تاريخ وصول «التطبير» الى الشيعة ورأيّ علمائهم به

يذكر الكاتب والباحث الدكتور اسحاق النقاش: إن البريطانيين هم من ادخل التسوط (الضرب) بالسلاسل لمدينة النجف عام 1919م بهدف أن يكون بديلاً عن ممارسة شق الروؤس بالسيوف (التطبير).

ويقول النقاش ايضاً في الكتاب نفسه: إن المحتلين البريطانيين فرضوا قيوداً على المواكب الحسينية وخاصة في البصرة لوجود مصالح اقتصادية خاصة بهم في تلك المدينة سعياً منهم الى تغيير شكل الطقوس العنفية (التطبير) التي تقترن بها لتفادي اي خطر يهدد استقرار المدينة.

إقرأ ايضا: عاشوراء.. بين التطبير والتطبيق

وفي مكان ثالث من الكتاب يؤكد المؤلف: إن شعائر محرم بالعراق قد فقدت الكثير من فاعليتها مع انتهاء الحكم الملكي الذي اتخذ عدة اجراءات للحد منها بذريعة السعي الى محاربة الخُرافات والبُدع.

وعلى النهج نفسه سار نظام حزب البعث بمحاربة الشعائر الحسينية وخاصة (التطبير) بعدما توصل الى كونها الشعيرة الأهم في رفع الحماسة وزيادة الشجاعة ولهب المشاعر ضد الظالمين والمستكبرين، ولهذا السبب بالذات كان الإمام الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) يدعم مواكب التطبير ويتبرع لها بالمال.

من جانب اخر ينقل العلامة الشيخ محمد الحسون – الذي أجرى عدة بحوث وتحقيقات حول الشعائر الحسينية – روايتان عن كيفية #دخول_التطبير الى العراق:
الأولى: إنها دخلت لكربلاء عن طريق شيعة القفقاز.
الثانية: إن الشيعة من أتراك اذربيجان وتبريز هم من نقلها للعراق في النصف الاول من القرن التاسع عشر ميلادي. وكون هذه الشعيرة مستحدثة وليست قديمة لا يضر بها طالما هي مندرجة تحت عنوان كلي راجح ، خصوصا إذا عرفنا إن #الشعائرليستتوقيفية، أما إذا اشترطنا ضرورة قدم الشعائر واتصالها بالصدر الأول لزمنا حينها أن نحكم ببطلان لطم الصدور ولبس السواد وتعليق الرايات وركضة طويريج وطبخ الطعام ومشي الاربعين وضرب السلاسل والمسيرات العاشورائية لأنها جميعا لم تكن موجودة في زمن الأئمة عليهم السلام.
فإذا كان المحتلون البريطانيون والملوك وحزب البعث وكل الظلمة قد حاربوا هذه الشعيرة خوفاً منها، فإننا نشهد الان حرباً شعواء تشن عليها من قبل جهات شيعية بعضها متأثرة بفكر الاخوان المسلمين السنية وبعضها منساقة مع فكر الحداثيين وثالثة تسعى لتدجين شعبها وباقي الشيعة لتبقى تتحكم بهم.

ومنذ ظهور شعيرة #التطبير ولليوم وفقهاء التشيع ومراجعه العظام كزعيم الطائفة السيد محمد حسن الشيرازي صاحب ثورة التنباك واستاذ الفقهاء الشيخ النائيني والامام المجاهد كاشف الغطاء ومؤسس حوزة قم الشيخ عبد الكريم الحائري والمرجع الاعلى السيد محسن الحكيم وزعيم حوزة قم السيد حسين البروجردي والفقيه الأعظم المحقق الخوئي والعارف السيد عبد الاعلى السبزواري والمرجع المقدس السيد محمد الصدر والمتأله الشيخ محمد تقي بهجت والمرجع الكبير الشيخ وحيد الخراساني واستاذ النجف الاعظم الشيخ الفياض وأخرين غيرهم يزيدوا عن ثلاثمائة فقيه مدقق أفتوا بإباحة او استحباب أو حتى الوجوب الكفائي لهذه الشعيرة.

