أزمة أصحاب المولدات مع وزارة الاقتصاد: مافيات…أم «صفقة عدّادات»؟

تحوّل المواطن المظلوم، جراء أزمة الكهرباء والمولدات والعدادات، الى ظالم، والسلطة تقف متفرجة على حلبة المصارعة، حيث خرج اصحاب المولدات اليوم في مؤتمرهم الصحفي ليظهروا وكأنهم ضحايا حيث سيتقدمون بشكوى ضد الوزير بسبب وصفه اياهم بالمافيا.

بات لبنان بلدا يسير على وقع أزمة مولدات الكهرباء، فهي التي تمنحنا الحياة بكل تفاصيلها حيث ان المياه، والمصاعد، والبراد، والغسالة، والتلفزيون، والمكيفات، والانارة، والمعامل، والمصانع، والتلفونات، وكل ما يسيّر حياة اللبناني يعتمد ويتكل بشكل كليّ على المولدات. لذا، فان اصحاب المولدات باتوا يستبّدون بالمواطنين بأسعارهم الخيالية، حيث باتت هذه التجارة مربحة جدا، في ظل استيراد هذه الموتيرات من الخارج.

واليوم، عقد تجمّع مالكي الموّلدات مؤتمرا صحافيا للاعلان معارضتهم قرار وزارة الاقتصاد التي أقرت تركيب العدادات للمواطنين، وبسعر محدد، في 12 تموز الماضي. حيث حددت الوازرة يوم 4 تشرين الأول موعدا لتنفيذ القرار. فأعلن اصحاب المولدات انهم سيرفعون دعوى جزائية بحق وزير الاقتصاد رائد خوري بسبب وصفه اصحاب المولدات بـ”المافيا”، واكدوا أن مولداتهم لن تسير بهذه الخسارة. وطالبوا بتسعيرة عادلة ومربحة، لان تسعيرة الوزارة لا تحتسب الصيانة وكلفة التشغيل.

اقرأ أيضاً: الدولة تفاوض أصحاب مولدات الكهرباء.. وفوضى الأسعار مستمرة

وبعد عدة اتصالات مع اصحاب المولدات في ضاحية بيروت الجنوبية رفض عدد منهم الحديث الى الاعلام.

واعتبر احد اصحاب المولدات الكائنة على طريق المطار “ان لا علاقة لنا بالنقابة، ولا نلتزم بقراراتها”.

وفي اتصال آخر مع صاحب احد المولدات (رفض الاعلان عن اسمه) اكد ان “تسعيرة الـ410 ليرة للكيلوواط التي حددها الوزير غير عادلة وغير مربحة، وتتسبب بخسارة”.

اما الادارية في شركة مولدات “الرضا” في بئر العبد، فقد اكدت ل”جنوبية”انه “لا يمكننا ان نقطع الكهرباء عن الناس كما قررت النقابة، واخلاقنا لا تساعدنا على فعل ذلك. ونحن منذ 5 سنوات نعتمد العداد لمن يريد، ولا نواجه أية مشكلة أصلا مع المشتركين في هذا الاطار”.

من جهة ثانية، أكد الخبير الاقتصادي والمسؤول في وزارة الاقتصاد، الدكتور نبيل سرور، لـ”جنوبية” انه “لا شك ان موضوع العدادات والاشتراكات موضوع حيوي ويمّس حاجة الناس المباشرة، ولكن ترتيب هذا الموضوع يحتاج الى توافق بين الجهتين، بمعنى انه ضروري جدا ان تسعى الدولة الى تنظيم الكهرباء، وليس قوننة قطاع المولدات”.

نبيل سرور

ويتابع سرور بالقول “لا بد من ملاحظة الثراء الذي اصاب المولدات، فهذا السوق متفلت ولا بد من ايجاد طريق صحيح له. ووضع ضوابط فعلية صحيحة له. ويجب ان يكون معيار الكهرباء سليما. حتى الان اصحاب المولدات يهددون. إذن، نحن أمام مأزق حقيقي يستدعي حلّا موضوعيا بحيث لا يقع المواطن ضحية”.

وردا على سؤال، قال سرور “بشكل عام الأمور غير واضحة، والوزير ماض في قراراته، وقد طلب من المراقبين تسطير محاضر ضبط، حيث تم تسطير 160 محضر ضبط، وهذه المحاضر قد تكون موجعة لاصحاب المولدات”. وتابع بالقول “بصراحة كوني داخل الوزارة فقد اعطى الوزير التعليمات بالتشدد حيال اصحاب المولدات، وهم يملكون ورقة قوة بقطعهم الكهرباء عن الناس”.

ويتساءل سرور “هل سيحظى الوزير بالتضامن الحكومي، فحتى بعض وزراء التيار الوطني الحر قد يختلفون معه حيال هذا القرار، ونحن كوزارة ماضون بقرار العدادات، لكن هل سينعكس ذلك سلبا على الناس؟”.

اقرأ أيضاً: اشتراك المولدات الكهربائية في صيدا…راوح مكانك

وحول انتعاش تجارة المولدات في لبنان بشكل واسع، قال الدكتور سرور “تجارة المولدات تلعب دورا كبيرا في هذه الازمة، وقد شكّلت مصدر دخل كبير لبعض الدول، كما حدث منذ فترة في العراق في قطاع الكهرباء”.

وردا على سؤال حول الاشاعة التي تقول ان ثمة صفقة عدادات جاهزة، ختم الخبير الاقتصادي، الدكتور نبيل سرور، “لم يتسنَ ليّ التأكد من هذه الاشاعة، ومن مصلحة اصحاب المولدات اطلاقها، وما يقوم به الوزير هو خطوة ممتازة وجبارة. فلمن ستكون الغلبة؟ لا يمكننا الحكم بذلك”.

المعركة بدأت، ولكن مداها الى اين سيصل؟ هذا ما ستظهره قدرة السلطات على مواجهة مافيات المولدات.

السابق
المحكمة الدولية تنتصر لإيران ضدّ أميركا وتثير غضب ترامب
التالي
بعد حوار القوات والمردة: تقارب بين التيّار وحزب الكتائب