مخاطر داخلية وخارجية تهدد لبنان وسط يأس من تأليف الحكومة

من غير المتوقع أن تولد الحكومة في وقت قريب، فالمواقف الداخلية والإقليمية على ‏حالها، وعودة السقوف المرتفعة المتبادلة..

لم يحرك ما يواجهه لبنان من حملات وتهديدات إسرائيلية تحت ذريعة كشف قواعد ومنصات صاروخية ثقيلة قرب مطار رفيق الحريري ‏الدولي ومناطق اخرى في الضاحية الجنوبية، ساكنا لدى المسؤولين إزاء ضرورة تحريك المياه الراكدة في الملف الحكومي وبحسب “النهار” فان الجمود الذي شل الى حدود واسعة المساعي ‏المتصلة بأزمة التأليف لا يقل اثارة للقلق من الحملات الاسرائيلية. ولعل اللافت في هذا السياق انه وسط العد العكسي لاحياء ذكرى ‏مرور سنتين على انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في نهاية الشهر الجاري، لم تبرز أي معطيات جدية عن ضمان انتهاء ‏ازمة التشكيل الجديدة بدليل ان الكلام على طرح تفعيل حكومة تصريف الاعمال قد اتخذ بعداً جدياً للغاية في الايام الاخيرة وباتت ‏قوى سياسية عدة تعيد النظر في مواقفها السابقة التي كانت متحفظة عن هذا الأمر‎.‎

إقرأ ايضًا: عون من الخارج يفاجئ حلفاءه وخصومه ويهدد بحكومة أكثرية
‎ ‎
ووسط هذه الاجواء تأسف الرئيس عون لتأخر عملية التأليف  والاجواء التي تثار حولها. ونقل عنه ‏زواره انه لم يضع العراقيل في وجه الرئيس المكلف سعد الحريري بل على العكس طالبه بوضع معايير موحدة واعداد الصيغة الوزارية ‏التي يريد وانه لم يتعد على صلاحياته بل مارس حقه في ابداء ملاحظاته على التشكيلة الحكومية‎.‎

كما اكتفت مصادر مواكبة لعملية التشكيل بالقول لـ”اللواء” ان ما من شيء منتظر على هذا الصعيد الا اذا طرأ تطور ‏اخر باعتبار انه حتى الان ما من عامل جديد في هذا السياق. ولفتت الى ان الرئيس الحريري لم يقدم ولم ‏يعرض شيئا. اما اذا كان هناك من لقاء بين الرئيسبين عونو الحريري فإن المصادر نفسها اشارت ان لا معلومات مؤكدة عن ‏حصوله اوعدمه‎.‎
وأشارت “الجمهورية” أن الرئيس عون، وخلافاً لاعتقاد البعض، ليس خائفاً من أن يؤدي استمرار التأخير ‏في تأليف الحكومة الى إحباط عهده، أو تعريضه لانتكاسة كبيرة. والعارفون بالرجل يؤكدون أنه غير متأثِّر سلباً بالتأخير الحاصل، وأنه مستعد ‏للتعايش معه طويلاً بلا أي حرج‎.‎

وأشارت إلى إن اقتراح عون تأليف حكومة أكثرية هو اقتراحٌ جدي، على حد ما يقول عارفوه، ويؤكدون أنه ‏مستعد للسير فيه الى النهاية، ولكن دونه عقبات كثيرة، حيث أنّ الرئيس‏الحريري لا يحبذه، وهو المتمسِّك بتأليف “حكومة وحدة وطنية” لأسباب وموجبات بعضها ‏داخلي والبعض الآخر خارجي. كذلك، لا يحبذه حزب “القوات اللبنانية” ولا “الحزب ‏التقدمي الاشتراكي”، علماً ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يعارض قبل كلّ ‏هؤلاء حكومة الأكثرية، حتى لا يصبح التمثيل هنا أو هناك حِكراً على فريق بعينه، الأمر الذي ‏يخالف “اتفاق الطائف” الذي أقام سلطة الشراكة الوطنية عبر تأليف حكومات وفاق ووحدة ‏وطنية‎.‎

وفي آخر لقاء بينهما، فاتحَ عون الحريري جدياً في أمر تأليف حكومة أكثرية وليشترك فيها من ‏يشترك وليعارضها من يعارض، ولكن الحريري لم يؤيّد هذا الطرح، إذ عندما سأله عن تمثيل ‏‏”القوات”، ردّ عليه: ولماذا انت متمسِّك بهذا المقدار بتمثيل “القوات”، فلا مشكلة في ‏عدم مشاركتها في الحكومة إذا ارادت هي استبعاد نفسها؟. وردّ الحريري قائلاً: “وماذا عن ‏جنبلاط ايضاً؟”. فأجاب عون: “وهو الآخر إذا كان لا يريد المشاركة وبقي متمسكاً بشروطه، ‏لا مشكلة فليبقَ خارج الحكومة‎”.‎

وعندما قال الحريري لعون انّ الرئيس بري يعارض بشدة تأليف حكومة أكثرية، لاذ الأخير ‏بالصمت للحظات، ثم قال له: “يمكن ان أعالج موقفه بالتشاور مع “حزب الله‎”.‎
لكن الحريري لم يجارِ عون في طرحه أصلاً وفصلاً، أولاً لعدم استساغته استبعاد حليفيه ‏‏”القوات” و”الحزب الاشتراكي”، عدا عن تأكده من معارضة بري لهذا الأمر.

إقرا ايضًا: لقاء مرتقب بين عون والحريري.. وتصعيد في المواقف

وفي تقدير مصادر سياسية متابعة، ان لبنان امام مرحلة مفصلية وصعبة، وسط سباق بين التفاؤل والتشاؤم، وان كانت بعض القوى السياسية ‏تؤكد استحالة ولادة حكومة في فترة قريبة، مشيرة إلى ان الجميع بات في هذه الأجواء، وان كان الكلام التفاؤلي مطلوباً لتوفير جرعات ‏طمأنة اقتصادية، بعدما بات الخوف على الليرة يقضّ مضاجع اللبنانيين‎.‎

إلى ذلك يزداد الملف تعقيدا مع عودة السقوف المرتفعة، وبدورها أكدت مصادر تيار المستقبل لـ “الجمهورية” أن لا مزيد من التنازلات من قبله، مشيرا إلى أنه  قدّم أكثر ممّا يجب تقديمه لتشكيل حكومة العهد، وهذا يكفي”.
ورأى المصدر نفسه أنّ ا”على رئيس الجمهورية التخلي عن المطالب المضخّمة للتيار الوطني الحرّ لأنه الجهة الوحيدة التي لم تقدّم  أية تنازلات إنما فقط يطالب بذلك. وفيما يتعلّق بالأزمة الاقتصادية فلا يجوز تحمل مسؤوليتها فقط  للرئيس المكلف سعد الحريري إنما  على الموقع الدستوري الأوّل، أي رئاسة الجمهورية، سيما في ظلّ حكومة تصريف أعمال”.

 

السابق
رحيل شارل أزنافور آخر عمالقة الغناء الفرنسي
التالي
انتخابات «الجهاد الإسلامي».. إدارة إيرانية كاملة