لكن اعداء الشعائر من الطوائف الثلاثة المار ذكرها سعت جاهدة بالتدليس على المواطنين فقامت بالكذب وتزوير اراء المراجع وخاصة المتوفين منهم للادعاء بأن #التطبير_محرم، ومن بين الذين شملهم هذا الكذب هو المرجع التقي السيد ابو الحسن الاصفهاني (رض) حيث نسبوا له القول بالتحريم، في حين رأيه بالجواز مشهور و منقول في عدد كبير من الكتب وعلى السنة تلامذته كأية الله الشيخ محمد رضا الطبسي واية الله السيد محمد صادق الروحاني وآية الله الميرزا محمد علي الغروي الاوردبادي واية الله الشيخ عبدالله السبيتي واية الله الشيخ محمد حسين المظفر.

وزيادة في غيهم ابتدعوا قصة #مقتلنجلالمرجع_الاصفهاني (قدس) على يد صاحب موكب تطبير ، في حين واقعة مقتل السيد حسن ابن المرجع الاصفهاني لا علاقة لها بالتطبير لا من قريب ولا من بعيد ، ونجد وقائعها مذكورة في كتاب اعيان الشيعة للسيد الامين: “وقد أُبتلي بقتل ولده وفلذه كبده السيد حسن الذي مرت ترجمته في محلها، فقد قُتل ذبحاً في الصحن الشريف العلوي وهو في صلاة الجماعة خلف والده بين العشائين من رجل يدعى (علي القمي) من اللامزين في الصدقات انتقاماً من والده الذي لم يعطه من المال فوق ما يستحق فشحذ سكيناً وذبح بها هذا النجل الكريم.

والسيد محسن الامين الناقل لقصة مقتل السيد حسن الواردة اعلاه لم يكن من المؤيدين للتطبير، بل هو من الناقمين عليه وعلى عدد غير قليل من الشعائر الحسينية الاخرى حتى قام بتأليف (رسالة التنزيه من أعمال الشبيه) ضمنها نقمته هذه كما هاجم فيها اية الله الشيخ عبد الحسين صادق (رض) عالم النبطية الذي كان راعياً للشعائر الحسينية في جنوب لبنان ومدافعاً عنها وعلى رأسها (التطبير) بجانب الامام المجاهد اية الله السيد عبد الحسين شرف الدين (قدس) صاحب المراجعات، فقام أحد الفقهاء النجفيين القديرين وهو اية الله الشيخ عبد الحسين الحلي(رض) بالرد على (رسالة التنزيه) بكتاب كامل مبيناً فيه الخواء العلمي للأمين من الناحية الفقهية ومبدياً استغرابه من حدة لسانه مع مخالفيه: “ولعمري لقد كانت الأنباء تحمل إلينا من دمشق عظمة هذا المؤلف، وسموّ منزلته في العلم والعرفان، ولكن أوراقه التي رأيناها – التي ألمعنا عن مفتتحها وما وقع في أثنائها من الكلمات التي يتنزّه عنها المقام الروحاني – لا تجعل لتلك الأنباء قيمة تذكر، إذ أنّها من جهة الاستدلال العلمي تحطّ من مقدار عرفانه المزعوم، ومن جهة الانتقاد الغير النزيه، تشين الأخلاق والآداب المنحولة له”.

إقرأ ايضا: السيد علي السيستاني: يفتي بحرمة التطبير

ومما يؤسف له أن خادم أخر للشريعة الغراء المخلصين (الدكتور احمد الوائلي) يقع بنفس ما وقع به السيد الامين قبل قرناً من الزمن تقريباً فيهاجم هذه الشعيرة خلافاً لآراء مراجع الأمة وفقهائها المشهورين بعمقهم ودقتهم ويتناول بمحاضرة له الممارسين لهذه الشعيرة بكلمات قاسية واوصاف لا تليق ان تصدر من أمثاله.

السابق
واشنطن تهدد بضرب موسكو في حال…
التالي
7 حافلات تقدمة «USAID» لمدارس الجنوب