتسرع ولو على حساب الكفاءة وقبل أن يكون الوريث قد أثبت وجوده الفعلي حتى في داخل حزبه.

قد يكون لهذا الأمر علاقة بما بتنا نعيشه منذ سنوات عديدة، إذ بات روؤساء الأحزاب والتيارات السياسية يستنكفون عن دخول الحكومات كوزراء ربما لأنهم يعتبرون أنفسهم أنهم باتوا أكبر من أي وزارة كما إستنكف البعض منهم مؤخرا عن دخول الندوة النيابية، فباستثناء “الرؤساء” ومنصب الرئاسة نجد أن رؤساء الأحزاب باتوا يُعَيِّنون في المناصب الوزارية ممثلين عنهم من شخصيات حزبية ومقربة من خطهم السياسي ويكتفون هم بدور المرشد والموجه، ويا ليت كان هذا التوجه من باب ضخ وجوه جديدة ودم جديد في الحياة السياسية اللبنانية لكان هذا ثورة بحد ذاته. لكنه، وللأسف الشديد كان ترفعا وغطرسة لأنهم يرون بأنفسهم زعماء وقادة وليسوا أداة تنفيذية حتى ولو لمصلحة ناخبيهم.

واليوم دخلنا فعلا وبلا حرج أو خجل دولة المرشدين فبات ميشال عون مرشدا للتيار الوطني الحر قبل أن يصبح “بيّ الكل” وأمين الجميّل مرشدا للكتائب، وسعد الحريري مرشدا لتيار المستقبل، ونبيه بري مرشدا لحركة أمل، أما حزب الله فكان سباقا في هذا المجال، وكذلك سليمان فرنجية مرشد المردة، وجنبلاط مرشد التقدمية والإشتراكية، وسمير جعجع مرشدا للقوات اللبنانية، وهكذا دواليك..

إقرأ ايضا: وراثة مصرية للدور السعودي في لبنان من بوابة أزمة الحريري

وباتوا يريدون ويتصارعون بشكل أو بآخر كي يكونوا مرشدين للجمهورية، كل هذا والبلد يغرق شيئا فشيئا في الأزمات وليس أولها ولا آخرها ما حصل مؤخرا من مشاكل في المطار الذي هو وجه لبنان ونافذته إلى العالم وغير ذلك من المشاكل خاصة الإقتصادية منها، والحديث عن الوضع المالي لدرجة أن حديث عن صحة حاكم البنك المركزي، والذي هو بالنهاية شخص يمكن أن يمرض، كاد هذا الحديث أن يتسبب بخضة في الأسواق. وهكذا نكون في دولة وجمهورية المرشدين السياسيين دولة وجمهورية بسبعة أو ثمانية رؤوس كالأخطبوط، ولكنه أخطبوط يلتف حول عنق الوطن والناس ليخنقهم والشعب “غاشي وماشي” كل وراء مرشده… إلى حتفه…

السابق
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الجمعة في 5 تشرين الأول 2018
التالي
الخارجية الكويتية: نرفض ما جاء في «السياسة»